٢٦٢٨ - (إني لأمزح) أي بالقول وكذا بالفعل وتخصيصه بالأول ليس عليه معول (ولا أقول إلا حقا) لعصمتي عن الزلل في القول والعمل وذلك كقوله لامرأة زوجك في عينه بياض وقوله في أخرى لا يدخل الجنة عجوز وقوله لأخرى لأحملنك على ولد الناقة وقيل لابن عيينة المزاح سبة فقال: بل سنة ولكن من يحسنه وإنما كان يمزح لأن الناس مأمورون بالتأسي به والاقتداء بهديه فلو ترك اللطافة والبشاشة ولزم العبوس والقطوب لأخذ الناس من أنفسهم بذلك على ما في مخالفة الغريزة من الشفقة والعناء فمزح ليمزحوا ولا يناقض ذلك خبر ما أنا من دد ولا الدد مني فإن الدد اللهو والباطل وهو كان إذا مزح لا يقول إلا حقا فمن زعم تناقض الحديثين من الفرق الزائغة فقد افترى وقال الماوردي: العاقل يتوخى بمزاحه أحد حالين لا ثالث لهما أحدهما إيناس المصاحبين والتودد إلى المخالطين وهذا يكون بما أنس من جميل القول وبسط من مستحسن الفعل كما قال حكيم لابنه: يا بني اقتصد في مزاحك فإن الإفراط فيه يذهب البهاء ويجري السفهاء والتقصير فيه نقص بالمؤانسين وتوحش بالمخالطين والثاني أن ينبغي من المزاح ما طرأ عليه وحدث به من هم وقد قيل لا بد للمصدور أن ينفث ومزاح النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج عن ذلك وأتى رجل عليا كرم الله وجهه فقال: احتلمت بأبي قال: أقيموه في الشمس واضربوا ظله الحد أما مزاح يفضي إلى خلاعة أو يفضي إلى سبة فهجنة ومذمة قال ابن عربي: ولا يستعمل المزاح أيضا في أحكام الدين فإنه جهل قال تعالى مخبرا عن قصة البقرة {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين} قال معناه لا أمزح في أحكام الدين فإن ذلك فعل الجاهلين ولكن اذبحوها فستروا الحقيقة فيها
(طب) وكذا في الصغير (عن ابن عمر) بن الخطاب (خط عن أنس) قال الهيثمي: إسناد الطبراني حسن انتهى وإنما لم يصح لأن فيه الحسن بن محمد بن عنبر ضعفه ابن قانع وغيره وقال ابن عدي: حدث بأحاديث أنكرتها عليه منها هذا