٦٠١٤ - (قال الله تعالى شتمني) بلفظ الماضي وروي بلفظ المضارع المفتوح الأول وكسر التاء والشتم الوصف بما يقتضي النقص (ابن آدم) أي بعض بني آدم وهم من أنكر البعث ومن ادعى أن له ندا (وما ينبغي له أن يشتمني) أي لا يجوز له أن يصفني بما يقتضي النقص (وكذبني وما ينبغي له أن يكذبني) أي ليس له ذلك من حق مقام العبودية مع الربوبية (أما شتمه إياي فقوله إن لي ولدا) لاستلزامه الإمكان المتداعي للحدوث وذلك غاية النقص في حق البارئ لأن الشتم توصيف الشيء بما هو نقص وإزراء وإثبات الولد له كذلك لأنه قول بمماثلة الولد له في تمام حقيقته وهي مستلزمة للإمكان المتداعي للحدوث ولأن الحكمة في التوالد استبقاء النوع فلو كان متخذا ولدا كان مستخلفا خلفا يقوم بأمره بعد عصره {تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا}(وأنا الله الأحد) حال من ضمير فقوله أو من محذوف أي فقوله لي (الصمد) أي الذي يصمد إليه في الحوائج (لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفوا أحد) ومن هو كذلك فكيف ينسب إليه وهو واجب الوجود لذاته قديما وكل مولود محدثا انتفت عنه الوالدية (وأما تكذيبه إياي فقوله ليس يعيدني كما بدأني) وهذا قول منكري البعث من عبدة الأوثان (وليس أول الخلق) أي أول المخلوق أو أول خلق الشيء (بأهون علي من إعادته) الضمير للمخلوق أو للشيء قال القاضي: إشارة إلى برهان تحقق المعاد وإمكان الإعادة وهو أن ما يتوقف عليه تحقق البدن من مواده وأجزائه وصورته لو لم يكن وجوده ممكنا لما وجد أولا وقد وجد وإذا أمكن لم تمتنع لذاته وجوده ثانيا وإلا لزم انقلاب الممكن لذاته ممتنعا لذاته وهو محال وتنبيه على تمثيل يرشد العامي وهو ما يرى في الشاهد أن من عمد إلى اختراع صنعة لم يرى مثلها صعب عليه ذلك وتعب وافتقر إلى مكابدة أفعال ومعاونة أعوان ومرور أزمان ومع ذلك كثيرا لا يتم له الأمر ومن أراد إصلاح منكسر وإعادة منهدم هان عليه فيا معشر الغواة أتحيلون إعادة أبدانكم وإنكم معترفون بجواز ما هو أصعب منها بالنسبة لقدركم وأما بالنسبة لله فيستوي عنده نكوس بعوض طيار وتحليق فلك دوار {وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر} قال: والشتم توصيف الشيء بما هو إزراء ونقص فإثبات الولد المماثل له في تمام حقيقته وهي مستلزمة للإمكان المتداعي إلى الحدوث لأن الخدمة في التوالد استحفاظ النوع إذ لو كانت العناية الأزلية مقتضية لبقاء أشخاص الحيوان استغنى عن التناسل استغناء الأفلاك والكواكب عنه فلو كان البارئ متخذا ولدا لكان مستخلفا خلفا يقوم بأمره بعد عصره تعالى عن ذلك علوا كبيرا اه. وقال الطيبي: هذه أوصاف مشعرة بغلبة الحكم أما قوله الأحد فإنه بني لنفي ما يذكر معه من العدد فلو فرض له ولد يكون مثله فلا يكون أحدا ولذلك قال في حق المصطفى صلى الله عليه وسلم {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم} لأنه لو كان له ولد كان مثله نبيا لم يكن خاتم النبيين وهذا معنى الاستدراك في قوله {ولكن رسول الله} إلخ والصمد هو الذي يصمد إليه في الحوائج فلو كان له ولد لشركه فيه فيلزم فساد السماوات والأرض وقوله كفوا أي صاحبة ولا ينبغي له إذ لو فرض له ذلك لزم منه الاحتياج إلى قضاء الشهوة وكل ذلك وصف له بما فيه نقص وإزراء وهذا معنى الشتم فالأحد ذاتي والصمد إضافي والثالث سلبي فإن قيل أي الأمرين أعظم قلنا كلاهما عظيم لكن التكذيب أعظم لأن المكنونات لم تكون إلا للجزاء فمن أنكر الجزاء لزمه العبث في التكوين وإعدام السماوات والأرض فتنتفي جميع ⦗٤٧٣⦘ الصفات الكمالية التي أثبتها الشرع فيلزم منه التعطيل على أن الصفات الثبوتية إذا انتفت يلزم منه انتفاء الذات وكذا السلبية وذكر الله تكذيب ابن آدم وشتمه وعظمهما ولعمري أن أقل الخلق وأدناه إذا نسب ذلك إليه استنكف وامتلأ غضبا وكاد يستأصل قائله فسبحانه ما أحلمه وما أرحمه {وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب}