وَإِنْ حُصِرَ عَنْ الْإِفَاضَةِ، أَوْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِغَيْرٍ: كَعَرْضٍ أَوْ خَطَأِ عَدَدٍ، أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ لَمْ يَحِلَّ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ بِلَا إحْرَامٍ وَلَا يَكْفِي قُدُومُهُ.
وَحُبِسَ هَدْيُهُ مَعَهُ، إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُجْزِهِ
ــ
[منح الجليل]
وَإِنْ) تَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ وَ (حُصِرَ) بِمَا سَبَقَ مِنْ أَحَدِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ (عَنْ الْإِفَاضَةِ) أَيْ: عَرَفَةَ وَسَمَّاهَا إفَاضَةً قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} [البقرة: ١٩٨] قَالَهُ تت أَيْ: فَلَمَّا كَانَتْ مَبْدَأَ الْإِفَاضَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا بَعْدَ عَرَفَةَ سُمِّيَتْ عَرَفَةُ إفَاضَةً مَجَازًا مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ؛ لِأَنَّ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ تَسَبَّبَ عَنْ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ (أَوْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ) بِعَرَفَةَ جُزْءًا مِنْ لَيْلَةِ الْعِيدِ (بِغَيْرٍ) أَيْ غَيْرِ عَدُوٍّ وَفِتْنَةٍ وَحَبْسٍ لَا بِحَقٍّ (كَمَرَضٍ أَوْ خَطَأِ عَدَدٍ) وَلَوْ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْمَوْسِمِ بِعَاشِرٍ أَوْ خَفَاءِ هِلَالٍ لِغَيْرِ الْجَمِّ بِعَاشِرٍ (أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ) وَمِنْهُ حَبْسُ مَدِينٍ لَمْ يَثْبُتْ عُسْرُهُ (لَمْ يَحِلَّ) فِي ذَلِكَ كُلُّهُ إنْ شَاءَ التَّحَلُّلَ (إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ بِلَا إحْرَامٍ) بِالْكَيْفِيَّةِ السَّابِقَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ بِهَا، وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَأْتِيَ هُنَا بِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَكُرِهَ إبْقَاءُ إحْرَامِهِ إنْ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا فَإِنَّ هَذَا مَحَلُّهُ.
(وَلَا يَكْفِي قُدُومُهُ) وَسَعْيُهُ عَقِبَهُ الَّذِي فَعَلَهُ يَوْمَ دُخُولِهِ مَكَّةَ عَنْ طَوَافِهِ الْعُمْرَةَ وَسَعْيَهَا الْمَطْلُوبَيْنِ لِلتَّحِلَّةِ بَعْدَ الْفَوَاتِ، وَلَعَلَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ إحْرَامَهُ لَا يَنْقَلِبُ عُمْرَةً مِنْ أَصْلِهِ بَلْ مِنْ وَقْتِ نِيَّةِ فِعْلِ الْعُمْرَةِ، وَفِي هَذَا خِلَافٌ.
(وَحُبِسَ) الْمُحْصَرُ بِمَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ (هَدْيُهُ مَعَهُ إنْ لَمْ يَخَفْ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ (عَلَيْهِ) أَيْ: الْهَدْيِ الْعَطَبَ، وَأَمَّا الْمُحْصَرُ بِعَدُوٍّ فَإِنْ أَمْكَنَهُ إرْسَالَهُ أَرْسَلَهُ وَإِلَّا ذَكَّاهُ بِأَيِّ مَحَلٍّ كَانَ، وَمَفْهُومُ إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ خَافَ عَلَيْهِ أَرْسَلَهُ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا ذَكَّاهُ بِمَوْضِعِهِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: حَبْسُ الْوَاجِبِ مَعَهُ وَاجِبٌ وَالتَّطَوُّعُ مَنْدُوبٌ، وَقَالَ أَحْمَدُ حَبْسُ التَّطَوُّعِ وَاجِبٌ أَيْضًا (وَلَمْ يُجْزِهِ) أَيْ: هَذَا الْهَدْيَ الْمُحْصَرَ الَّذِي قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ قَبْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute