٢٥٨٢ - (إنما أنا مبلغ) عن الله ما يوحي به إلي (والله يهدي) أي يوصل إلى الرشاد وليس لي من الهداية شيء (وإنما أنا قاسم) أي أقسم بينكم ما أمرني الله بقسمته وألقى إلى كل واحد ما يليق به (والله يعطي) من يشاء فليست قسمتي كقسمة الملوك الذين يعطون من شاؤوا ويحرمون من شاؤوا فلا يكون في قلوبكم سخط وتنكر للتفاضل فإنه بأمر الله والمراد أنا أقسم ما أوحى إلي لا أفضل أحدا من أمتي على الآخر في إبلاغ الوحي وإنما التفاوت في الفهم وهو واقع من طريق العطاء أو المراد أنا أقسم العلم بينكم والله يعطي الفهم الذي يهتدي به إلى خفيات العلوم في كلمات الكتاب والسنة والتفكر في معناها والتوفيق للعمل بمقتضاها لمن شاء ذكره القاضي وهو بمعنى قول الطيبي المراد أنه تعالى يعطي من شاء أن يفقهه استعدادا لتلقف المعاني استعدادا على ما قدره وقال التوربشتي: علم المصطفى صلى الله عليه وسلم صحبه أنه لم يفضل في قسمته ما أوحي إليه أحدا على أحد بل سوى في الإبلاغ وعدل في القسمة وإنما التفاوت في الفهم وهو واقع من طريق العطاء وقد كان بعض الصحب يسمع الحديث ولا يفهم منه إلا الظاهر الجلي ويسمعه آخر منهم وممن بعدهم فيستنبط منه مسائل كثيرة وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وقال الكرماني في ⦗٥٧٢⦘ قوله الله يعطي تقديم لفظ الله مفيد للتقوية عند السكاكي ولا يحتمل التخصيص أي الله يعطي لا محالة وعند الزمخشري يحتمله أيضا فيكون معناه الله يعطي لا غيره ويصح أن يكون جملة حالية فيكون معناه ما أنا قاسم إلا في حال إعطاء الله لا في حال غيره واستشكل التعبير بأداة الحصر من حيث إن معناه ما أنا إلا قاسم وكيف يصح وله صفات أخرى كالرسول والمبشر والنذير وأجيب بأن الحصر بالنسبة لاعتقاد السامع فحسب فلا ينفي إلا ما اعتقده لا كل صفة فإن اعتقد أنه معط لا قاسم كان من قصر القلب أي ما أنا إلا قاسم لا معط وإن اعتقد أنه قاسم ومعط كان قصر أفراد لا شركة في الوصفين بل أنا قاسم فقط <تنبيه> استنبط السبكي من هذا الحديث أن الإمام ليس له تقديم غير الأحوج عليه لأن التمليك والإعطاء إنما هو من الله لا من الإمام فليس للإمام أن يملك أحدا إلا ما ملكه الله وإنما وظيفته القسمة وهي يجب كونها بالعدل ومنه تقديم الأحوج والتسوية بين متساوي الحاجة فإذا قسم بينهما ودفع لهما علمنا أن الله ملكه لهما قبل الدفع وأن القسمة إنما هي معينة فإن لم يكن إمام وبرز أحدهما واستأثر كان كما لو استأثر بعض الشركاء بمال مشتركا فلا يجوز <تنبيه> أخذ ابن الحاج من الحديث أنه ليس للعالم أن يخص قوما دون آخرين بإلقاء الأحكام عليهم لأن المسلمين قد تساووا في الأحكام وبقيت المواهب من الله يخص بها من يشاء
(طب عن معاوية) قال الهيثمي رواه بإسنادين أحدهما حسن