لَزِمَ الْكَفِيلَ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي، لِأَنَّ حَرْفَ إذَا لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ بِخِلَافِ كُلَّمَا وَمَا، وَمِثْلُ إذَا مَتَى وَإِنْ.
وَلَوْ رَجَعَ الْكَفِيلُ عَنْ هَذَا الضَّمَانِ قَبْلَ أَنْ يُبَايِعَهُ، وَنَهَاهُ عَنْ مُبَايَعَتِهِ، ثُمَّ بَايَعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا قَالَ: مَا بَايَعْتَ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: بَايِعْ فُلَانًا عَلَى أَنَّ مَا أَصَابَك مِنْ خُسْرَانٍ فَعَلَيَّ، لَمْ يَصِحَّ (أَوْ مَا غَصَبَك) أَيْ إنْ غَصَبَ مِنْك فُلَانٌ فَعَلَيَّ هَذَا مِنْ أَمْثِلَةِ الْمَجْهُولِ أَيْضًا.
وَفِي الْبَحْرِ: لَوْ قَالَ: إنْ غَصَبَ فُلَانٌ ضَيْعَتَك فَأَنَا ضَامِنٌ، لَمْ يَجُزْ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ.
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ غَصْبَ الْعَقَارِ لَا يَتَحَقَّقُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لَهُ (أَوْ مَا ذَابَ) أَيْ ثَبَتَ أَوْ وَجَبَ مِنْ الذَّوْبِ (لَك عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى فُلَانٍ شَيْءٌ فَعَلَيَّ (أَوْ إنْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ فَعَلَيَّ) جَوَابُ الْجَمِيعِ: أَيْ إنْ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ مُسْتَحِقٌّ فَعَلَيَّ الثَّمَنُ كَانَ اسْتِحْقَاقُ الْمَبِيعِ شَرْطَ وُجُوبِ الْحَقِّ فِي ذِمَّتِهِ، وَجَازَ التَّعْلِيقُ بِهِ لِمُلَاءَمَتِهِ الشَّرْطَ (وَكَشَرْطِ إمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ نَحْوُ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ) فَعَلَيَّ مَا عَلَيْهِ (وَهُوَ) أَيْ زَيْدٌ (الْمَكْفُولُ عَنْهُ) فَإِنَّ قُدُومَهُ سَبَبٌ مُوصِلٌ لِلِاسْتِيفَاءِ مِنْهُ، قَيَّدَ بِكَوْنِ زَيْدٍ مَكْفُولًا عَنْهُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ أَجْنَبِيًّا كَانَ التَّعْلِيقُ بِهِ كَمَا فِي هُبُوبِ الرِّيحِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ، فَلْيُطَالَعْ.
(وَكَشَرْطِ تَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ نَحْوُ إنْ غَابَ) زَيْدٌ الْمَكْفُولُ عَنْهُ (عَنْ الْبَلَدِ) فَعَلَيَّ مَا عَلَيْهِ، لِأَنَّ غَيْبَتَهُ سَبَبٌ لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ فَهَذِهِ جُمْلَةُ الشُّرُوطِ الَّتِي يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِهَا، ثُمَّ الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْجَهَالَةَ فِي الْمَالِ الْمَكْفُولِ بِهِ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْكَفَالَةِ، كَقَوْلِهِ مَا غَصَبَك فُلَانٌ فَعَلَيَّ، وَجَهَالَةُ الْمَكْفُولِ لَهُ أَوْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ تَمْنَعُ حَتَّى لَوْ قَالَ: مَنْ غَصَبَك مِنْ النَّاسِ، أَوْ بَايَعَك، أَوْ قَتَلَك فَأَنَا كَفِيلٌ لَك عَنْهُ، أَوْ مَنْ غَصَبْتَهُ أَنْتَ أَوْ قَتَلْتَهُ فَأَنَا كَفِيلٌ لَهُ عَنْك لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَتْ الْجَهَالَةُ فِي الْمَكْفُولِ عَنْهُ يَسِيرَةً، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ كَفَلْتُ لَك بِمَا لَك عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ، فَالتَّعْيِينُ إلَى صَاحِبِ الْحَقِّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَإِنْ عَلَّقَهَا) أَيْ الْكَفَالَةَ (بِمُجَرَّدِ الشَّرْطِ) أَيْ بِالشَّرْطِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْمُلَاءَمَةِ (كَهُبُوبِ الرِّيحِ وَمَجِيءِ الْمَطَرِ) بِأَنْ قَالَ: إنْ هَبَّتْ الرِّيحُ، أَوْ جَاءَ الْمَطَرُ فَمَا عَلَى فُلَانٍ عَلَيَّ (بَطَلَ) الشَّرْطُ.
(وَكَذَا إنْ جَعَلَ أَحَدَهُمَا آجِلًا) كَمَا إذَا قَالَ: كَفَلْتُ بِكَذَا إلَى هُبُوبِ الرِّيحِ أَوْ مَجِيءِ الْمَطَرِ بَطَلَ التَّأْجِيلُ (فَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَيَجِبُ الْمَالُ) عَلَى الْكَفِيلِ (حَالًّا) .
وَفِي الْهِدَايَةِ وَلَا يَصِحُّ التَّعْلِيقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute