قيام) بفتح التحتية المشددة فألف بوزن فعال بالتشديد صيغة مبالغة.
(وقال مجاهد) المفسر فيما وصله الفريابي (القيوم) هو (القائم على كل شيء) وقال في شرح المشكاة القيوم فيعول للمبالغة كالديور والديوم ومعناه القائم بنفسه المقيم لغيره وهو على الإطلاق والعموم لا يصح إلا لله، فإن قوامه بذاته لا يتوقف بوجه ما على غيره وقوام كل شيء به إذ لا يتصوّر للأشياء وجود ودوام إلا بوجوده فمن عرف أنه القيوم بالأمور واستراح عن كدّ التدبير وتعب الاشتغال وعاش براحة التفويض فلم يضنّ بكريمة، ولم يجعل في قلبه للدنيا كثرة قيمة.
(وقرأ عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- (القيام) من قوله: {الله لا إله إلا هو الحيّ القيوم} [البقرة: ٢٥٥] بوزن فعال بالتشديد (وكلاهما) أي القيوم والقيام (مدح) لأنهما من صيغ المبالغة ولا يستعملان في غير المدح بخلاف القيم فإنه يستعمل في الذّم أيضًا.
٧٤٤٣ - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنِى الأَعْمَشُ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَاّ سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، وَلَا حِجَابٌ يَحْجُبُهُ».
وبه قال: (حدّثنا يوسف بن موسى) بن راشد القطان الكوفي قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة قال: (حدّثني) بالإفراد (الأعمش) سليمان بن مهران الكوفي (عن خيثمة) بخاء معجمة مفتوحة وبعد التحتية الساكنة مثلثة ابن عبد الرحمن الجعفي (عن عدي بن حاتم) بالحاء المهملة والفوقية الطائي -رضي الله عنه- أنه (قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(ما منكم) خطاب للصحابة والمراد العموم (من أحد إلا سيكلمه ربه) عز وجل (ليس بينه وبينه ترجمان) بفتح الفوقية وضم الجيم أو ضمهما يترجم عنه (ولا حجاب يحجبه) عن رؤية ربه تعالى، والمراد بالحجاب نفي المانع من الرؤية لأن من شأن الحجاب المنع من الوصول إلى المراد فاستعير نفيه لعدم المنع، وكثير من أحاديث الصفات تخرّج على الاستعارة التخييلية وهي أن يشترك شيئان في وصف، ثم يعتمد لوازم أحدهما بحيث تكون جهة الاشتراك وصفًا فيثبت كماله في
المستعار بواسطة شيء آخر فيثبت ذلك للمستعار مبالغة في إثبات المشترك وبالحمل على هذه الاستعارة التخييلية يحصل التخلص من مهاوي التجيم، ويحتمل أن يراد بالحجاب استعارة محسوس لمعقول لأن الحجاب حسي والمنع عقلي والله تعالى منزه عما يحجبه فالمراد بالحجاب منعه أبصار خلقه وبصائرهم بما شاء كيف شاء فإذا شاء كشف ذلك عنهم اهـ. ملخصًا مما حكاه في الفتح عن الحافظ الصلاح العلائي.
والحديث سبق في الرقاق.
٧٤٤٤ - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، عَنْ أَبِى عِمْرَانَ، عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلَاّ رِدَاءُ الْكِبْرِ عَلَى وَجْهِهِ فِى جَنَّةِ عَدْنٍ».
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا عبد العزيز بن عبد الصمد) العمي (عن أبي عمران) عبد الملك بن حبيب الجونيّ من علماء البصرة (عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه) عبد الله بن قيس أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):
(جنتان) مبتدأ (من فضة) خبر قوله (آنيتهما) والجملة خبر المبتد الأول ومتعلق من فضة محذوف أي آنيتهما كائنة من فضة (وما فيهما) عطف على آنيتهما وكذا قوله (وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما). وفي رواية حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أبي بكر بن أبي موسى عن أبيه قال: قال حماد: لا أعلمه إلا قد رفعه قال: جنتان من ذهب للمقربين ومن دونهما جنتان من ورق لأصحاب اليمين. رواه الطبري وابن أبي حاتم ورجاله ثقات.
واستشكل ظاهره إذ مقتضاه أن الجنتين من فضة لا ذهب فيهما، وبالعكس بحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قلنا: يا رسول الله حدّثنا عن الجنة ما بناؤها؟ قال: "لبنة من ذهب ولبنة من فضة". رواه أحمد والترمذي وصححه ابن حبان. وأجيب: بأن "الأوّل" صفة ما في كل جنة من آنية وغيرها. "والثاني" صفة حوائط الجنان كلها.
(وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبر) بكسر الكاف وسكون الموحدة وفي نسخة الكبرياء (على وجهه في جنة عدن) أي جنة إقامة وهو ظرف للقوم لا لله تعالى إذ لا تحويه الأمكنة. وقال القرطبي: متعلق بمحذوف في موضع الحال من القوم مثل كائنين في جنة عدن وقال في شرح المشكاة على وجهه حال من رداء الكبرياء والعامل معنى ليس، وقوله في الجنة متعلق بمعنى