للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَغَيْرِهَا إلَخْ وَقَوْلُهُ وَمِنْ الْمُحَالِ إلَخْ يُقَالُ عَلَيْهِ هَذَا مِنْ السَّفْسَافِ الَّذِي لَا يَصْدُرُ مِثْلُهُ مِمَّنْ لَهُ أَدْنَى مُسْكَةٍ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ مُشْتَمِلٌ عَلَى الصُّورَتَيْنِ وَأَنَّهُمْ فِي الْمَوْجُودِ يَجْعَلُونَ مِثْلَ مَا لِلْمُوصَى بِنَصِيبِهِ زَائِدًا عَلَى سِهَامِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي الْمُقَدَّرِ وُجُودُهُ يُقَدِّرُونَ وُجُودَهُ وَسَهْمَهُ ثُمَّ يَزِيدُونَ مِثْلَ سَهْمِهِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ هَذَا مِمَّا لَا مِرْيَةَ فِيهِ.

فَإِنْ فُرِضَ صِدْقُهُ فِي أَنَّ الْفُقَهَاءَ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ أَفْتَوْا بِالْخُمُسَيْنِ فِي عَيْنِ صُورَةِ السُّؤَالِ فَهُمْ قَدْ جَهِلُوا مَسْأَلَةَ الرَّوْضَةِ وَكُتُبَ الْأَصْحَابِ وَلَكِنَّا لَا نَعْتَقِدُ ذَلِكَ فِيهِمْ وَإِنَّمَا نَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ تَحْرِيفٌ مِنْ النَّاقِلِ عَنْهُمْ وَقَوْلُهُ وَوَهِمَ مَنْ قَاسَهَا عَلَيْهَا مَعَ وُضُوحِ الْفَرْقِ يُقَالُ عَلَيْهِ الْوَهْمُ وَالْخَطَأُ إنَّمَا هُوَ مِمَّنْ يُخَالِفُ كَلَامَ الْأَصْحَابِ الصَّرِيحَ الَّذِي لَا يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ مِنْ غَيْرِ مُسْتَنَدٍ ثُمَّ يَتَوَهَّمُ أَنَّ الْمُتَمَسِّكِينَ بِكَلَامِ الْأَصْحَابِ قَاسُوا مَعَ وُضُوحِ الْفَرْقِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا تَوَهَّمَ بَلْ لَا قِيَاسَ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا الْحُكْمُ الَّذِي هُوَ اسْتِحْقَاقُ السُّبُعَيْنِ مَنْصُوصٌ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ فِي كَلَامِ الْبُلْقِينِيُّ وَفِيمَا قَرَّرْته الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى جَوَابِ هَذَا الزَّاعِمِ لَمَّا كَانَ الْأَحْرَى بِهِ الْإِمْسَاكَ عَنْهُ وَعَدَمَ الدُّخُولِ فِي وَرْطَتِهِ وَأَيُّ وَرْطَةٍ أَقْبَحُ مِنْ وَرْطَةِ التَّقَوُّلِ فِي الدِّينِ بِالرَّأْيِ مِنْ غَيْرِ مُسْتَنَدٍ يُعْتَدُّ بِهِ أَوْ يُعْذَرُ صَاحِبُهُ فِي التَّمَسُّكِ بِهِ وَقَوْلُهُ فَإِنَّ الْمُوصِي فِي الْحَادِثَةِ إلَخْ كَلَامٌ لَا يُجْدِيه شَيْئًا وَمِنْ أَيْنَ لَهُ ذَلِكَ وَالْمُرَاعَى فِي الْوَصَايَا وَنَحْوِهَا إنَّمَا هُوَ دِلَالَاتُ الْأَلْفَاظِ لَا الْمَقْصُود إلَّا إذَا عُلِمَتْ وَاحْتَمَلَهَا اللَّفْظُ وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ الْمُوصِي فِي الْحَادِثَةِ هُوَ مَا قَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَقَدْ مَرَّ لَك أَنَّ الْإِمَامَ قَالَ عَنْ مَقَالَةِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُوَافِقَة لِمَا انْتَحَلَهُ هَذَا الْمُفْتِي أَنَّهَا مُخْتَلَّةٌ جِدًّا مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ وَقَوْلُهُ وَلَا شَكَّ إلَخْ هُوَ مِنْ تَهَوُّرِهِ أَيْضًا وَلَوْ أَرَادَ السَّلَامَةَ مِنْ ذَلِكَ لَقَالَ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُوصِي إنْ قَصَدَ ذَلِكَ وَعَلِمَ كَانَ الْمُوصَى لَهُ مُنَزَّلًا مَنْزِلَةَ أَبِيهِ عَلَى أَنَّ الْجَزْمَ بِذَلِكَ عِنْدَ الْقَصْدِ نَظَرًا لِأَنَّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرُوهُ فِي الصُّورَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ هُوَ مُقْتَضَى لَفْظِ الْمُوصِي الصَّرِيحِ فِيهِ وَالصَّرِيحُ لَا يَقْبَلُ الصَّرْفَ عَنْ مَعْنَاهُ بِالْقَصْدِ.

وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَصْحَابَ لَمْ يُعَوِّلُوا عَلَى الْقَصْدِ هُنَا أَصْلًا وَإِنَّمَا رَتَّبُوا عَلَى كُلِّ صُورَةٍ مُقْتَضَاهَا الدَّالَّ عَلَيْهِ لَفْظُهَا عِنْدَهُمْ فَإِنْ قُلْت قَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي مُحَالٍ أَنَّ الْقَصْدَ حَيْثُ احْتَمَلَهُ اللَّفْظُ يُرْجَعُ إلَيْهِ وَسَيَأْتِي فِي الْجَوَابِ الْأَخِيرِ مِنْ ذَلِكَ عِدَّةُ مَسَائِلَ قُلْت تِلْكَ الْمَسَائِلُ الَّتِي عَوَّلُوا فِيهَا عَلَى الْقَصْدِ لَيْسَ فِيهَا صَرِيحٌ صَرَفَهُ الْقَصْدُ عَنْ مَدْلُولِهِ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَا يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى مَا هُنَا كَمَا سَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَإِنْ قُلْت قَدْ ذَكَرَ الْأَئِمَّةُ الرُّجُوعَ إلَى إرَادَةِ الْمُوصِي وَالدَّعْوَى بِهَا عَلَى الْوَارِثِ وَأَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهَا قُلْت هَذَا مِنْ أَعْدَلِ شَاهِدٍ لَنَا لِأَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ إلَّا فِي الْإِيصَاءِ بِنَحْوِ الْجُزْءِ أَوْ الْحَظِّ أَوْ السَّهْمِ أَوْ النَّصِيبِ وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ مُحْتَمِلٌ لِلْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَأَثَّرَتْ فِيهِ الْإِرَادَةُ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى إرَادَة مُخَالَفَة لِذَلِكَ الصَّرِيحِ فَإِنْ قُلْت ذَكَرُوا ذَلِكَ أَيْضًا فِيمَا إذَا أَوْصَى مَنْ لَهُ ابْنٌ وَبِنْتٌ لِزَيْدٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ الِابْنِ وَلِعَمْرٍو بِمِثْلِ نَصِيبِ الْبِنْتِ فَقَالُوا تَارَةً يُرِيدُ بِمِثْلِ نَصِيبِهَا قَبْلَ دُخُولِ الْوَصِيَّةِ عَلَيْهَا فَيَكُونُ لِلْأَوَّلِ الْخُمُسَانِ وَلِلثَّانِي الرُّبُعُ أَوْ بَعْدَ دُخُولِ الْوَصِيَّةِ عَلَيْهَا فَيَكُونُ لِلْأَوَّلِ الْخُمُسَانِ وَلِلثَّانِي السُّدُسُ قُلْت هَذَا مِنْ أَعْدِلْ شَاهِدٍ لَنَا أَيْضًا لِأَنَّهُمْ لَمَّا رَأَوْا أَنَّ اللَّفْظَ هُنَا مُحْتَمِلٌ فَرَّقُوا بَيْنَ الْإِرَادَةِ وَعَدَمِهَا وَلَمَّا رَأَوْهُ فِي مَسْأَلَتِنَا غَيْرَ مُحْتَمِلٍ لَمْ يُفَرِّقُوا بَلْ أَطْلَقُوا مَا مَرَّ وَلَمْ يَجْعَلُوا لِلْإِرَادَةِ مَدْخَلًا فِي ذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ وَلَا يَنْبَغِي لِمُفْتٍ أَنْ يُفْتِيَ بِغَيْرِ ذَلِكَ إلَخْ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ تَهَوُّرِهِ وَجَسَارَتِهِ وَكَأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ غَيْرَهُ مِثْلُهُ فِي عَدَمِ فَهْمِهِ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ بِالْكُلِّيَّةِ حَتَّى وَقَعَ فِيمَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ الْخَطَإِ وَالْخَطَلِ وَالْوَهْمِ وَالزَّلَلِ وَقَوْلُهُ فَالْمَعْرُوفُ الْمَعْهُودُ إلَخْ هَذَا مِمَّا يُسَجَّلُ عَلَيْهِ بِالِاخْتِلَالِ فِي الْفَهْمِ وَالتَّأَمُّلِ كَمَا لَا يَخْفَى وَإِنَّمَا الَّذِي كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُذْكَرَ مَسْأَلَةُ الْقَصْدِ أَوَّلًا وَيَتَكَلَّمُ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مَسْأَلَةِ الْعُرْفِ وَإِنَّ أَهْلَ جِهَتِهِمْ قَدْ اطَّرَدَ عُرْفُهُمْ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا يُرِيدُونَ أَنَّ الْحَافِدَ يَأْخُذُ نَصِيبَ أَبِيهِ لَوْ كَانَ حَيًّا وَبِفَرْضِ وُجُودِ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>