للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمُجَرَّدِ الشَّرْطِ كَقَوْلِهِ إنْ هَبَّتْ الرِّيحُ أَوْ جَاءَ الْمَطَرُ، وَكَذَا إذَا جَعَلَ وَاحِدًا مِنْهُمَا آجِلًا، إلَّا أَنَّهُ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَيَجِبُ الْمَالُ حَالًّا لِأَنَّ الْكَفَالَةَ لَمَّا صَحَّ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ.

وَفِي التَّبْيِينِ: وَهَذَا سَهْوٌ فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهِ أَنَّ التَّعْلِيقَ لَا يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ لِأَنَّ الشَّرْطَ غَيْرُ مُلَائِمٍ، فَصَارَ كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِدُخُولِ الدَّارِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَيْسَ بِمُلَائِمٍ، ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ، وَأَجَابَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ لَكِنْ لَا يَخْلُو عَنْ التَّعَسُّفِ بَلْ إذَا تَأَمَّلْت حَقَّ التَّأَمُّلِ ظَهَرَ لَك أَنَّ السُّؤَالَ بَاقٍ عَلَى حَالِهِ، وَلَا يَنْدَفِعُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ: إلَّا أَنَّهُ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَيَجِبُ الْمَالُ حَالًّا قَيْدٌ لِقَوْلِهِ: وَكَذَا إذَا جَعَلَ وَاحِدًا مِنْهُمَا آجِلًا فَقَطْ فَحَاصِلُهُ لَا يَصِحُّ التَّعْلِيقُ بِمُجَرَّدِ الشَّرْطِ، وَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ أَيْضًا، وَكَذَا التَّأْجِيلُ إذَا جَعَلَ وَاحِدًا مِنْهُمَا آجِلًا فَإِنَّهُ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَيَجِبُ الْمَالُ حَالًّا.

لَا يُقَالُ: إنَّهُ مَنْقُوضٌ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ لَمَّا صَحَّ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِالتَّعْلِيقِ بِالشَّرْطِ التَّأْجِيلَ مَجَازًا أَيْ بِأَجَلٍ مُتَعَارَفٍ فَلَا يَلْزَمُ الْمَحْذُورُ، وَيَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ، تَدَبَّرْ.

(وَلِلطَّالِبِ مُطَالَبَةُ أَيٍّ شَاءَ مِنْ كَفِيلِهِ وَأَصِيلِهِ) أَيْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ فِي الْمُطَالَبَةِ إنْ شَاءَ طَالَبَ الْأَصِيلَ، وَإِنْ شَاءَ طَالَبَ الْكَفِيلَ، وَإِنْ شَاءَ طَالَبَهُمَا مَعًا؛ لِأَنَّهُ مُوجَبُ الْكَفَالَةِ إذْ هِيَ تُنْبِئُ عَنْ الضَّمِّ كَمَا مَرَّ وَذَلِكَ يَقْتَضِي قِيَامَ الذِّمَّةِ الْأُولَى لَا الْبَرَاءَةَ (إلَّا إذَا شَرَطَ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ فَتَكُونُ حَوَالَةً كَمَا أَنَّ الْحَوَالَةَ بِشَرْطِ عَدَمِ بَرَاءَةِ الْمُحِيلِ كَفَالَةٌ) لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ لِلْمَعَانِي مَجَازًا لَا لِلْأَلْفَاظِ وَالْمَبَانِي.

(وَلَوْ طَالَبَ) الطَّالِبُ (أَحَدَهُمَا) كَانَ (لَهُ مُطَالَبَةُ الْآخَرِ) بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إذَا اخْتَارَ أَحَدَ الْغَاصِبَيْنِ، لِأَنَّ اخْتِيَارَ أَحَدِهِمَا يَتَضَمَّنُ التَّمْلِيكَ مِنْهُ عِنْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِهِ، وَلَا يُمْكِنُهُ التَّمْلِيكُ مِنْ الْآخَرِ بَعْدَهُ، وَأَمَّا الْمُطَالَبَةُ بِالْكَفَالَةِ لَا تَقْتَضِيهِ مَا لَمْ تُوجَدْ مِنْهُ حَقِيقَةُ الِاسْتِيفَاءِ (فَإِنْ كَفَلَ بِمَالِهِ عَلَيْهِ فَبَرْهَنَ) الطَّالِبُ (عَلَى أَلْفٍ لَزِمَهُ) أَيْ لَزِمَ الْأَلْفُ الْكَفِيلَ، لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ عِيَانًا، وَلَا يَكُونُ قَوْلُ الطَّالِبِ حُجَّةً عَلَيْهِ كَمَا لَا يَكُونُ حُجَّةً عَلَى الْأَصِيلِ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ.

(وَإِنْ لَمْ يُبَرْهِنْ) الطَّالِبُ (صُدِّقَ الْكَفِيلُ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ مَعَ يَمِينِهِ) أَيْ فَالْقَوْلُ لِلْكَفِيلِ فِيمَا يُقِرُّ بِهِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لَا عَلَى الْبَتَاتِ كَمَا فِي الْإِيضَاحِ.

(وَ) صُدِّقَ (الْأَصِيلُ فِي إقْرَارِهِ بِأَكْثَرَ) مِمَّا أَقَرَّ بِهِ الْكَفِيلُ (عَلَى نَفْسِهِ خَاصَّةً) لَا عَلَى الْكَفِيلِ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ، وَقَيَّدَ بِمَا لَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَفَلَ بِمَا ذَابَ أَيْ حَصَلَ لَك عَلَى فُلَانٍ أَوْ بِمَا ثَبَتَ فَأَقَرَّ الْمَطْلُوبُ بِمَالٍ لَزِمَ الْكَفِيلَ، أَمَّا لَوْ أَبَى الْأَصِيلُ الْيَمِينَ فَأَلْزَمَهُ الْقَاضِي فَلَمْ يَلْزَمْ الْكَفِيلَ؛ لِأَنَّ النُّكُولَ لَيْسَ بِإِقْرَارِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (فَإِنْ كَفَلَ بِلَا أَمْرِهِ) أَيْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ (لَا يَرْجِعُ) الْكَفِيلُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ (بِمَا أَدَّى عَنْهُ) لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِأَدَائِهِ بِغَيْرِ رُجُوعٍ خِلَافًا لِمَالِكٍ.

(وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (أَجَازَهَا)

<<  <  ج: ص:  >  >>