للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طُهْرًا عَمَلًا فِي الْحَيْضِ بِالْعَادَةِ الْمُسْتَقِرَّةِ مِنْ جِهَةِ الْقَدْرِ لَا الزَّمَنِ لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهَا وَفِي الطُّهْرِ بِالْعَادَةِ الْأَخِيرَةِ الثَّابِتَةِ بِمَرَّةِ الَّتِي وَلِيَتْهَا الِاسْتِحَاضَةُ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ السَّابِقَةُ أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ تُرَدُّ إلَى آخِرِ الْعَادَاتِ الَّتِي وَلِيَهَا شَهْرُ الِاسْتِحَاضَةِ هَذَا جَوَابُ هَذَا الْإِشْكَالِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ فَإِنْ قِيلَ هَذَا الدَّوْرُ حَدَثَ فِي زَمَنِ الِاسْتِحَاضَةِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ فَقَدْ أَثْبَتِنَا عَادَةَ الِاسْتِحَاضَةِ مَعَ دَوَامِ الِاسْتِحَاضَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ الْمُمَيِّزَةَ ثَبَتَتْ لَهَا بِالتَّمْيِيزِ عَادَةٌ مَعْمُولٌ بِهَا اهـ.

وَأَمَّا مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُشْكِلَةِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَسَيَأْتِي جَوَابُهُ فِي عِبَارَةِ شَرْحِ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: تَحَكُّمًا بِغَيْرِ دَلِيلٍ) كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَصْدُرَ مِنْهُ مِثْلُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فِي حَقِّ النَّوَوِيِّ التَّابِعِ لِلْأَصْحَابِ فِيمَا ذَكَرَهُ وَإِنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنْ يَقُولَ: هَذَا مُشْكِلٌ وَنَحْوُهُ عَلَى أَنَّهُ سَيَأْتِي دَلِيلُهُ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُ إلَخْ) سَيَأْتِي فِي تِلْكَ الْعِبَارَةِ مَا يَرُدُّ هَذَا الْقِيَاسَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَنَبَّهْ أَحَدٌ إلَخْ) قَدْ تَنَبَّهْت لِذَلِكَ بِمَعُونَةِ اللَّهِ وَإِلْهَامِهِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَأَجَبْت بِمَا تَقَرُّ بِهِ الْعَيْنُ حَسَبَ جَهْدِي عَمَّا أَبْدَيْتُهُ فِيهِ مِنْ التَّنَاقُضِ بَيْنَ مَسَائِلَ مِنْهَا هَذِهِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ. وَمَسَائِلَ أُخْرَى كُلُّهَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: وَرَأَوْا الرَّدَّ إلَخْ) هَذَا الرَّأْيُ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ مُخَالَفَةَ صَرِيحِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ لَا تَجُوزُ وَإِنْ خَالَفَ الْقَوَاعِدَ فِي ظَنِّ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ مُجْتَهِدُونَ وَغَيْرُهُمْ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَزِمَهُ الرُّجُوعُ إلَيْهِمْ وَالِاسْتِمْسَاكُ بِهَدْيِهِمْ وَآرَائِهِمْ وَإِنْ ظَنَّهَا مُخَالِفَةً لِلْقَوَاعِدِ بِحَسَبِ تَصَوُّرِهِ (قَوْلُهُ: وَظَهَرَ لِي مِنْ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ إلَخْ) سَيَظْهَرُ مِمَّا سَأَذْكُرُهُ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ إيضَاحُ كَلَامِهِمَا عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ لَا سَقَطَ فِيهِ بِوَجْهٍ عَلَى أَنَّ دَعْوَى السَّقَطِ مِنْهُ. وَأَنَّهُمَا وَمَنْ بَعْدَهُمَا غَفَلُوا عَنْ ذَلِكَ فِيهَا الْجَرَاءَةُ عَلَيْهِمَا وَعَلَى جَمِيعِ مَنْ بَعْدَهُمَا بِالْغَلَطِ وَهَذَا لَا يَنْبَغِي وَإِنَّمَا الَّذِي يَنْبَغِي لِمَنْ قَامَ عِنْدَهُ إشْكَالُ شَيْءٍ أَنْ يَقْضِيَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْقُصُورِ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فَإِنَّ الْفِقْهَ مِنْهُ مُشْكِلٌ وَمِنْهُ غَيْرُ مُشْكِلٌ وَغَايَةُ الْعُلَمَاءِ الْآنَ وَقَبْلَهُ أَنْ يَفْهَمُوا نَحْوَ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَيُقَرِّرُونَهُ عَلَى وَجْهِهِ مَعَ اعْتِرَافِهِمْ بِأَنَّ فِيهِ مُشْكِلَاتٍ تَحْتَاجُ إلَى تَمَحُّلَاتٍ حَتَّى يَقْرُبَ فَهْمُهَا وَيَتَّضِحَ عِلْمُهَا وَمِنْ ثَمَّ أَعْرَضُوا عَنْ مُغَلِّطِيهِمَا وَالْمُعْتَرِضِينَ عَلَيْهِمَا وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إلَيْهِمْ وَإِنْ جَلَّتْ مَرَاتِبُهُمْ وَكَذَلِكَ الشَّيْخَانِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى مَعَ الْأَصْحَابِ.

فَإِنَّهُمَا يَنْقُلَانِ عَنْهُمْ غَرَائِبَ يُقِرَّانِ أَكْثَرَهَا وَلِذَلِكَ قَدْ يَعْرِضُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا لِلتَّغْلِيطِ وَأَمَّا الْمَجْمُوعُ فَهُوَ فِيهِ كَالْمُجْتَهِدِ فَلِذَا أَكْثَرَ فِيهِ مِنْ التَّغْلِيطِ وَلَا دَلَالَةَ لِلْمُصَنِّفِ فِيمَا ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ وَمَا بَعْدَهُ إذْ لَيْسَ فِيهِ دَعْوَى سَقَطٍ عَلَى أَنَّ جَمْعًا مُحَقِّقِينَ قَالُوا إنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الطَّرِيقَتَيْنِ كَمَا بَيَّنْت ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَالْعُبَابِ وَغَيْرِهِمَا وَكَذَا مَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيّ وَغَيْرُهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا حَمْلُ عِبَارَتِهَا عَلَى أَنَّهَا مُفَرَّعَةٌ عَلَى ضَعِيفٍ وَهَذَا يَقَعُ كَثِيرًا لِلْمُتَكَلِّمِينَ عَلَيْهَا وَعَلَى أَصْلِهَا أَنَّهُمْ يُفَرِّعُونَ مَا فِيهَا عَلَى ضَعِيفٍ لِأَدِلَّةٍ قَامَتْ عِنْدَهُمْ عَلَى ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ: وَلَعَلَّ مَا ظَنَنَّاهُ إلَخْ لَا يَتِمُّ لَهُ إلَّا لَوْ رَأَى مَا ظَنَّهُ سَاقِطًا مِنْ الرَّوْضَةِ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْعَزِيزِ كَمَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي اسْتَشْهَدَ بِهِ وَأَمْثَالِهِ فَإِنَّهُمْ لَا يَحْكُمُونَ عَلَى الرَّوْضَةِ بِذَلِكَ إلَّا وَيَسْتَنِدُونَ فِيهِ إلَى أَنَّ هَذَا السَّاقِطَ مِنْهَا مَوْجُودٌ فِي نُسَخِ الْعَزِيزِ الْمُعْتَمَدَةِ فَحِينَئِذٍ يَسُوغُ لَهُمْ أَنْ يَدَّعُوا أَنَّهُ تَبِعَهُ عَلَى مَا فِيهَا مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ لِلسَّقَطِ عَلَى أَنَّ جَمَاعَةً مِنْهُمْ قَدْ يَنْتَصِرُونَ لِمَا فِيهَا وَإِنْ خَالَفَ مَا فِي أَكْثَرِ نُسَخِ أَصْلِهَا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ مَا لَوْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَهُوَ فِي شُغْلِ الِارْتِحَالِ مِنْ مِنًى كَمَا بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي حَاشِيَةِ مَنَاسِكِ النَّوَوِيِّ الْكُبْرَى وَغَيْرِهَا. وَقَوْلُهُ: وَلْنُبَيِّنْ مَا بَنَيْتُ عَلَيْهِ الْوُجُوهَ إلَخْ قَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ وَغَيْرَهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَلَى وَجْهٍ أَظْهَرَ وَأَمَتْنَ مِمَّا ذَكَرَهُ كَمَا يُعْلَمُ بِتَدَبُّرِ عِبَارَتِهِ وَمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِمَّا لَمْ أُسْبَقُ إلَيْهِ إلَّا أَنَّنِي وَالْمُؤَلِّفَ جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا وَقَعَ لَنَا مُوَافَقَةٌ فِي قَلِيلٍ مِنْهُ فَعَلَى النَّاظِرِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُمْعِنَ التَّأَمُّلَ فِيهِ فَإِنَّ هَذَا الْمَحَلَّ مَزَلَّةُ قَدَمٍ فِي الْمَجْمُوعِ كَمَا ذَكَرْته فِي تِلْكَ الْعِبَارَةِ وَلَفْظِهَا مَعَ الْمَتْنِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ (وَمَنْ عَادَتُهَا الْخَمْسَةُ الثَّانِيَةُ فَرَأَتْهُ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَجَاوَزَ) نِصْفَهُ (وَاسْتُحِيضَتْ) بِأَنْ اسْتَمَرَّ (فَحَيْضُهَا) عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَشَيْخِهِ أَبِي الطَّيِّبِ وَصَاحِبِ الْبَيَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>