٥٧٥٢ - (العينان دليلان والأذنان قمعان) أي يتبعان الأخبار ويحدثان بها القلب قال الزمخشري: من المجاز ويل لأقماع القول وهم الذين يسمعون ولا يعون وفلان قمع الأخبار يتبعها ويحدث بها ويقول ما لكم أسماع وإنما هو إقماع (واللسان ترجمان) أي يعبر عما في القلب (واليدان جناحان والكبد رحمة والطحال ضحك والرئة نفس والكليتان مكر والقلب ملك) هذه الأعضاء كلها وهي رعيته (فإذا صلح الملك صلحت رعيته وإذا فسد الملك فسدت رعيته) فالقلب هو العالم بالله وهو العاقل لله وهو الساعي إلى الله وهو المتقرب إليه وهو المكاشف بما عند الله ولديه وإنما الجوارح أتباع وخدم وآلات يستخدمها القلب ويستعملها استعمال الملك لعبيده واستخدام الراعي لرعيته والقلب هو المخاطب والمعاتب والمطالب والمعاقب وهو المطيع بالحقيقة لله وإنما الذي ينشر على الجوارح من العبادات أنواره وهو العاصي المتمرد على الله وإنما فواحش الأعضاء آثاره وإظلامه واستنارته تظهر محاسن الظاهر ومساويه إذ كل وعاء يرشح بما فيه وهو الذي إذا عرفه الإنسان فقد عرف نفسه وإذا عرف نفسه فقد عرف ربه وهو الذي إذا جهله الإنسان فقد جهل نفسه وإذا جهل نفسه جهل ربه ومن جهل قلبه فهو بغيره أجهل وأكثر الخلق جاهلون بقلوبهم وأنفسهم وقد حيل بينهم وبين أنفسهم فإن الله يحول بين المرء وقلبه وحيلولته بأن يمنعه عن مشاهدته ومراقبته ومعرفة صفاته وكيفية تقلبه بين أصبعين من أصابع الرحمن وأنه كيف يهوي مرة إلى أسفل سافلين وينخفض إلى أفق الشياطين وكيف يرتفع إلى أعلى عليين ويرتقي إلى عالم الملائكة المقربين ومن ثم من لم يعرف قلبه ليراقبه ويترصد ما يلوح من خزائن الملكوت عليه وفيه فهو من الذين {نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون} إذا علمت ذلك فالقلب في وسط مملكة كالملك وتجري القوة الخيالية المودعة في مقدم الدماغ مجرى صاحب بريده إذ تجتمع أخبار المحسوسات عنده وتجري القوة الحافظة التي مسكنها مؤخر الدماغ مجرى خازنه ويجري اللسان مجرى ترجمانه وتجري الأعضاء المتحركة مجرى كتابه وتجري الحواس الخمسة مجرى جواسيسه فيوكل كل واحد بأخبار صقع من الأصقاع فيوكل العين بأنواع الألوان والسمع بعالم الأصوات والشم بعالم الروائح وكذا سائرها فإنها أصحاب أخبار يلتقطونها من هذه العوالم ويؤدونها إلى القوة الخيالية التي هي كصاحب البريد ويسلم صاحب البريد إلى الخازن وهي القوة الحافظة ويعرضها الخازن على الملك فيقتبس منه ما يحتاجه في تدبير مملكته وقمع عدوه الذي هو مبتلى به ودفع قواطع طريق سفره عليه فإذا فعل ذلك كان موفقا سعيدا شاكرا وإذا عطل هذه الجملة واستعملها في رعاية أعداءه وهي الشهوة والغضب وسائر الحظوظ العاجلة وفي عمارة طريقه التي هي الدنيا دون منزله ومستقره الذي هو الآخرة كان مخذولا شقيا كافرا لنعمة الله فيستحق المقت والإبعاد في المنقلب والمعاد إذا تدبرت ذلك عرفت أن هذا الحديث ضربه المصطفى صلى الله عليه وسلم مثالا لذلك ولله دره
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان (في) كتاب (العظمة عد وأبو نعيم في) كتاب (الطب) النبوي (عن أبي سعيد) الخدري (الحكيم) الترمذي (عن عائشة) وسببه أنه دخل عليها كعب الأحبار فقال لها ذلك فقالت هذا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم