للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ " شَيْئَانِ مَجْزُومَانِ كَانُوا لَا يُعْرِبُونَهُمَا: الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ ".

(وَ) يُسَنُّ أَنْ (يُؤَذِّنَ) قَائِمًا (وَ) أَنْ (يُقِيمَ قَائِمًا) لِمَا رَوَى أَبُو قَتَادَةَ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِبِلَالٍ قُمْ فَأَذِّنْ» وَكَانَ مُؤَذِّنُوهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُؤَذِّنُونَ قِيَامًا قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ أَنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ، لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْأَسْمَاعِ.

(وَيُكْرَهَانِ مِنْ قَاعِدٍ، وَرَاكِبٍ، وَمَاشٍ لِغَيْرِ عُذْرٍ) كَالْخُطْبَةِ قَاعِدًا فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ جَازَ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَلَمْ يَذْكُرُوا الِاضْطِجَاعَ وَيَتَوَجَّهُ الْجَوَازُ لَكِنْ يُكْرَهُ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ وَلَا يُكْرَهَانِ (لِمُسَافِرٍ رَاكِبًا وَمَاشِيًا) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَذَّنَ فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ مُتَطَهِّرًا مِنْ الْحَدَثَيْنِ) الْأَصْغَرِ وَالْأَكْبَرِ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يُؤَذِّنْ إلَّا مُتَوَضِّئٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مَرْفُوعًا، مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمَوْقُوفًا عَلَيْهِ وَقَالَ هُوَ أَصَحُّ وَحُكْمُ الْإِقَامَةِ كَذَلِكَ.

وَفِي الرِّعَايَةِ: يُسَنُّ أَنْ يُؤَذِّنَ مُتَطَهِّرًا مِنْ نَجَاسَةِ بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ (فَإِنْ أَذَّنَ مُحْدِثًا) حَدَثًا أَصْغَرَ (لَمْ يُكْرَهْ) أَذَانُهُ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ (وَتُكْرَهُ إقَامَةُ مُحْدِثٍ) لِلْفَصْلِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ.

(وَ) يُكْرَهُ (أَذَانُ جُنُبٍ) لِلْخِلَافِ فِي صِحَّتِهِ وَوَجْهُهَا: أَنَّ الْجَنَابَةَ أَحَدُ الْحَدَثَيْنِ، فَلَمْ تَمْنَعْ صِحَّتَهُ كَالْآخَرِ.

(وَيُسَنُّ) أَنْ يُؤَذِّنَ (عَلَى مَوْضِعٍ عَالٍ) أَيْ: مُرْتَفِعٍ، كَالْمَنَارَةِ وَنَحْوِهَا، لِمَا رُوِيَ عَنْ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ قَالَتْ " كَانَ بَيْتِي مِنْ أَطْوَلِ بَيْتٍ حَوْلَ الْمَسْجِدِ وَكَانَ بِلَالٌ يُؤَذِّنُ عَلَيْهِ الْفَجْرَ، فَيَأْتِي بِسَحَرٍ فَيَجْلِسُ عَلَى الْبَيْتِ فَيَنْظُرُ إلَى الْفَجْرِ فَإِذَا رَآهُ تَمَطَّى، ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَعْدِيكَ وَأَسْتَنْصِرُكَ عَلَى قُرَيْشٍ أَنْ يُقِيمُوا دِينَكَ قَالَتْ: ثُمَّ يُؤَذِّنُ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ (مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ) قَالَ فِي الشَّرْحِ: قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مِنْ السُّنَّةِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِالْأَذَانِ وَذَلِكَ لِأَنَّ مُؤَذِّنِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانُوا يُؤَذِّنُونَ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ فَإِنْ أَخَلَّ بِاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ وَصَحَّ (فَإِذَا بَلَغَ الْحَيْعَلَةَ الْتَفَتَ) بِرَأْسِهِ وَعُنُقِهِ وَصَدْرِهِ.

وَظَاهِرُ الْمُحَرَّرِ: أَنَّهُ لَا يَلْتَفِتُ بِصَدْرِهِ (يَمِينًا لُحَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، وَ) الْتَفَتَ (شِمَالًا لُحَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، فِي الْأَذَانِ دُونَ الْإِقَامَةِ) لِحَدِيثِ، أَبِي جُحَيْفَةَ وَيَأْتِي (وَيُقِيمُ) أَيْ: يَأْتِي بِالْإِقَامَةِ (فِي مَوْضِعِ أَذَانِهِ) لِقَوْلِ بِلَالٍ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " لَا تَسْبِقْنِي بِآمِينَ " لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ يُقِيمُ بِالْمَسْجِدِ لَمَا خَافَ أَنْ يَسْبِقَهُ بِهَا كَذَا اسْتَنْبَطَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَاحْتَجَّ بِهِ وَلِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ " كُنَّا إذَا سَمِعْنَا الْإِقَامَةَ تَوَضَّأْنَا ثُمَّ خَرَجْنَا إلَى الصَّلَاةِ " وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ، وَكَالْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ (إلَّا أَنْ يَشُقَّ) عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>