للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ الْكَفَالَةَ (الْمَكْفُولُ عَنْهُ) بِعَدَمِ الْعِلْمِ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ لَزِمَتْهُ وَنَفَذَتْ عَلَيْهِ بِغَيْرِ أَمْرٍ غَيْرَ مُوجِبَةٍ لِلرُّجُوعِ فَلَا تَنْقَلِبُ مُوجِبَةً لَهُ، هَذَا إذَا أَجَازَ بَعْدَ الْمَجْلِسِ أَمَّا إذَا أَجَازَ فِي الْمَجْلِسِ فَإِنَّهَا تَصِيرُ مُوجِبَةً لِلرُّجُوعِ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ.

(وَإِنْ كَفَلَ بِأَمْرِهِ رَجَعَ) عَلَيْهِ بِمَا أَدَّى عَنْهُ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَهُ بِأَمْرِهِ، مَعْنَاهُ إذَا أَدَّى مَا ضَمِنَ أَمَّا إذَا أَدَّى خِلَافَهُ بِأَنْ كَانَ الدَّيْنُ الْمَكْفُولُ بِهِ جَيِّدًا فَأَدَّى رَدِيئًا أَوْ بِالْعَكْسِ فَإِنَّ رُجُوعَهُ بِمَا ضَمِنَ لَا بِمَا أَدَّى لِأَنَّ مِلْكَ الدَّيْنِ بِالْأَدَاءِ فَنُزِّلَ مَنْزِلَةَ الطَّالِبِ بِخِلَافِ الْمَأْمُورِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى، وَتَمَامُهُ فِي الْمِنَحِ، فَلْيُرَاجَعْ، وَمَعْنَى الْأَمْرِ أَنْ يَشْتَمِلَ كَلَامُهُ عَلَى لَفْظَةِ " عَنِّي " كَأَنْ يَقُولَ: اُكْفُلْ عَنِّي أَوْ اضْمَنْ عَنِّي لِفُلَانٍ فَلَوْ قَالَ: اضْمَنْ الْأَلْفَ الَّتِي لِفُلَانٍ عَلَيَّ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ عِنْدَ الْأَدَاءِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْقَصْدُ لِيَرْجِعَ أَوْ لِطَلَبِ التَّبَرُّعِ فَلَا يَلْزَمُ الْمَالُ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ الْأَمْرِ أَمْرُ مَنْ يَصِحُّ أَمْرُهُ شَرْعًا؛ فَلَا رُجُوعَ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ الْمَحْجُورَيْنِ إذَا أَدَّى كَفِيلُهُمَا بِالْأَمْرِ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ مِنْهُمَا، وَلَكِنْ يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ بَعْدَ عِتْقِهِ فَلَا رُجُوعَ عَلَى الصَّبِيِّ مُطْلَقًا (وَلَا يُطَالِبُهُ) أَيْ لَا يُطَالِبُ كَفِيلٌ أَصِيلًا بِمَالٍ (قَبْلَ الْأَدَاءِ) إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ، لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلْمُطَالَبَةِ هُوَ التَّمَلُّكُ، وَلَا يَمْلِكُ قَبْلَ الْأَدَاءِ وَيَمْلِكُهُ بَعْدَهُ فَيَرْجِعُ (فَإِنْ لُوزِمَ) الْكَفِيلُ مِنْ جِهَةِ الطَّالِبِ (فَلَهُ) أَيْ لِلْكَفِيلِ (مُلَازَمَتُهُ) أَيْ مُلَازَمَةُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ حَتَّى يُخَلِّصَهُ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ.

(وَإِنْ حُبِسَ) الْكَفِيلُ (فَلَهُ حَبْسُهُ) أَيْ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَحْبِسَ الْمَكْفُولَ عَنْهُ لِأَنَّ مَا لَحِقَ كَانَ لِأَجْلِهِ فَلَهُ أَنْ يُعَامِلَهُ بِمِثْلِهِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْكَفِيلِ لِلْمَطْلُوبِ دَيْنٌ مِثْلُهُ، وَإِلَّا فَلَا يُلَازِمْهُ وَلَا يَحْبِسْهُ كَمَا فِي السِّرَاجِ.

(وَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِأَدَاءِ الْأَصِيلِ) لِأَنَّ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ تُوجِبُ بَرَاءَتَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فِي الصَّحِيحِ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ فَيَسْتَحِيلُ بَقَاؤُهَا بِلَا دَيْنٍ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ لِلْهِدَايَةِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَائِلَ بِأَنَّ الْكَفِيلَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَبْرَأُ بِأَدَاءِ الْأَصِيلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَبْرَأُ إجْمَاعًا لِأَنَّ تَعَدُّدَ الدَّيْنِ عِنْدَ الْقَائِلِ بِهِ حُكْمِيٌّ فَيَسْقُطُ بِأَدَاءٍ وَاحِدٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(وَإِنْ أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْأَصِيلَ) وَهُوَ الْمَطْلُوبُ (أَوْ أَخَّرَ) الطَّالِبُ (عَنْهُ) أَيْ الْأَصِيلِ بِأَنْ أَجَّلَ دَيْنَهُ (بَرِئَ الْكَفِيلُ) فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (وَتَأَخَّرَ) الدَّيْنُ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْكَفِيلِ يَعْنِي يَتَأَخَّرُ فِي حَقِّهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْمُطَالَبَةُ وَهِيَ تَبَعٌ لِلدَّيْنِ فَتَسْقُطُ بِسُقُوطِهِ وَتَتَأَخَّرُ بِتَأْخِيرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَكَفَّلَ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ ابْتِدَاءً حَيْثُ يَبْرَأُ الْأَصِيلُ دُونَ الْكَفِيلِ.

وَفِي السِّرَاجِ: وَيُشْتَرَطُ قَبُولُ الْأَصِيلِ الْبَرَاءَةَ فَإِنَّ رَدَّهَا ارْتَدَّتْ، وَهَلْ يَعُودُ الدَّيْنُ عَلَى الْكَفِيلِ فِيهِ قَوْلَانِ، وَمَوْتُ الْأَصِيلِ كَقَبُولِهِ.

وَفِي الْقُنْيَةِ بَرَاءَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>