للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السُّؤَالِ وَبَعْضِ مَا فِي التَّأْلِيفِ وَبَقِيَ فِيهِ مَا قَدْ يَحْتَاجُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ وَقَدْ أَفْتَيْت مِرَارًا بِبُطْلَانِ التَّبَرُّعِ الْمَذْكُورِ إذَا كَانَ لَا يَرْجُوَا الْوَفَاءَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ يُقَالُ عَلَيْهِ الْإِفْتَاءُ الَّذِي رَأَيْنَاهُ فِي عِدَّةِ نُسَخٍ لَيْسَ فِيهِ هَذَا الْقَيْدُ وَقَوْلُهُ وَلَا لِلْبَائِعِ إلَى ثَمَنِهِ بِتَأَمُّلِ هَذَا مَعَ مَا مَرَّ عَنْهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي أَوْهَمَ أَنَّهُ أَبَدَاهَا وَأَنَّ الْفَقِيهَ يُسَلِّمُهَا وَأَنَّهُ لَا يُنْكِرُهَا إلَّا جَامِدٌ أَوْ مُتَعَسِّفٌ يُعْلَمُ أَنَّهَا عَيْنُ قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَلَا لِلْبَائِعِ إلَى ثَمَنِهِ كَمَا مَرَّ ذَلِكَ مَبْسُوطًا وَأَنَّ الْإِنْسَانَ مَجْبُولٌ عَلَى النِّسْيَانِ

لَكِنَّهُ قَيْدٌ مَا قَالَهُ بِقَيْدٍ مَرَّ أَنَّ كَلَامَهُمْ هَذَا يَرُدُّهُ وَقَوْلُهُ فَرْعٌ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ وَلَهُ مَال فَتَصَدَّقَ بِهِ ثُمَّ مَاتَ فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْفُقَرَاءِ لِأَنَّهُ بَانَ أَنَّهُمْ لَمْ يَمْلِكُوهُ قَالَ فِي الْخَادِمِ الظَّاهِرُ نَعَمْ كَمَا فِي مَسْأَلَة هِبَةِ الْمَالِ أَوْ التَّصَدُّقِ بِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ اهـ وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي هَذَا الْفَرْعِ إلَّا فِي قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ هِبَةِ الْمَالِ إلَخْ أَيْ بِنَاءً عَلَى اعْتِمَادِ مَا أَفْهَمَهُ تَخْرِيجُ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَقَدْ بَانَ وَاتَّضَحَ غَيْرَ مَرَّةٍ فِيمَا مَضَى أَنَّ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فَلَا يُعْتَمَدُ وَإِنْ اعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَوْ غَيْرُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لِعَدَمِ اسْتِحْضَارِهِمْ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ مَنْقُولَاتِ الْمَذْهَبِ وَمُعْتَمَدَاتِهِ وَأَمَّا مَا رَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ فَلَا يَتَّجِهُ أَدْنَى اتِّجَاهٍ الْقَوْلُ بِهِ إلَّا إنْ تَضَيَّقَ عَلَيْهِ الْحَجُّ وَتَعَيَّنَ صَرْفُ مَا بِيَدِهِ إلَيْهِ فَتَصَدَّقَ بِهِ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُشْبِهُ مَسْأَلَةَ الْمَاءِ فِي تَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ بِعَيْنِ ذَلِكَ الْمَالِ فَلَمْ يَصِحَّ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَلَوْ بِغَيْرِ التَّبَرُّعِ كَالْبَيْعِ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ قِيَاسِهِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَاءِ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْحَجُّ مُوَسَّعًا فَإِنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ فَلْيَصِحَّ التَّصَدُّقُ بِهِ وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ فَإِنْ قُلْتَ وَقْتُ الصَّلَاةِ مُوَسَّعٌ وَقَدْ قَالُوا بِالْبُطْلَانِ مَعَ ذَلِكَ قُلْتُ أَجَابُوا عَنْ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ عَنْهُمْ فِي ثَالِثِ الِاعْتِرَاضَاتِ بِأَنَّ سَبَبَ التَّعَلُّقِ كَوْنُ الصَّلَاةِ لَهَا وَقْتٌ مَحْدُودٌ إلَى آخِرِ مَا سَبَقَ ثَمَّ وَلَك أَنْ تَأْخُذَ مِنْ هَذَا عَدَمَ صِحَّةِ قِيَاسِ مَسْأَلَةِ الْحَجِّ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَاءِ وَتُفَرَّقُ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْحَجِّ أَنَّهُ مُوَسَّعٌ غَيْرٌ مَحْدُودِ الطَّرْفَيْنِ وَتَضْيِيقُهُ عَارِضٌ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَيَتَعَلَّقُ حَقُّهَا بِالْعَيْنِ فَأُبْطِلَ التَّصَرُّفُ بِخِلَافِ الْحَجِّ

وَأَمَّا قِيَاسُ الزَّرْكَشِيّ عَلَى مَسْأَلَةِ هِبَةِ الْمَدِينِ بِنَاءً عَلَى بُطْلَانِهَا فَغَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ هَذَا حَقُّ آدَمِيٍّ فَلْيُشَدَّدْ فِيهِ أَكْثَر بِخِلَافِ الْحَجِّ وَقَدْ مَرَّ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ نَظَرَ فِي فُرْقَةٍ بَيْنَ هِبَةِ الْمَاءِ وَهِبَةِ الْمَدِينِ الْمَالَ إلَى ذَلِكَ وَقَوْلُهُ اعْتِرَاضًا عَلَى مَا فِي شَرْحِي الْكَبِيرِ لِلْإِرْشَادِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا اقْتَضَاهُ تَخْرِيجُ ابْنِ الرِّفْعَةِ بِنَاءً عَلَى اعْتِمَادِهِ مِنْ عَدَمِ مِلْكِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ وَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الشَّاشِيِّ مِنْ صِحَّةِ هِبَةِ الْمَدِينِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَكَيْفَ يُقَالُ بِتَخْرِيجِ التَّصَدُّقِ عَلَى الْهِبَةِ ثُمَّ يُتَخَيَّلُ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ أَيْضًا لِأَنَّ الْفَرْقَ الَّذِي ذَكَرْته إنَّمَا هُوَ بَيْنَ هِبَةِ الْمَدِينِ وَصَدَقَتِهِ وَالتَّخْرِيجُ لَيْسَ عَلَى هَذِهِ الْهِبَةِ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ كَمَا مَرَّ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى هِبَةِ الْمَاءِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ بِشَرْطِهِ كَمَا مَرَّ بَسْطُ ذَلِكَ مُوَضَّحًا لَكِنَّ مَحَبَّةَ الِاعْتِرَاضِ قَدْ تُؤَدِّي إلَى اخْتِلَاطِ الْمَقَامَاتِ وَعَدَمِ إمْعَانِ النَّظَرِ فِي الْعِبَارَاتِ وَقَوْلُهُ اعْتِمَادًا عَلَى مَا ذَكَرْته فِي الْفَرْقِ أَنَّ الْحُرْمَةَ فِي الْهِبَةِ لَيْسَتْ ذَاتِيَّةً هَذَا هُوَ عِلَّةُ الْوَجْهِ الثَّانِي الَّذِي ضَعَّفَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ هُوَ مِمَّا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ أَيْضًا لِأَنَّهُ عَلَى وِزَانِ مَا قَبْلَهُ مِنْ أَنَّهُ الْتَبَسَ عَلَيْهِ هِبَةُ الْمَاءِ بِهِبَةِ الْمَدِينِ وَكَلَامِي إنَّمَا هُوَ فِي هِبَةِ الْمَدِينِ وَكَلَامُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي تَعْلِيلِ الْوَجْهِ الثَّانِي إنَّمَا هُوَ فِي هِبَةِ الْمَاءِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْحُرْمَةَ فِي هَذِهِ ذَاتِيَّةٌ فَاقْتَضَتْ إبْطَالَهَا بَلْ إبْطَالَ الْبَيْعِ وَفِي تِلْكَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ هُوَ إضْرَارُ الدَّائِنِ فَلَمْ تَقْتَضِ الْإِبْطَالَ وَقَوْلُهُ اعْتِرَاضًا عَلَى قَوْلِي ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ فَرَّقَ بِمَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَذْرَعِيُّ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ التَّصَدُّقِ وَالْهِبَةِ وَإِنَّمَا بَحَثَ الْحُرْمَةَ مَعَ ابْنِ الرِّفْعَةِ اهـ.

وَهَذَا عَلَى وِزَانِ مَا قَبْلَهُ مِنْ الِالْتِبَاسِ أَيْضًا لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ اعْتَرَضَ ابْنَ الرِّفْعَةِ فِي إجْرَائِهِ خِلَافَ الْمَاءِ فِي تَصَدُّقِ الْمَدِينِ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي هُنَا الْجَزْمُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ رِعَايَةً لِحَقِّ الْآدَمِيِّ فَنَظَرْت فِي ذَلِكَ لِمَا مَرَّ بَسْطُهُ أَنَّ الْمُدْرَكَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مُخْتَلِفٌ وَأَنَّهُ قَاضٍ بِصِحَّةِ الصَّدَقَةِ فَضْلًا عَنْ الْجَزْمِ بِعَدَمِ صِحَّتِهَا فَرَاجِعْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ وَقَوْلُهُ عَنْ إيضَاحِ النَّاشِرِيِّ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ اعْتَمَدَ مَا أَفْهَمهُ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>