٣٠٤١ - (الإحسان) أي المذكور في نحو {للذين أحسنوا الحسنى}{إن الله يحب المحسنين}{هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} فأل فيه للعهد الذهني قيل وحقيقته سجية في النفس تحمل على مجازات المسيء بجوائز المحسن وقيل هو معرفة الربوبية والعبودية معا وقيل انفاق المعنى على العيان والإحسان لمن أساء كائنا من كان وقيل هو إتقان العبادة بإيقاعها على وجهها مع رعاية حق الحق مراقبته واستحضار عظمته ابتداء ودواما وهو نحو أن أحدهما غالب عليه مشاهدة الحق كما قال (أن تعبد الله) من عبد أطاع والتعبد التنسك والعبودية الخضوع والذلة (كأنك تراه) بأن تتأدب في عبادته كأنك تنظر إليه فجمع مع الإيجاز بيان المراقبة في كل حال والإخلاص في سائر الأعمال والحث عليهما بحيث لو فرض أنه عاين ربه لم يترك شيئا من ممكنه والثاني من لا ينتهي إلى هذه الحال لكن عليه أن الحق مطلع عليه ومشاهد له وقد بينه بقوله (فإن لم تكن تراه فإنه يراك)(١) أي فإن لم ينته اليقين والحضور إلى هاتيك الرتبة فإلى أن تحقق من نفسك ⦗١٧٢⦘ أنك بمرأى منه تقدس لا يخفى عليه خافية قائم على كل نفس بما كسبت مشاهد لكل أحد من خلقه في حركته وسكونه فكما أنه لا يقصر في الحال الأول لا يقصر في الحال الثاني لاستوائهما بالنسبة إلى إطلاع الله وقوله فإن لم إلخ تعليل لما قبله فإن العبد إذا أمر بمراقبة الله في عبادته واستحضار قربه منه حتى كأنه يراه شق عليه فيستعين عليه بإيمانه بأن الله مطلع عليه لا يخفاه منه شيء يسهل عليه الانتقال إلى ذلك المقام الأكمل الذي هو مقام الشهود الأكبر
(م ٣ عن عمر) بن الخطاب رضي الله عنه (حم ق هـ عن أبي هريرة) وفي الباب عن غيره أيضا
(١) قال النووي: وهذا الحديث أصل عظيم من أصول الدين وقاعدة مهمة من قواعد المسلمين وهو عمدة الصديقين وبقية السالكين وكنز العارفين ودأب الصالحين وهو من جوامع الكلم التي أوتيها صلى الله عليه وسلم وقد ندب أهل التحقيق إلى مجالسة الصالحين ليكون ذلك مانعا من التلبس بشيء من النقائص احتراما لهم واستحياء منهم فكيف بمن لا يزال الله مطلعا عليه في سره وعلانيته؟