للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُلْطَانٌ أَوْ قَاضٍ، وَكَانَتْ غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِمِصْرٍ لِإِمْكَانِ اخْتِصَارِهِ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي.

وَفِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الْقُنْيَةِ كَفَلَ بِنَفْسِهِ فِي الْبَلَدِ، وَسَلَّمَهُ فِي الرَّسَاتِيقِ صَحَّ إنْ كَانَ فِيهَا حَاكِمٌ.

وَقَالَ الْعَلَاءُ التَّاجِرِيُّ وَالْبَدْرُ الطَّاهِرُ: لَا يَصِحُّ، قَالَ: وَجَوَابُهُمَا أَحْسَنُ، لِأَنَّ أَغْلَبَ قُضَاةِ رَسَاتِيقِ خَوَارِزْمَ ظَلَمَةٌ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى مُحَاكَمَتِهِ عَلَى وَجْهِ الْعَدْلِ، انْتَهَى.

هَذَا فِي زَمَانِهِمْ أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَأَكْثَرُ قُضَاةِ مِصْرَ مِثْلُ قُضَاةِ رَسَاتِيقِ خَوَارِزْمَ أَصْلَحَهُمْ اللَّهُ - تَعَالَى - بِلُطْفِهِ وَكَرَمِهِ.

(وَإِنْ سَلَّمَهُ فِي بَرِّيَّةٍ أَوْ فِي السَّوَادِ) أَيْ فِي الْقَرْيَةِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا حَاكِمٌ (لَا يَبْرَأُ) لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ الْقُدْرَةُ عَلَى الْمُحَاكَمَةِ.

(وَكَذَا) لَا يَبْرَأُ (إنْ سَلَّمَهُ فِي السِّجْنِ وَقَدْ حَبَسَهُ غَيْرُ الطَّالِبِ) قِيلَ هَذَا إذَا كَانَ فِي سِجْنِ حَاكِمٍ آخَرَ لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ عَلَى الْمُخَاصَمَةِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي سِجْنِ قَاضٍ وَقَعَ مُخَاصَمَتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَبْرَأُ عَنْ الْكَفَالَةِ سَوَاءٌ كَانَ مَسْجُونًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ قَادِرٌ عَلَى الْإِحْضَارِ لِلْخُصُومَةِ، ثُمَّ يُعِيدُهُ إلَى السِّجْنِ (فَإِنْ كَفَلَ) رَجُلٌ (بِنَفْسِهِ) أَيْ الْمَدْيُونِ بِمَالِ كَذَا (عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الْكَفِيلَ (إنْ لَمْ يُوَافِ) أَيْ إنْ لَمْ يَأْتِ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ لَهُ (بِهِ) أَيْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ.

يُقَالُ: وَافَاهُ أَيْ أَتَاهُ مِنْ الْوَفَاءِ، عَدَّى الْمُصَنِّفُ إلَى الْمَفْعُولِ الثَّانِي بِالْبَاءِ عَلَى مَا هُوَ الْقِيَاسُ عِنْدَ الْبَعْضِ (غَدًا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا عَلَيْهِ، فَلَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا) مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ (لَزِمَهُ) أَيْ الْكَفِيلَ بِالنَّفْسِ (مَا عَلَيْهِ) مِنْ الْمَالِ عِنْدَنَا لِتَحَقُّقِ الشَّرْطِ وَهُوَ عَدَمُ الْمُوَافَاةِ، إذْ الْكَفَالَةُ تُشْبِهُ النَّذْرَ ابْتِدَاءً بِاعْتِبَارِ الِالْتِزَامِ إذْ لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ وَتُشْبِهُ الْبَيْعَ انْتِهَاءً بِاعْتِبَارِ الرُّجُوعِ، فَيَكُونُ مُبَادَلَةَ الْمَالِ بِالْمَالِ، فَإِنْ عَلَّقَ الْكَفَالَةَ بِغَيْرِ مُلَائِمٍ مِثْلِ هُبُوبِ الرِّيحِ لَمْ تَصِحَّ كَالْبَيْعِ، وَإِنْ بِمُلَائِمٍ مُتَعَارَفٍ مِثْلِ عَدَمِ الْمُوَافَاةِ فِي وَقْتٍ تَصِحُّ كَالنَّذْرِ مَعَ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيقَ لَيْسَ فِي وُجُوبِ الْمَالِ بَلْ فِي وُجُوبِ الْمُطَالَبَةِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا تَصِحُّ لِأَنَّهُ إيجَابُ الْمَالِ بِالشَّرْطِ فَلَا يَجُوزُ.

(وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (مَاتَ) الْمَكْفُولُ بِهِ قَبْلَ الْحُضُورِ فَيَضْمَنُ الْكَفِيلُ الْمَالَ، إذْ يَثْبُتُ بِمَوْتِهِ عَدَمُ الْمُوَافَاةِ بِهِ، وَلَوْ مَاتَ الْكَفِيلُ قَبْلَ الْحُضُورِ يَضْمَنُ وَارِثُهُ الْمَالَ، وَلَوْ مَاتَ الْمَكْفُولُ لَهُ يُطَالِبُ وَارِثُهُ (وَلَا يَبْرَأُ) الْكَفِيلُ (مِنْ كَفَالَةِ النَّفْسِ) بِوُجُودِ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّهَا كَانَتْ ثَابِتَةً قَبْلَهَا، وَلَا تَنَافِيَ كَمَا لَوْ كَفَلَهُمَا، وَإِنَّمَا قُلْنَا: مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا إذَا عَجَزَ بِمَوْتِ الْمَطْلُوبِ لِمَا فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ، فَإِنْ مَاتَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ قَبْلَ مُضِيِّ الْغَدِ، ثُمَّ مَضَى الْغَدُ ضَمِنَ الْكَفِيلُ الْمَالَ، لِأَنَّ شَرْطَ لُزُومِ الْمَالِ عَدَمُ الْمُوَافَاةِ وَقَدْ وُجِدَ، انْتَهَى.

فَعَلَى هَذَا تَقْيِيدُ صَاحِبِ الْفَتْحِ بِقَوْلِهِ: بَعْدَ الْغَدِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ، تَتَبَّعْ.

وَفِي التَّنْوِيرِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْمُوَافَاةِ فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ، وَالْمَالُ لَازِمٌ عَلَى الْكَفِيلِ (وَمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مِائَةَ دِينَارٍ بَيَّنَهَا) أَيْ بَيَّنَ صِفَتَهَا عَلَى وَجْهٍ تَصِحُّ الدَّعْوَى، بِأَنَّهَا سُلْطَانِيَّةٌ، أَوْ إفْرِنْجِيَّةٌ (أَوْ لَمْ يُبَيِّنْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>