وَمَنْ اسْتَمْهَلَ لِدَفْعِ بَيِّنَةٍ، أُمْهِلَ بِالِاجْتِهَادِ:
ــ
[منح الجليل]
فِي عَزْوِهِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَبُولِهِ بِأَنَّهُ خِلَافُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى. وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ غَيْرُ مَنْصُوصٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مُخَرَّجٌ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ اللَّخْمِيَّ حَكَاهُ بِقِيلَ، فَالْمُنَاسِبُ وَإِنْ قَالَ أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك الْغَائِبُ أَوْ قَضَيْته فَلَا يُنْتَظَرُ فِي الْبَعِيدَةِ بِخِلَافِ الْقَرِيبَةِ، فَيُؤَخَّرُ لِيَمِينِ الْقَضَاءِ وَوُجِدَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِنْ قَالَ أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك الْغَائِبُ، أُنْظِرَ فِي الْقَرِيبَةِ. وَفِي الْبَعِيدَةِ يَحْلِفُ الْوَكِيلُ مَا عَلِمَ بِقَبْضِ مُوَكِّلِهِ وَيَقْضِي لَهُ، فَإِنْ حَضَرَ الْمُوَكِّلُ حَلَفَ وَاسْتَمَرَّ الْقَبْضُ وَإِلَّا حَلَفَ الْمَطْلُوبُ، وَاسْتَرْجَعَ مَا أَخَذَ مِنْهُ. " غ " حَلَفَ الْوَكِيلُ قَالَهُ ابْنُ كِنَانَةَ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّهُ بَعِيدٌ جِدًّا، إذْ لَا يَحْلِفُ شَخْصٌ لِيَنْتَفِعَ غَيْرُهُ، وَمَا بَعْدَهُ سَاقَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلًا آخَرَ، وَنَسَبَهُ فِي تَوْضِيحِهِ لِابْنِ الْمَوَّازِ، فَقَدْ رَكَّبَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْفَتْوَى مِنْ قَوْلَيْنِ.
الْحَطّ أَمَّا حَلِفُ الْوَكِيلِ فَقَالَهُ ابْنُ كِنَانَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَأَمَّا مَا بَعْدَهُ فَتَقَدَّمَ أَنَّ ابْنَ كِنَانَةَ وَابْنَ الْقَاسِمِ وَابْنَ الْمَوَّازِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ وَلَا يُؤَخَّرُ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّ لَهُ تَحْلِيفَ الْمُوَكِّلِ إذَا لَقِيَهُ، فَإِنْ حَلَفَ مَضَى، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ وَاسْتَرْجَعَ مَا دَفَعَ فَهَذِهِ النُّسْخَةُ حَسَنَةٌ مُوَافِقَةٌ لِلرَّاجِحِ مِنْ الْأَقْوَالِ إلَّا حَلِفَ الْوَكِيلِ، فَإِنَّهُ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ.
الثَّانِي: لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِ الْمَطْلُوبِ أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك كَمَا فُرِضَ فِي سَمَاعِ عِيسَى، وَقَوْلِهِ قَبَضَهُ مِنِّي مُوَكِّلُك. الثَّالِثُ: إذَا قُضِيَ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِالْحَقِّ ثُمَّ لَقِيَ الْمُوَكِّلَ فَاعْتَرَفَ بِالْإِبْرَاءِ أَوْ الْقَبْضِ أَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ وَحَلَفَ الْمَطْلُوبُ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِالْحَقِّ عَلَى الْوَكِيلِ أَوْ الْمُوَكِّلِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى وَكِيلِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ عَلَى دَفْعِهِ لَهُ بَيِّنَةً وَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى دَفْعِهِ لَهُ.
(وَمَنْ) شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَأُعْذِرَ لَهُ فِيهَا فَادَّعَى حُجَّةً وَ (اسْتَمْهَلَ) أَيْ طَلَبَ الْإِمْهَالَ وَالتَّأْخِيرَ (لِدَفْعِ بَيِّنَةٍ) شَهِدَتْ عَلَيْهِ أَوْ جُرِحَتْ بَيِّنَتَهُ (أُمْهِلَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْهَاءِ أَيْ أُخِّرَ وَضُرِبَ لَهُ أَجَلٌ (بِالِاجْتِهَادِ) مِنْ الْحَاكِمِ بِحَسَبِ الدَّعْوَى وَالْمُدَّعَى فِيهِ وَتَقَدَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute