للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْجَزْمَ وَفِيمَا فِي كَلَامِهِمْ يُنَافِيهِ وَإِنَّهُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فِي أَمْرٍ تَابِعٍ وَفِيمَا فِي كَلَامِهِمْ فِي الْمَتْبُوعِ الْمَقْصُودِ بِالذَّاتِ وَيُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ مُسْتَنَدٍ صُورَتُهُ بَعْد أَنْ ثَبَتَ لَدَى سَيِّدنَا فُلَانٍ بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ أَنَّ فُلَانًا وَكَّلَ وَلَدَهُ فِي إيقَافِ الْأَمْكِنَةِ الْكَائِنَةِ بِالْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ الْجَارِيَةِ فِي اسْتِحْقَاقِ مِلْكِهِ وَتَصَرُّفِهِ وَحِيَازَتِهِ إلَى حِينِ صُدُورِ هَذَا الْوَقْفِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَعْلَاهُ وَأَشْهَد عَلَيْهِ الْوَكِيلَ الْمَذْكُورَ أَنَّهُ وَقَفَ عَنْ وَالِدِهِ الْمُوَكِّلِ الْمَذْكُورِ كَذَا وَكَذَا وَذَكَرَ الْأَمْكِنَةِ وَحُدُودَهَا ثُمَّ بَعْد مَا ذَكَر قَالَ وَحَكَمَ سَيِّدُنَا بِمُوجَبِ ذَلِكَ حُكْمًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ الشَّرْعِيَّةَ بَعْد أَنْ أَعْذَرَ فِي ذَلِكَ إلَى مَنْ تَوَجَّهَ لَهُ الْإِعْذَارُ شَرْعًا هَلْ قَوْله الثُّبُوتُ الشَّرْعِيّ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ قَاصِرٌ عَلَى ثُبُوتِ التَّوْكِيلِ أَوْ يَشْمَلُهُ وَيَشْمَلُ جَرَيَانَ الْأَمْكِنَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي مِلْكِ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورِ إلَى حِينِ صُدُورِ الْوَقْفِ وَهَلْ قَوْلُهُ أَيْضًا وَحَكَمَ سَيِّدنَا بِمُوجَبِ ذَلِكَ مُشَارٌ بِهِ إلَى ثُبُوتِ الْوَكَالَةِ وَجَرَيَانِ الْأَمْكِنَةِ فِي الْمِلْكِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ بِمَا صُورَته قَوْلُهُ يَثْبُتُ إلَخْ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ مَا فِي حَيِّزِهِ فَيَكُونَ الثَّابِتُ التَّوْكِيلَ وَالْجَرَيَانَ الْمَذْكُورَ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ أَئِمَّتنَا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - لَوْ شَهِدَا بِتَوْكِيلِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فُلَانًا كَانَتْ تِلْكَ الشَّهَادَةُ شَهَادَةً بِالنَّسَبِ لِلْمُوَكِّلِ ضِمْنًا وَبِالتَّوْكِيلِ أَصْلًا لِتَضَمُّنِ ثُبُوتِ التَّوْكِيلِ الْمَقْصُودِ لِثُبُوتِ نَسَبِ الْمُوَكِّل لِغَيْبَتِهِ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَلِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَوْلٌ مَرْجُوحٌ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهَا شَهَادَةٌ بِالتَّوْكِيلِ دُون نَسَبِ الْمُوَكِّلِ نَظَرًا إلَى أَنَّ مَوْرِدَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ فِي الْخَبَرِ كَقَامَ زَيْدُ بْنُ عَمْرٍو النِّسْبَة الَّتِي تَضَمَّنَهَا فَقَطْ دُون غَيْرِهَا وَهِيَ قِيَامُ زَيْدٍ لَا بُنُوَّتُهُ لِعَمْرٍو أَيْضًا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْإِخْبَارَ بِهَا وَيُجَابُ بِأَنَّا وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْإِخْبَارَ بِالْبُنُوَّةِ.

إلَّا أَنَّ هَذَا لَا يُعَارِضُ الرَّاجِحَ السَّابِقَ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ إنَّهَا ثَبَتَتْ قَصْدًا حَتَّى يَرِدَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا قَالَ إنَّهَا ثَبَتَتْ ضِمْنًا لِوُجُودِ الْمُسَوِّغِ السَّابِقِ وَإِذَا عُلِمَ أَنَّ الرَّاجِحَ ثُبُوتُ الْبُنُوَّةِ ضِمْنًا فِي صُورَةِ التَّوْكِيلِ الَّتِي حَكَيْنَا فِيهَا الْخِلَافَ فَكَذَلِكَ يَثْبُتُ الْمِلْكُ وَالْحِيَازَةُ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ عَلَى فَرْضِ أَنَّ شَاهِدَيْ التَّوْكِيلِ ذَكَرَاهُ إمَّا عَلَى فَرْضِ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْد الْحَاكِمِ بِغَيْرِ شَاهِدَيْ التَّوْكِيلِ فَلَا إشْكَالَ فِي ثُبُوتِ الْمِلْكِ وَالْحِيَازَةِ حِينَئِذٍ وَعَلَى كُلٍّ فَهُمَا ثَابِتَانِ وَقَوْلُهُ بِمُوجَبِ ذَلِكَ عَائِدٌ إلَى جَمِيعِ مَا سَبَقَهُ وَهُمَا مِنْ جُمْلَتِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَلْ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُعْتَزِلَةِ إذَا تَبَيَّنَ مِنْهُمْ سَبُّ الصَّحَابَةِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُعْتَزِلَةِ وَالرَّافِضَةِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ سَائِرِ الْمُبْتَدِعَةِ مَا لَمْ نُكَفِّرهُمْ بِبِدْعَتِهِمْ وَاَللَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلِيٌّ بِبَلْدَةٍ وَفُوِّضَ إلَيْهِ أُمُورُهَا بِأَنْ يَعْزِلَ وَيُنَصِّبَ وَيَحْكُمُ فَحَكَمَ بِحُرِّيَّةِ إنْسَانٍ وَقَبْلَ الْحُكْمِ نَادَى فِي الْقَرْيَةِ كُلُّ مَنْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ بِرِقِّ الْعَبْدِ فَلْيَحْضُرْ فَحَضَرُوا وَقَالُوا لَيْسَ عِنْدَنَا شَهَادَةٌ وَبَعْد ذَلِكَ شَهِدُوا عِنْد حَاكِمٍ آخَرَ بِرِقِّهِ هَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ بَعْدَ الْإِنْكَارِ وَالْجُحُودِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ إنْ كَانُوا قَالُوا ذَلِكَ حِينَ قَصَدُوا لِلشَّهَادَةِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ وَإِنْ كَانُوا قَالُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ لِأَنَّهُمْ قَدْ يَتَحَمَّلُونَ بَعْدُ وَلَوْ قَالَ الشَّاهِدُ لَا شَهَادَةَ لِي عَلَى فُلَان ثُمَّ شَهِدَ وَقَالَ كُنْتُ نَسِيتُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ إنْ اشْتَهَرَتْ دِيَانَتُهُ وَإِلَّا فَلَا.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا لِنَفْسِهِ أَوْ لِأَيْتَامِهِ فَهَلْ يَصِيرُ بِذَلِكَ عَدُوًّا لَهُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ لَا يَصِيرُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ عَدُوًّا لَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْأَصْبَحِيُّ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ أَنْكَرَ الشَّهَادَةَ ثُمَّ ادَّعَى النِّسْيَانَ وَأَرَادَ الْأَدَاءَ هَلْ تُسْمَعُ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ أَطْلَقَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ وَخَصَّهُ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِن أَنْ يَتَحَمَّلَ تِلْكَ الشَّهَادَةَ بَعْد إنْكَارِهِ وَابْنُ عُجَيْلٍ بِمَا إذَا لَمْ يَدَّعِ النِّسْيَانَ وَفَارَقَ قَوْلَ الْمُدَّعِي لَا بَيِّنَةَ لِي حَيْثُ تُقْبَلُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّ الْإِنْكَارَ هُنَا صَدَرَ مِنْ الشَّاهِدِ فَاقْتَضَى طَعْنًا فِيهِ وَثَمَّ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ بَلْ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>