زَائِدًا اعْتِبَارًا لَهَا بِمَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ مَعَ مُزَاحَمَةِ الْوَصِيَّةِ وَعِبَارَةُ الْجَوَاهِرِ وَالْمُمَاثَلَةُ مَرْعِيَّةٌ بَعْدَ الْقِسْمَةِ لَا قَبْلَهَا فَأَبُو إِسْحَاقَ كَمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - يَقُولُ بِالْأَوَّلِ وَالْأَصْحَابُ كُلُّهُمْ عَلَى الثَّانِي وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ الْأَمْرَ مُحْتَمَلٌ وَعِنْدَ الِاحْتِمَالِ يَجِبُ التَّنْزِيلُ عَلَى الْأَقَلِّ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ عَنْ مِلْكِ الْوَرَثَةِ الْمُسْتَحَقِّ لَهُمْ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ الْمُفِيدَةِ لِلْيَقِينِ أَوْ الظَّنِّ الْقَوِيِّ بِمُجَرَّدِ الشَّكِّ وَبِهَذَا يُعْلَمُ رَدُّ قَوْلِ الْإِمَامِ السَّابِقِ أَنَّ مَا حُكِيَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ مُتَّجِهٌ مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى فَأَيُّ اتِّجَاهٍ لَهُ مَعَ مَا ذَكَرْته فَتَأَمَّلْهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُجْعَلُ أَوْلَادُ الِابْنِ هُنَا بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِمْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَيَكُونُ مَا يَسْتَحِقُّهُ أَبُوهُمْ لَوْ كَانَ حَيًّا هُوَ الْمُوصَى بِهِ لَهُمْ وَاَلَّذِي كَانَ يَسْتَحِقُّهُ الْخُمُسَانِ لِأَنَّ مَعَهُ ذَكَرًا آخَرَ وَبِنْتًا فَيَكُونَانِ أَعْنِي الْخُمُسَيْنِ اللَّذَيْنِ يَسْتَحِقُّهُمَا الْأَبُ بِتَقْدِيرِ حَيَاتِهِ لِبَنِيهِ الْمُوصَى لَهُمْ بِمِثْلِ نَصِيبِهِ لَوْ كَانَ حَيًّا وَعَلَى الثَّانِي الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ كَافَّةً كَمَا عَلِمْت يُقَدَّرُ كَأَنَّ أَبَاهُمْ حَيٌّ وَكَأَنَّ الْمُوصِي مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ وَبِنْتٍ ثُمَّ يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ مِثْلُ نَصِيبِ الِابْنِ الْمُقَدَّرِ وُجُودُهُ وَهُوَ اثْنَانِ مِنْ خَمْسَةٍ ثُمَّ يُعْطَى ذَلِكَ وَهُوَ السُّبْعَانِ لِلْمُوصَى لَهُمْ فَاتَّضَحَ أَنَّ اسْتِحْقَاقَهُمْ لِلسُّبْعَيْنِ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ كَافَّةً وَلِلْخُمُسَيْنِ هُوَ الَّذِي يَقُولُ بِهِ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ لَكِنَّهُ شَاذٌّ خَارِجٌ عَنْ الْمَذْهَبِ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُعَوِّلَ عَلَيْهِ وَلَا أَنْ يَلْتَفِتَ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ فَمَسْأَلَةُ السُّؤَالِ مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَخْ هَذَا هُوَ سَبَبُ غَلَطِهِ كَمَا مَرَّ عِنْدَ سَوْقِ كَلَامِ الْبُلْقِينِيُّ
لِأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ الضَّابِطَ جَارٍ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُوصَى بِمِثْلِ نَصِيبِهِ مَوْجُودًا أَوْ مُقَدَّرًا وُجُودُهُ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بِالِاعْتِبَارِ الَّذِي فَهِمَهُ وَإِنَّمَا جَازَ فِيهِمَا بِالِاعْتِبَارِ الَّذِي قَرَّرْته وَهُوَ أَنَّهُ عِنْدَ الْوُجُودِ يُزَادُ مِثْلُ مَا لِلْمُوصَى بِمِثْلِ نَصِيبِهِ وَعِنْدَ التَّقْدِيرِ يُزَادُ ذَلِكَ الْمُقَدَّرُ وُجُودُهُ ثُمَّ يُزَادُ مِثْلُ مَالِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ كَافَّةً فِيمَا مَرَّ آنِفًا وَقَوْلُهُ وَمَنْ جَعَلَ لَهُ سَهْمًا حَتَّى صَارَتْ الْقِسْمَةُ أَسْبَاعًا فَقَدْ خَالَفَ الْفُقَهَاءَ الَّذِينَ أَفْتَوْا بِالْخُمُسَيْنِ يُقَالُ عَلَيْهِ هَذَا مِمَّا يُنَادَى عَلَى صَاحِبِهِ بِالْجَهْلِ الْمُفْرِطِ لِأَنَّ أُولَئِكَ الْفُقَهَاءَ الْمُرَادُ بِهِمْ مِثْلُ الْفَقِيهِ الصَّالِحِ ابْنِ عَبْسِينَ وَابْنِ مَزْرُوعٍ كَمَا مَرَّ إنْ وَافَقَ كَلَامُهُمْ كَلَامَ الْأَصْحَابِ فَالْحُجَّةُ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَإِنْ خَالَفَ كَلَامُهُمْ كَلَامَ الْأَصْحَابِ فَلَا يُلْتَفَت إلَيْهِمْ كَمَا مَرَّ مَبْسُوطًا أَوَّلَ الْجَوَابِ فَإِنْ قَالَ هَذَا الْمُحْتَجُّ بِكَلَامِ أُولَئِكَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ هَؤُلَاءِ يَفْهَمُونَ كَلَامَ الْأَصْحَابِ وَلَا يُخَالِفُونَهُ فَأَنَا أُقَلَّدُهُمْ فِي ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نَظِيرٍ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ قُلْنَا هَذَا أَوَّلُ دَلِيلٍ عَلَى الْجَهْلِ لِأَنَّ الْمُفْتِي إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نَقْدٌ يُمَيِّزُ بِهِ بَيْنَ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَمُخَالِفِهِ وَلَا بَيْنَ الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ وَلَا بَيْنَ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَمَا خَالَفَهُ فَالْإِفْتَاءُ عَلَيْهِ
حَرَامٌ
بِالْإِجْمَاعِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْأَصْحَابَ كَافَّةً عَلَى السُّبْعَيْنِ لَا الْخُمُسَيْنِ فَإِنْ صَحَّ مَا ذُكِرَ عَنْ أُولَئِكَ الْفُقَهَاءِ مَعَ ذِكْرِ مِثْل فَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَقَدْ مَرَّ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ مَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ لَيْسَ مَعْدُودًا مِنْ الْمَذْهَبِ فَهُوَ شَاذٌّ خَارِجٌ عَنْ الْمَذْهَبِ وَقَوَاعِدِهِ وَإِنَّمَا هُوَ مُوَافِقٌ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَوْ مَعَ حَذْفِهَا فَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا حَكَاهُ أَبُو مَنْصُورٍ عَنْ الْأَصْحَابِ لَكِنَّهُ مَعَ ذَلِكَ ضَعِيفٌ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ وَالْمُتَأَخِّرُونَ فَلَا تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُمْ.
وَإِذَا عُلِمَ أَنَّهُ كَذَلِكَ فَكَيْفَ يَسُوغُ لِمُفْتٍ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنْ يَتْرُكَ مَا عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَيُفْتِي بِشَاذٍّ خَارِجٍ عَنْ الْمَذْهَبِ مَا ذَاكَ إلَّا لِتَعَصُّبٍ أَوْ جَهْلٍ قَبِيحٍ وَذَلِكَ مُوجِبٌ لِلْمَقْتِ وَالْغَضَبِ نَعُوذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى مِنْ مَقْتِهِ وَغَضَبِهِ وَقَوْلُهُ وَصُورَةُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ الْأَصْحَابِ مَفْرُوضَةٌ فِي بَنِينَ أَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ يُقَالُ عَلَيْهِ هَذَا مِنْ الْكَذِبِ أَوْ الْجَهْلِ لِأَنَّهُ نَفْسُهُ نَقَلَ فِيمَا مَرَّ صُورَةَ الْبَغَوِيِّ وَالْخُوَارِزْمِيّ الْمَفْرُوضَةُ فِي ابْنٍ مَيِّتٍ أَوْ مَعْدُومٍ بِالْكُلِّيَّةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَالتَّقْدِيرُ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ لِي لَوْ كَانَ فَكَيْفَ مَعَ نَقْلِهِ لِهَذَا يَزْعُمُ أَنَّ صُورَةَ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ الْأَصْحَابِ مَفْرُوضَةٌ فِي بَنِينَ أَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ وَكَيْفَ رَاجَ عَلَيْهِ ذَلِكَ مَعَ ذِكْرِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلهَا كَالْأَصْحَابِ لِمَسَائِلِ الْمُوصِي بِمِثْلِ نَصِيبِهِ الْمَوْجُودِ وَالْمُقَدَّرِ الْوُجُودِ وَذِكْرُهُمْ الْخِلَافَ فِي كُلٍّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ وَالتَّفْرِيعُ الطَّوِيلُ عَلَى مَا يُتَعَجَّبُ مِنْ أَجْلِهِ مِنْ رَأْي قَوْلِ هَذَا الْمُفْتِي وَصُورَةُ الرَّوْضَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute