من شرح المركز لزوائد الجامع الصغير: الحديث رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة ولفظه: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال " قال النووي: (الاعتصام بحبل الله) هو التمسك بعهده وهو اتباع كتابه العزيز وحدوده والتأدب بأدبه. (والحبل) يطلق على العهد وعلى الأمان وعلى الوصلة وعلى السبب وأصله من استعمال العرب الحبل في مثل هذه الأمور لاستمساكهم بالحبل عند شدائد أمورهم ويوصلون بها المتفرق فاستعير اسم الحبل لهذه الأمور. وأما قوله صلى الله عليه وسلم:(ولا تفرقوا) فهو أمر بلزوم جماعة المسلمين وتألف بعضهم ببعض وهذه إحدى قواعد الإسلام. واعلم أن الثلاثة المرضية إحداها: أن يعبدوه. والثانية: ألا يشركوا به شيئا. الثالثة: أن يعتصموا بحبل الله ولا يتفرقوا وأما (قيل وقال) فهو الخوض في أخبار الناس وحكايات ما لا يعني من أحوالهم وتصرفاتهم. واختلفوا في حقيقة هذين اللفظين على قولين: أحدهما: أنهما فعلان فقيل: مبنى لما لم يسم فاعله وقال: فعل ماض. والثاني: أنهما اسمان مجروران منونان؛ لأن القيل والقول والقالة كله بمعنى ومنه قوله تعالى {ومن أصدق من الله قيلا} ومنه قولهم: كثر القيل والقال. وأما (كثرة السؤال) : فقيل: المراد به القطع في المسائل والإكثار من السؤال عما لم يقع ولا تدعو إليه حاجة وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بالنهي عن ذلك وكان السلف يكرهون ذلك ويرونه من التكلف المنهي عنه. وفي الصحيح:" كره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها " وقيل: المراد به سؤال الناس أموالهم وما في أيديهم وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بالنهي عن ذلك وقيل: يحتمل أن المراد كثرة السؤال عن أخبار الناس وأحداث الزمان وما لا يعني الإنسان وهذا ضعيف لأنه قد عرف هذا من النهي عن قيل وقال وقيل: يحتمل أن المراد كثرة سؤال الإنسان عن حاله وتفاصيل أمره فيدخل ذلك في سؤاله عما لا يعنيه ويتضمن ذلك حصول الحرج في حق المسئول فإنه قد لا يؤثر إخباره بأحواله فإن أخبره شق عليه وإن كذبه في الإخبار أو تكلف التعريض لحقته المشقة وإن أهمل جوابه ارتكب سوء الأدب. وأما (إضاعة المال) : فهو صرفه في غير وجوهه الشرعية وتعريضه للتلف وسبب النهي أنه إفساد والله لا يحب المفسدين ولأنه إذا أضاع ماله تعرض لما في أيدي الناس