دَمًا قَوِيًّا وَإِلَّا فَلَا تَمْيِيزَ وَقَوْلُهُ: وَتَكَرَّرَتْ لَيْسَ بِشَرْطٍ كَمَا عَلِمْت مِمَّا مَرَّ عَنْ الْمَجْمُوعِ وَقَوْلُهُ: فَفِيهَا وَجْهَانِ إلَخْ غَيْرُ صَحِيحٍ مِنْ حَيْثُ حِكَايَةُ الْخِلَافِ وَمِنْ حَيْثُ قَوْلُهُ: فِي الثَّانِي أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ كَمَا مَرَّ حَاصِلُهَا أَمَّا إذَا حَاضَتْ خَمْسَتَهَا الْمَعْهُودَةَ أَوَّلَ الشَّهْرِ، ثُمَّ طَهُرَتْ عِشْرِينَ، ثُمَّ عَادَ الدَّمُ فِي الْخَمْسَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ فَقَدْ تَقَدَّمَ حَيْضُهَا وَصَارَ دَوْرُهَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ فَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ بِأَنْ رَأَتْ الْخَمْسَةَ الْأَخِيرَةَ دَمًا وَانْقَطَعَ، ثُمَّ طَهُرَتْ عِشْرِينَ.، ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ خَمْسَةً، ثُمَّ طَهُرَتْ عِشْرِينَ وَهَكَذَا مَرَّاتٍ، أَوْ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ رُدَّتْ إلَى ذَلِكَ وَجُعِلَ دَوْرُهَا أَبَدًا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ بِأَنْ اسْتَمَرَّ الدَّمُ مِنْ الْخَمْسَةِ الْأَخِيرَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فَحَاصِلُ مَا يَخْرُجُ مِنْ طُرُقِ الْأَصْحَابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَنَظَائِرِهَا أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا تَحِيضُ خَمْسَةً مِنْ أَوَّلِ الدَّمِ وَتَطْهُرُ عِشْرِينَ وَهَكَذَا أَبَدًا وَالثَّانِي تَحِيضُ خَمْسَةً وَتَطْهُرُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَالثَّالِثُ تَحِيضُ عَشَرَةً مِنْ هَذَا الدَّمِ وَتَطْهُرُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ ثُمَّ تُحَافِظُ عَلَى دَوْرِهَا الْقَدِيمِ وَالرَّابِعُ أَنَّ الْخَمْسَةَ الْأَخِيرَةَ اسْتِحَاضَةٌ وَتَحِيضُ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ خَمْسَةً وَتَطْهُرُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ. عَلَى عَادَتِهَا الْقَدِيمَةِ انْتَهَتْ بِلَفْظِهَا وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي رَدِّ مَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ وَفِي رَدِّ قَوْلِهِ عَنْ هَذَا الْوَجْهِ الرَّابِعِ الضَّعِيفِ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَقَوْلِ الْمَجْمُوعِ بَعْدَهَا بِأَسْطُرٍ: أَمَّا إذَا كَانَتْ عَادَتُهَا الْخَمْسَةَ الْأُولَى فَرَأَتْهَا، ثُمَّ طَهُرَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ أَطْبَقَ الدَّمُ فَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَشَيْخِهِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهَا عَلَى عَادَتِهَا فَحَيْضُهَا خَمْسَةٌ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ وَبَاقِيه طُهْرٌ وَلَا أَثَرَ لِلدَّمِ الْمَوْجُودِ فِيهِ وَالثَّانِي أَنَّ الْخَمْسَةَ الْأُولَى مِنْ الدَّمِ الثَّانِي حَيْضٌ فَعَلَى هَذَا يَصِيرُ دَوْرُهَا عِشْرِينَ خَمْسَةٌ حَيْضٌ وَالْخَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرٌ وَبَيَّنَ فِي الْمُهَذَّبِ. أَنَّ هَذَا الثَّانِيَ لِابْنِ سُرَيْجٍ قُلْت هَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ صُورَةُ وَجْهَيْ الْمُصَنِّفِ اللَّذَيْنِ سَبَقَا عَنْهُ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ فَهُوَ إمَّا وَاهِمٌ لِأَنَّهُ انْتَقَلَ نَظَرُهُ فَأَجْرَى فِي تِلْكَ الصُّورَةِ حُكْمَ هَذِهِ وَهَذَا أَقْرَبُ بِدَلِيلِ تَعْلِيلِهِ لِلْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا أَوْ قَايَسَ قِيَاسًا غَيْرَ صَحِيحٍ فَأَجْرَى حُكْمَ هَذِهِ فِي تِلْكَ مَعَ فَرْقِهِمْ بَيْنَهُمَا حُكْمًا وَخِلَافًا ثُمَّ رَأَيْت الْمُصَنِّفَ نَفْسَهُ نَقَلَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى الصَّوَابِ فِيمَا يَأْتِي وَأَشَارَ إلَى إشْكَالٍ وَسَأَذْكُرُ حَلَّهُ مَعَ حَلِّ هَذَا الْإِشْكَالِ أَيْضًا بِحَمْدِ اللَّهِ وَمَعُونَتِهِ وَتَوْفِيقِهِ وَهِدَايَتِهِ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ رَأَتْ الدَّمَ مُسْتَمِرًّا بَعْدَ عِشْرِينَ نَقَاءً) . هَذِهِ هِيَ الصُّورَةُ الَّتِي حَكَى فِيهَا الْوَجْهَيْنِ وَقَدْ نَاقَضَ نَفْسَهُ فَحَكَى فِيهَا فِيمَا مَرَّ الْوَجْهَيْنِ وَقَالَ إنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ أَنَّ حَيْضَهَا لَيْسَ مِنْ أَوَّلِ الدَّمِ بَلْ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ عَمَلًا بِعَادَتِهَا وَجَزَمَ فِيهَا هُنَا بِأَنَّ الْحَيْضَ خَمْسَةٌ مِنْ أَوَّلِ الدَّمِ الْعَائِدِ وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ كَمَا قَدَّمْته عَنْ الْمَجْمُوعِ وَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: إذَا تَكَرَّرَ) لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ إلَّا فِي الْعَادَةِ الْمُنْتَظِمَةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: يَعْنِي بَعْد أَنْ رَأَتْ دَوْرَ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ دَمًا مَرَّةً وَنَقَاءً مَرَّةً وَاحِدَةً) هَذَا لَيْسَ مُرَادُهُمْ بَلْ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ مُصَرِّحٌ بِمَا يَرُدُّ هَذَا التَّأْوِيلَ وَقَدْ سُقْته بِلَفْظِهِ قَرِيبًا. فَرَاجِعْهُ عَلَى أَنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ مُنَاقِضٌ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ بِأَنْ اسْتَمَرَّ الدَّمُ مِنْ الْخَمْسَةِ الْأَخِيرَةِ إذْ قَوْلُهُ: يَعْنِي إلَخْ فِيهِ إثْبَاتُ تَكَرُّرِهِ مَعَ أَنَّ الْمُتَقَدِّمَ عَدَمُ تَكَرُّرِهِ فَكَيْفَ يَلْتَئِمَانِ؟ وَكَأَنَّهُ ذَكَرَ هَذَا ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ يَنْدَفِعُ بِهِ مَا يَأْتِي مِنْ الْإِشْكَالِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا مَا وَقَعَ لَهُ مِنْ التَّخَالُفِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ فِيمَا مَرَّ وَهُنَا حَيْثُ حَكَى فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَوَّلًا وَجْهَيْنِ وَأَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ مِنْهُمَا إلْغَاءُ الدَّمِ فِي الْخَمْسَةِ الْأَخِيرَةِ، ثُمَّ بَعْدَ أَسْطُرٍ جَزَمَ فِيهَا بِأَنَّ الْخَمْسَةَ الْأَخِيرَةَ حَيْضٌ مِنْ غَيْرِ هَذَا التَّأْوِيلِ.، ثُمَّ بَعْدَ أَسْطُرٍ ذَكَرَ فِيهَا ذَلِكَ مَعَ هَذَا التَّأْوِيلِ وَذَلِكَ مِمَّا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ اسْتَشْكَلَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ بِأَنَّهُ خِلَافُ الْقَوَاعِدِ الْمُقَرَّرَةِ إلَخْ) لَيْسَ فِيهِ خِلَافٌ لَهَا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْعَادَةَ فِي الطُّهْرِ تَثْبُتُ بِمَرَّةٍ كَالْحَيْضِ وَهِيَ هُنَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا طَهُرَتْ بَعْدَ خَمْسَتِهَا عِشْرِينَ، ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ رَأَتْهُ فِي زَمَنِ الْإِمْكَانِ فَجُعِلَ حَيْضًا وَيَلْزَمُ مَنْ جَعَلَهُ حَيْضًا أَنَّ مَا قَبْلَهُ طُهْرٌ صَحِيحٌ فَقَدْ اسْتَقَرَّ لَهَا طُهْرٌ صَحِيحٌ وَقَعَتْ عَقِبَهُ الِاسْتِحَاضَةُ فَرُدَّتْ إلَيْهِ فِي الطُّهْرِ كَمَا رُدَّتْ إلَى مِثْلِ خَمْسَتِهَا فِي الْحَيْضِ وَحِينَئِذٍ لَزِمَ أَنَّ أَوَّلَ الدَّمِ الْعَائِدِ خَمْسَةٌ حَيْضًا وَعِشْرُونَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute