للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى قَامَ الْقَاضِي عَنْ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ خُلِّيَ سَبِيلُهُ (خِلَافًا لَهُمَا فِي رِوَايَةٍ) أَيْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْهُمَا رِوَايَتَانِ، فِي رِوَايَةٍ يُحْبَسُ وَلَا يَكْفُلُ كَمَا بَيَّنَّاهُ.

وَفِي رِوَايَةٍ يَكْفُلُ وَلَا يُحْبَسُ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْقَذْفِ أَوْ الْقَوَدِ بِالْحُجَّةِ التَّامَّةِ (وَصَحَّ الرَّهْنُ وَالْكَفَالَةُ بِالْخَرَاجِ) إذْ الْإِمَامُ وَظَّفَهُ إلَى وَقْتٍ مُعَيَّنٍ عَلَى مَا يَرَاهُ بَدَلًا عَنْ مَنْفَعَةِ حِفْظِ الْمَالِ، فَيَصِيرُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ، وَيَجُوزُ فِيهِ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْكَفَالَةِ بِالْخَرَاجِ - هُوَ الْمَالُ - بِخِلَافِ الزَّكَاةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الدُّيُونِ الْمُطْلَقَةِ لِسُقُوطِهَا بِالْمَوْتِ.

، ثُمَّ شَرَعَ فِي الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ فَقَالَ: (وَالْكَفَالَةُ بِالْمَالِ صَحِيحَةٌ وَلَوْ) كَانَ الْمَالُ (مَجْهُولًا إذَا كَانَ) ذَلِكَ الْمَالُ (دَيْنًا صَحِيحًا) وَصِحَّتُهَا بِالْإِجْمَاعِ، وَصَحَّتْ مَعَ جَهَالَةِ الْمَالِ لِبِنَائِهَا عَلَى التَّوَسُّعِ فَإِنَّهَا تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً، فَيُحْتَمَلُ فِيهَا جَهَالَةُ الْمَالِ بَعْدَ أَنْ كَانَ دَيْنًا صَحِيحًا.

وَالدَّيْنُ الصَّحِيحُ: الدَّيْنُ لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ، وَهُوَ احْتِرَازٌ عَنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ وَسَيَأْتِي.

وَفِي الْإِصْلَاحِ: وَالْمُرَادُ مِنْ الْإِبْرَاءِ مَا يَعُمُّ الْحُكْمِيَّ، وَهُوَ أَنْ يُفْعَلَ فَلَا يَلْزَمَهُ سُقُوطُ الدَّيْنِ، فَلَا يَرُدَّ النَّقْضُ بِدَيْنِ الْمَهْرِ لِأَنَّ سُقُوطَهَا بِمُطَاوَعَتِهَا لِابْنِ زَوْجِهَا مِنْ قَبِيلِ الْإِبْرَاءِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ.

وَفِي الْمِنَحِ: وَمِمَّا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ الْكَفَالَةُ بِالنَّفَقَةِ الْمَقْبُوضَةِ غَيْرِ الْمُسْتَدَانَةِ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ مَعَ أَنَّ دَيْنَ النَّفَقَةِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَبِالطَّلَاقِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ أَجَابَ عَنْ هَذَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أُخِذَ فِيهِ بِالِاسْتِحْسَانِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ لَا بِالْقِيَاسِ، وَقَيَّدَ بِجَهَالَةِ الْمَالِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ جَهَالَةِ الْأَصِيلِ وَالْمَكْفُولِ لَهُ لِأَنَّهَا مَانِعَةٌ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ، فَلْيُطَالَعْ.

(بِتَكَفَّلْتُ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: صَحِيحَةٌ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ فُلَانٍ (بِأَلْفِ) دِرْهَمٍ، هَذَا نَظِيرُ مَا كَانَ مَعْلُومًا (أَوْ بِمَا لَك عَلَيْهِ) أَيْ بِاَلَّذِي ثَبَتَ لَك عَلَيْهِ أَيْ فُلَانٍ، هَذَا نَظِيرُ مَا كَانَ مَجْهُولًا (أَوْ) تَكَفَّلَ (بِمَا يُدْرِكُك) أَيْ يَلْحَقُك (فِي هَذَا الْبَيْعِ) مِنْ ضُمَامِ الدَّرَكِ، وَهُوَ ضُمَامُ الثَّمَنِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ، أَوْ ضَمَانُ الْمَبِيعِ إنْ لَحِقَهُ آفَةٌ، فَالْمَكْفُولُ بِهِ مَجْهُولٌ لِاحْتِمَالِ اسْتِحْقَاقِ الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ، فَيَضْمَنُ الْكَفِيلُ الْكُلَّ وَالْبَعْضَ.

وَفِي السِّرَاجِ فَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُخَاصِمَ الْبَائِعَ أَوَّلًا فَإِذَا ثَبَتَ عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقُ الْمَبِيعِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الْكَفِيلَ أَوَّلًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْمَبِيعَ لَوْ ظَهَرَ حُرًّا كَانَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ أَيَّهُمَا شَاءَ.

(وَكَذَا) تَصِحُّ (لَوْ عَلَّقَهَا) أَيْ الْكَفَالَةَ (بِشَرْطٍ مُلَائِمٍ) أَيْ بِشَرْطٍ مُوَافِقٍ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ سَبَبًا لِوُجُوبِهِ، وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالشَّرْطِ مَجَازًا (كَشَرْطِ وُجُوبِ الْحَقِّ، نَحْوُ مَا بَايَعْتَ فُلَانًا) أَيْ إنْ بِعْتَ شَيْئًا مِنْ فُلَانٍ فَإِنِّي ضَامِنٌ لِلثَّمَنِ لَا مَا اشْتَرَيْتَهُ فَإِنِّي ضَامِنٌ لِلْمَبِيعِ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِالْمَبِيعِ لَا تَجُوزُ، فَمَا شَرْطِيَّتُهُ، كَمَا بَعْدَهُ وَهَذَا مِنْ أَمْثِلَةِ الْكَفَالَةِ بِالْمَجْهُولِ.

وَفِي الْمَبْسُوطِ: وَلَوْ قَالَ: إذَا بِعْتَهُ شَيْئًا فَهُوَ عَلَيَّ فَبَاعَهُ مَتَاعًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ بَاعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>