٤٣١١ - (ذاكر الله في الغافلين مثل الذي يقاتل عن الفارين) لأن أهل الغفلة قد تعلقت قلوبهم بالأسباب فاتخذوها دولا فصارت عليهم فتنة فإذا ذكر الله بينهم كان فيه ردا عليهم غيبتهم وجفرهم وسوء صنيعهم وإعراضهم عن الذكر فكان ذاكر الله فيهم كحامي الفئة المنهزمة فهو يطفئ ثائرة غضب الله على من أعرض عن ذكره {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض} ومن ثمة شرع لداخل السوق الذي هو محل الغفلة الذكر المشهور ورتب عليه ذلك الجزاء العظيم الذي لم يقع مثله في حديث صحيح إلا قليلا (وذاكر الله في الغافلين) كرره ليناط به في كل مرة ما لم ينط به أولا ذكره الطيبي (كالمصباح في البيت المظلم) شبه الذاكر بالسراج الذي يستضئ به أهل البيت ويهتدون به إلى المصالح ويحترزون بضوئه من الهوام (وذاكر الله في الغافلين كمثل الشجرة الخضراء في وسط الشجر الذي قد تحات من الصريد الضريب)(١) أي تتساقط من شدة البرد والضريب الصقيع ويروى من الجليد شبه الذاكر بالغصن الأخضر الذي يعد للإثمار والغافل باليابس الذي يهيأ للإحراق ذكره القاضي. قال الحكيم: فكذلك أهل الغفلة أصابهم حريق الشهوات فذهبت ثمار القلوب وهي طاعة الأركان فالذاكر قلبه رطب بذكره فلم يضره قحط ولا برد وأما أهل الغفلة كأهل الأسواق فالحرص فيهم كامن وكلما ازداد الواحد منهم طلبا ازداد حرصا فأقبل العدو فنصب كرسيه في وسط أسواقهم وركز رايته وبث جنوده فحملهم على الغفلة فأضاعوا الصلاة ومنعوا الحقوق فأهل الغفلة على خطر عظيم من نزول العذاب والذاكر ببينهم يرد غضب الله فيدفع بالذاكر عن الغافل وبالمصلي عمن لا يصلي (وذاكر الله في الغافلين يعرفه الله مقعده من الجنة) أي في الدنيا بأن يكشف له عنه فيراه أو يرى له أو في القبر (وذاكر الله في الغافلين يغفر الله له بعدد كل فصيح وأعجمي) فالفصيح بنو آدم والأعجمي البهائم هكذا ذكره متصلا مخرجه أبو نعيم فما أدري أهو من تتمة الحديث أو من تفسيره الراوي شبه الذاكر بشجرة خضراء لها منظر بين الأشجار سقياها من فيض العطوف الغفار فهي رطبة بذكره لينة بفضله وأهل الغفلة بأشجار جفت فسقط ورقها ويبست أغصانها لأن حريق الشهوة أصابهم ⦗٥٥٩⦘ فذهبت ثمار القلوب وهي طاعة الأركان وذهبت طلاوة الوجوه وسمتها وسكون النفوس وهديها فلم يبق ثمر ولا ورق وما بقي من أثمر فمر أو حلو لا طعم له كدر اللون عاقبته التخمة فهي أشجار بهذه الصفة
(حل) وكذا البيهقي في الشعب (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف أي وذلك لأن فيه عمران بن مسلم القصير قال في الميزان: قال البخاري منكر الحديث ثم أورد له هذا الخبر
(١) [كلمة " الضريب " لم ترد في متن الجامع الصغير ولا في الفتح الكبير للنبهاني. دار الحديث]