وأصول الأديان واحدة، أصول الأديان واحدة والأنبياء كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((نحن معاشر الأنبياء أولاد علات ديننا واحد)): يعني الأصل واحد، أولاد العلات الأخوة لأب، فالدين الأصل الذي هو الأب واحد يشتركون فيه، لكن الأمات مختلفات، فالشرائع لكل نبي من الأنبياء شرعة ومنهاج، سبيل وسنة، الشرائع مختلفة، هي متفقة في كثير منها، لكنها أيضاً لكل زمان ولكل أمة من الأمم ما يناسبها من الشرائع، ينسخ منها ما لا يناسب الأمة التي تليها، ويبقى ما يناسبها معمولاً به، وكل نبي يبعث إلى قومه بما يناسبهم إلى أن جاء النبي الخاتم، خاتم الأنبياء -عليه الصلاة والسلام- فنسخ جميع الشرائع.
" {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} ": اعبدوا الله وحده، ولا تشركوا به شيئاً، " {وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} ": الطاغوت فعلوت، والواو والتاء يؤتى بها للمبالغة كما في جبروت وملكوت ورحموت.
" {وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} ": الطاغوت كما قرر ابن القيم -رحمه الله تعالى- من الطغيان وهو ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع، وكل ما عبد من دون الله وهو راض فهو طاغوت، ما عبد من دون الله فهو طاغوت، ولا يلزم أن يُسجَد له ليكون معبوداً من دون الله، إذا أمروا بمعصية أو نهوا عن طاعة واستجيب لهم فقد اتخذوهم أرباباً من دون الله.
لما قال عدي بن حاتم احنا ما عبدناهم .. ، {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ} [(٣١) سورة التوبة]، قال: ما عبدناهم، يعني ما سجدنا لهم، ولا .. ، قال:((أليس يأمرونكم فتأتمرون وينهونكم فتنتهون؟ تلك عبادتهم))، فإذا كان يأمر الناس ويلزمهم بالمعاصي وينهاهم عن الطاعات ويأتمرون بهذه الأوامر، وينتهون عما نهاهم عنه فهذه عبادة، وحينئذ يكون طاغوتاً.