للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُتَصَوَّرُ حَيْثُ عُرِفَ الْوَصِيُّ، وَهُوَ هُنَا مَجْهُولٌ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) شَخْصٌ مَرِضَ بِالِاسْتِسْقَاءِ الْمَخُوفِ فَأَعْتَقَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَمَةً ثُمَّ عَقَدَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا ثُمَّ مَلَّكَهَا حُلِيًّا ذَهَبًا مَثَلًا وَفِضَّةً مَجْهُولَ الْقَدْرِ مَثَلًا وَالثَّمَنِ ثُمَّ مَاتَ فَهَلْ الْعِتْقُ مَثَلًا وَالتَّزْوِيجُ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ وَهَلْ تَرِثُ الْمَعْتُوقَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ مُعْتِقِهَا؟ ثُمَّ دَبَّرَ عَبِيدًا لَهُ مَثَلًا وَجَوَارِيَ مَثَلًا وَمَلَّكَ أَحَدَهُمْ حِمْلَيْنِ فَهَلْ التَّمْلِيكُ مَثَلًا وَالتَّدْبِيرُ صَحِيحٌ أَمْ لَا مَثَلًا وَإِذَا لَمْ يَحْتَمِلُ الثُّلُثُ ذَلِكَ تَنْفُذُ أَمْ لَا.

(الْجَوَابُ) إنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ بَانَ صِحَّةُ نِكَاحِهَا، وَعِتْقِهَا، وَإِذَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَا مَهْرَ لَهَا إنْ أَدَّى وُجُوبُهُ إلَى ثُبُوتِ دَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ كَأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مُسَاوِيَةً لِثُلُثِهِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهُ حِينَئِذٍ يُؤَدِّي إلَى رِقِّ بَعْضِهَا لِعَدَمِ خُرُوجِهَا مِنْ الثُّلُثِ فَبَطَلَ النِّكَاحُ، وَالْمَهْرُ فَكَانَ إثْبَاتُ الْمَهْرِ مُؤَدِّيًا إلَى عَدَمِ إثْبَاتِهِ فَسَقَطَ أَمَّا إذَا خَرَجَتْ مِنْ ثُلُثِهِ مَعَ وُجُوبِ الْمَهْرِ فَإِنَّهُ يَجِبُ لَهَا إذْ لَا مَانِعَ مِنْ وُجُوبِهِ حِينَئِذٍ، وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَلَا تَرِثُ مِنْهُ بِالزَّوْجِيَّةِ شَيْئًا سَوَاءٌ أَدَخَلَ بِهَا أَمْ لَا؟ وَمَا مَلَّكَهُ لَهَا إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ أَيْضًا فَازَتْ بِهِ.

وَإِنْ خَرَجَ بَعْضُهُ فَازَتْ بِذَلِكَ الْبَعْضِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ تَوَقَّفَ نُفُوذُ الْوَصِيَّةِ بِهِ كَالْبَعْضِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ بِشُرُوطِهَا وَلَا يَضُرُّ جَهْلُ قَدْرِهِ، وَثَمَنِهِ فَتُطَالَبُ بِإِحْضَارِهِ، وَيُنْظَرُ إلَى قَدْرِهِ وَقِيمَتِهِ وَقْتَ الْمَوْتِ ثُمَّ مَا فَضَلَ مِنْ ثُلُثِهِ عَنْ قِيمَتِهَا وَقِيمَةِ الْحُلِيِّ الَّذِي مَلَّكَهُ لَهَا يُنْظَرُ فِيهِ فَإِنْ وَفَّى بِقِيمَةِ الْمُدَبَّرِينَ كُلِّهِمْ عَتَقُوا بِمَوْتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُمْ شَيْءٌ، وَإِنْ فَضَلَ مَا لَا يَفِي بِجَمِيعِهِمْ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ عَتَقَ مِنْهُ مَا يَفِي بِالثُّلُثِ سَوَاءٌ أَكَانَ شِقْصًا مِنْ وَاحِدٍ أَمْ أَكْثَرَ هَذَا كُلُّهُ إنْ لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ، وَإِلَّا عَتَقَ مَنْ أَجَازُوا لَهُ مِمَّنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ فَعُلِمَ أَنَّ لَهُمْ إجَازَةَ بَعْضِ مَنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ دُونَ بَعْضٍ، وَتَمْلِيكِ أَحَدِهِمْ الْحِمْلَيْنِ إنْ نَزَلَ مَنْزِلَةَ الْوَصِيَّةِ بِأَنْ قَالَ: مَلَّكْته إيَّاهُمَا بَعْدَ مَوْتِي صَحَّ، وَإِلَّا بِأَنْ قَالَ: مَلَّكْته إيَّاهُمَا وَلَمْ يَقُلْ بَعْدَ مَوْتِي لَغَا فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِمْ بُطْلَانَ تَمْلِيكِ السَّيِّدِ عَبْدَهُ، وَلَوْ مُدَبَّرًا وَقَوْلُهُمْ: التَّبَرُّعَاتُ الْمُنَجَّزَةُ فِي الْمَرَضِ كَالْهِبَةِ مُنَزَّلَةٌ مَنْزِلَةَ الْوَصِيَّةِ، مَحَلُّهُ إذَا كَانَتْ مَعَ مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ قَبُولُهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ فِي مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ قَبُولُهَا قَبْلَ الْمَوْتِ لِبَقَاءِ رِقِّهِ فَكَانَتْ مُلْغَاةً.

وَفِيمَا إذَا صَحَّتْ بِأَنْ قَالَ بَعْدَ مَوْتِي لِكَوْنِ الْوَصِيَّةِ بِذَيْنِك الْحِمْلَيْنِ مُتَأَخِّرَةً فِي الِاسْتِحْقَاقِ عَنْ رُتْبَةِ الْمُوصَى لَهُ بِهِمَا فَلَا يَسْتَحِقُّ مِنْهُمَا شَيْئًا حَتَّى يَعْتِقَ جَمِيعُهُ ثُمَّ بَعْدَ عِتْقِ جَمِيعِهِ يُوَزَّعُ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ عَلَى الْحِمْلَيْنِ، وَعَلَى بَقِيَّةِ الْمُدَبَّرِينَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) ادَّعَى وَارِثٌ وَصِيٌّ صَرْفَ مُوَرِّثِهِ مَا تَحْتَ يَدِهِ عَلَى مَحْجُورِهِ فَهَلْ يُصَدَّقُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: نَعَمْ يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ مُوَرِّثَهُ لَوْ ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ الْمُحْتَمَلَ صُدِّقَ فَكَذَلِكَ هُوَ؛ لِأَنَّهُ خَلِيفَتُهُ، وَيَشْهَدُ لَهُ تَصْدِيقُ وَارِثِ الْوَدِيعِ فِي الرَّدِّ لِمُوَرِّثِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي شَخْصٍ أَسْنَدَ وَصِيَّتَهُ فِي حَالِ صِحَّتِهِ مَثَلًا وَسَلَامَتِهِ لِرَجُلٍ جَعَلَهُ وَصِيًّا عَلَى بَيْعِ تَرِكَتِهِ مَثَلًا وَوَفَاءِ دُيُونِهِ ثُمَّ قَالَ: وَصَّيْته وَلَمْ أَعْلَمْ أَنَّ عِنْدِي دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إلَّا مَا فِي الْبَيْتِ مِنْ الْأَثَاثِ، وَالْكُتُبِ فَاسْأَلْ وَصِيِّي إنْ لَمْ يُخَلِّصْنِي جَمِيعَ ذَلِكَ أَنْ يُخَلِّصَنِي مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ أَبْقَى الْكُتُبَ لِمَا أَعْلَمُ مِنْ غَيْرَتِهِ عَلَيْهَا فَالْوَصِيَّةُ بِهَا لِعَقِبِي أَوْ لِعَقِبِهِ فَإِنْ انْقَرَضُوا فَالْمَرْجِعُ خِزَانَةُ الْمَغَارِبَةِ بِرِبَاطِ سَيِّدِنَا عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - ثُمَّ تُوُفِّيَ إلَى رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ مُدَّةٍ عَنْ الْأَثَاثِ، وَالْكُتُبِ، وَعَنْ بَيْتٍ تَجَدَّدَ لَهُ مِلْكُهُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ فَبَاعَ الْوَصِيُّ الْأَثَاثَ، وَسَدَّ بِهِ بَعْضَ الدَّيْنِ، وَبَقِيَ بَعْضُ الدَّيْنِ فَهَلْ قَوْلُ الْمُوصِي فَإِنْ أَبْقَى الْكُتُبَ إلَخْ وَصِيَّةً بِوَقْفِهَا عَلَى تَقْدِيرِ وَفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِهَا وَقَدْ حَصَلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي الْبَيْتِ وَفَاءً، وَزِيَادَةً، وَحِينَئِذٍ، فَيَضُمُّ مَا بَقِيَ مِنْ ثَمَنِ الْبَيْتِ بَعْدَ، وَفَاءِ بَقِيَّةِ الدَّيْنِ إلَى قِيمَةِ الْكُتُبِ فَإِنْ حَصَلَ مَا يُحْتَمَلُ ثُلُثُهُ الْكُتُبَ خَرَجَتْ وَقْفًا أَوْ الْحُكْمُ غَيْرُ ذَلِكَ.

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: لَيْسَ قَوْلُ الْمُوصِي مَا ذَكَرَ وَصِيَّةً بِوَقْفِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ لَا صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً بَلْ قَوْلُهُ: الْوَصِيَّةُ بِهَا لِعَقِبِي إلَخْ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ إرَادَةِ وَقْفِهَا، وَدَالٌّ عَلَى إرَادَةِ الْوَصِيَّةِ بِمَنَافِعِهَا لِعَقِبِهِ أَوْ عَقِبِ الْوَصِيِّ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمَا لِمَنْ يُرِيدُ الِانْتِفَاعَ بِهَا فِي خِزَانَةِ الْمَغَارِبَةِ الْمَذْكُورَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>