للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى الشَّهَادَةِ الَّتِي هِيَ سَبَبٌ لِدَفْعِ الْكُفَّارِ، وَإِذْلَالِهِمْ، وَإِعْلَاءِ كَلِمَةِ الْإِسْلَامِ.

، وَأَمَّا فِعْلُ الْكَافِرِ فَهُوَ مِنْ ضَرُورَةِ الْوُجُودِ فَلَيْسَ مَنْظُورًا إلَيْهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ شَهِيدَ الطَّاعُونِ مُلْحَقٌ بِشَهِيدِ الْمُعْتَرَكِ فَفِي حَدِيثٍ سَنَدُهُ حَسَنٌ «يَأْتِي الشُّهَدَاءُ، وَالْمُتَوَفَّوْنَ بِالطَّاعُونِ، فَيَقُولُ أَصْحَابُ الطَّاعُونِ: نَحْنُ شُهَدَاءُ فَيُقَالُ: اُنْظُرُوا فَإِنْ كَانَتْ جِرَاحَاتُهُمْ كَجِرَاحِ الشَّهِيدِ أَيْ: تَسِيلُ دِمَاؤُهُمْ، وَرِيحُهُمْ كَرِيحِ الْمِسْكِ فَهُمْ شُهَدَاءُ، فَيَجِدُونَهُمْ كَذَلِكَ» ، وَفِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ «تَخْتَصِمُ الْمَوْتَى، وَالْمُتَوَفَّوْنَ عَلَى فُرُشِهِمْ إلَى رَبِّنَا جَلَّ جَلَالُهُ فِي الَّذِينَ يَمُوتُونَ بِالطَّاعُونِ، فَيَقُولُ الشُّهَدَاءُ: إخْوَانُنَا قُتِلُوا كَمَا قُتِلْنَا، وَيَقُولُ الْمُتَوَفَّوْنَ عَلَى فُرُشِهِمْ: إخْوَانُنَا مَاتُوا عَلَى فُرُشِهِمْ كَمَا مُتْنَا، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: اُنْظُرُوا إلَى جِرَاحَاتِهِمْ فَإِنْ أَشْبَهَتْ جِرَاحَاتِ الْمَقْتُولِينَ فَإِنَّهُمْ مِنْهُمْ فَإِذَا جِرَاحُهُمْ أَشْبَهَتْ جِرَاحَهُمْ» .

وَقَضِيَّةُ حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الطِّبِّ، وَالْقَدَرِ أَنَّ أَجْرَ الشَّهِيدِ إنَّمَا يُكْتَبُ لِمَنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ بَلَدِ الطَّاعُونِ، وَأَقَامَ قَاصِدًا ثَوَابَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى رَاجِيًا صِدْقَ وَعْدِهِ عَارِفًا أَنَّهُ إنْ وَقَعَ لَهُ أَوْ صَرَفَهُ عَنْهُ فَهُوَ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ غَيْرَ مُتَضَجِّرٍ بِهِ إنْ وَقَعَ بِهِ، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ مَنْ وُجِدَتْ فِيهِ تِلْكَ الصِّفَاتِ يَحْصُلُ لَهُ أَجْرُ الشَّهِيدِ، وَإِنْ مَاتَ بِغَيْرِ الطَّاعُونِ، وَاسْتُشْكِلَ كَوْنُهُ شَهَادَةً، وَرَحْمَةً بِأَنَّهُ صَحَّ أَنَّهُ قُرِنَ بِالدَّجَّالِ وَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ وَلَا الْمَدِينَةَ، وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ طَعْنِ الْجِنِّ لَمْ يَدْخُلْهُمَا إشَارَةً إلَى أَنَّ كُفَّارَ الْجِنِّ، وَشَيَاطِينَهُمْ مَمْنُوعُونَ مِنْ دُخُولِهِمَا أَوْ مِنْ التَّسْلِيطِ عَلَى أَهْلِهِمَا صِيَانَةً مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَهُمْ حَتَّى مِنْ مُؤْمِنِي الْجِنِّ بِنَاءً عَلَى وُقُوعِ الطَّعْنِ مِنْهُمْ أَيْضًا وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ قَطُّ أَنَّهُ وَقَعَ بِالْمَدِينَةِ طَاعُونٌ أَصْلًا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْقُرْطُبِيِّ وَكَذَا مَكَّةُ، وَمَنْ حَكَى أَنَّهُ دَخَلَهَا فَقَدْ تَجَوَّزَ، وَأَطْلَقَ الطَّاعُونَ عَلَى الْوَبَاءِ، وَإِذَا وَقَعَ الطَّاعُونُ فِي بَلَدٍ كَانَ حُكْمُ أَهْلِهَا فِي التَّصَرُّفِ كَحُكْمِ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ سَوَاءٌ مَنْ أَصَابَهُ، وَمَنْ لَمْ يُصِبْهُ كَمَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ كَالْبَغَوِيِّ، وَإِنْ نَازَعَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ فِي ذَلِكَ، وَأَطَالَ نَعَمْ إنَّمَا يَكُونُ مَخُوفًا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يُصِبْهُ إنْ وَقَعَ فِي أَمْثَالِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْكَافِي حَيْثُ قَالَ: وَإِذَا وَقَعَ فِي الْبَلَدِ فِي أَمْثَالِهِ فَهُوَ مَخُوفٌ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَوْلُهُ فِي أَمْثَالِهِ قَيْدٌ مُتَعَيِّنٌ كَمَا شُوهِدَ فِي الطَّوَاعِينِ السَّابِقَةِ، وَاللَّاحِقَةِ مِنْ طَوَاعِينِ السَّلَفِ طَاعُونُ الْأَشْرَافِ، وَطَاعُونُ الْفِتْيَانِ، وَشُوهِدَ فِي عَصْرِنَا فِي وَقْتٍ فِي الْأَطْفَالِ، وَتَارَةً فِي النِّسَاءِ، وَتَارَةً فِي الشَّبَابِ دُونَ الشُّيُوخِ. اهـ.

، وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ فَقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ كَوْنِهِ مَخُوفًا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يُصِبْهُ مَا إذَا وَقَعَ الطَّاعُونُ فِي أَمْثَالِهِ فَإِنْ وَقَعَ فِي الْأَطْفَالِ مَثَلًا فَيُشْبِهُ أَنْ لَا يَكُونَ مَخُوفًا فِي حَقِّ الْبَالِغِينَ، وَإِلَى ذَلِكَ يُشِيرُ كَلَامُ صَاحِبِ الْكَافِي فَإِنَّهُ قَالَ: إنْ أَصَابَهُ مَخُوفٌ، وَإِنْ وَقَعَ فِي أَمْثَالِهِ فَهُوَ مَخُوفٌ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ فَقَوْلُهُ فِي أَمْثَالِهِ قَيْدٌ حَسَنٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَقَدْ تَخْتَلِفُ الطَّوَاعِينُ الْوَاقِعَةُ فِي كُلِّ عَصْرٍ فَيُعْتَبَرُ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِحَسَبِهِ اهـ.

قَالَ أَعْنِي: الزَّرْكَشِيّ، وَسَكَتُوا عَنْ فُرُوعٍ: أَحَدُهَا السَّاكِنُ قَرِيبًا مِنْ بَلَدِ الطَّاعُونِ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ هَلْ يُعْطَى حُكْمُ بَلَدِ الطَّاعُونِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُمْ حُكْمُ الْأَصِحَّاءِ فِي تَبَرُّعَاتِهِمْ. الثَّانِي الْوَارِدُونَ مِنْ بَلَدِ الطَّاعُونِ إلَى بَلَدٍ لَيْسَ بِهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُمْ حُكْمُ الْبَلَدِ الَّذِي انْتَقَلُوا عَنْهُ؛ لِأَنَّهُمْ بِصَدَدِ أَنْ يَقَعَ بِهِمْ ذَلِكَ لِمَا قَدْ عَلِقَ بِأَجْسَادِهِمْ مِنْهُ كَمَا شَاهَدْنَا ذَلِكَ كَثِيرًا فَيُحْسَبُ تَبَرُّعُهُمْ مِنْ الثُّلُثِ إذَا حَصَلَ الْمَوْتُ بِذَلِكَ الدَّاءِ بَعْدَ التَّبَرُّعَ اهـ.

، وَذَكَرَ فَرْعًا ثَالِثًا مَبْنِيًّا عَلَى ضَعِيفٍ لَا حَاجَةَ لَنَا بِذِكْرِهِ، وَطَاعُونُ الْأَشْرَافِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ كَانَ فِي زَمَنِ الْحَجَّاجِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَنْ مَاتَ فِيهِ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ، وَطَاعُونُ الْفِتْيَانِ كَانَ بِالْبَصْرَةِ سَنَةَ سَبْعٍ، وَثَمَانِينَ مِنْ الْهِجْرَةِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَنْ مَاتَ فِيهِ مِنْ النِّسَاءِ الشَّوَابِّ، وَالْعَذَارَى، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي شَخْصٍ قَالَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ يَفْعَلُونَ لِي كَذَا وَكَذَا بِمُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتٍ وَلَمْ يَعْلَمْ إلَى مَنْ يُشِيرُ مَنْ يَكُونُ الْوَصِيُّ مَثَلًا وَإِذَا زَادَ مَثَلًا وَيَكُونُ النَّظَرُ لِفُلَانٍ هَلْ يَكُونُ هُوَ الْوَصِيَّ؟

(فَأَجَابَ) إذَا قَالَ: يَفْعَلُونَ لِي كَذَا وَلَمْ يَعْلَمْ إلَى مَنْ يُشِيرُ فَلَا وَصِيَّ لَهُ فَإِنْ قَالَ: وَيَكُونُ النَّظَرُ لِفُلَانٍ لَمْ يَثْبُتْ لِفُلَانٍ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>