على كل حال هي أربع جمل، فإذا قلنا: إنها مقدرة بعد الثلاث -الرابعة مقدرة بعد الثلاث- لا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون؛ لأن الاسترقاء خدش في التوكل، ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون؛ لأن الاكتواء خدش في التوكل، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون؛ لأن التطير خدش في التوكل، مع أن هذه الأمور متفاوتة، يعني ليس الاسترقاء مثل التطير، وليس الاكتواء مثل التطير؛ لأنها وإن قرنت إلا أن دلالة الاقتران عند أهل العلم ضعيفة، دلالة الاقتران عند أهل العلم ضعيفة.
على كل حال ((على ربهم يتوكلون)): يفوضون أمورهم جميعها، دقيقها وجليلها إلى الله -جل وعلا-، وليس معنى هذا أنهم يعطلون الأسباب؛ لأن الأسباب لا تنافي التوكل، لكن لا يلتفتون إلى هذه الأسباب بما يخدش التوكل.
قال:"فقام عكاشة بن محصن": الأسدي، "فقال يا رسول الله: ادع الله أن يجعلني منهم، قال:((أنت منهم))، ادع الله أن يجعلني منهم فقال:((أنت منهم)) ": يعني أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أخبر بأن عكاشة بن محصن ممن يدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب.
"ادع الله أن يجعلني منهم، فقال:((أنت منهم)) ": هل هذا خبر أو دعاء؟ اللفظ لفظ الخبر، لكن في بعض الروايات:((اللهم اجعله منهم)) دعاء، ولا يمتنع أنه دعا فأخبر أنه منهم فأخبره، فيكون في هذا علم من أعلام النبوة كما قال الشيخ في المسائل على ما سيأتي.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن في بعض الروايات:((اللهم اجعله منهم)) وهو يقول: ادع الله أن يجعلني منهم، وهنا يقول: قال: ((أنت منهم))، هذه جملة خبرية، يخبر بأن عكاشة من السبعين الألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب.
وفي رواية قال:((اللهم اجعله منهم))، ولا يمتنع أنه طلب منه الدعاء، فدعا له، ثم أخبر أنه أجيب دعاؤه، فأخبره أنه منهم، وعلى هذا يكون علم من أعلام النبوة.
أما مجرد الدعاء وإجابة الدعاء هذا يحصل له ولغيره -عليه الصلاة والسلام-، من أمته من هو مستجاب الدعوة، سعد بن أبي وقاص مثلاً مستجاب الدعوة، فإجابة الدعوة ليست من أعلام النبوة وإنما الإخبار بكونه منهم هو العلم من أعلام النبوة.