للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْأَقْيِسَةُ مُتَعَارِضَةٌ، فَفِيهِ تَفْوِيتُ الزَّوْجِ الْمِلْكَ عَلَى نَفْسِهِ بِاخْتِيَارِهِ وَفِيهِ عَوْدُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إلَيْهِ سَالِمًا فَكَانَ الْمَرْجِعُ

أَوْ وَهَبَتْ لِبَقَاءِ مِلْكِهَا فِي الْكُلِّ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَالتَّرَاضِي عِنْدَنَا، وَإِذَا نَفَذَ تَصَرُّفُهَا فَقَدْ تَعَذَّرَ عَلَيْهَا رَدُّ النِّصْفِ بَعْدَ وُجُوبِهِ فَتَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا لِلزَّوْجِ يَوْمَ قَبَضَتْ.

وَلَوْ وُطِئَتْ الْجَارِيَةُ بِشُبْهَةٍ فَحُكْمُ الْعُقْرِ كَحُكْمِ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْ الْأَصْلِ كَالْأَرْشِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ جُزْءٍ مِنْ عَيْنِهَا فَإِنَّ الْمُسْتَوْفَى بِالْوَطْءِ فِي حُكْمِ الْعَيْنِ دُونَ الْمَنْفَعَةِ وَسَنَذْكُرُ حُكْمَ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ.

وَإِزَالَةُ الْبَكَارَةِ بِلَا دُخُولٍ كَمَنْ تَزَوَّجَ بِبِكْرٍ فَدَفَعَهَا فَزَالَتْ بَكَارَتُهَا لَيْسَ كَالدُّخُولِ بِهَا فَلَا يُوجِبُ إلَّا نِصْفَ الْمَهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجِبُ كَمَالُهُ، وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فَقِيلَ هُوَ مَعَ مُحَمَّدٍ، وَقِيلَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ.

(قَوْلُهُ وَالْأَقْيِسَةُ مُتَعَارِضَةٌ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ وَهُوَ أَنَّ الْآيَةَ وَهِيَ قَوْله تَعَالَى ﴿فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ عَامٌّ فِي الْمَفْرُوضِ أَعْطَى حُكْمَ التَّنْصِيفِ، وَقَدْ خَصَّ مِنْهُ مَا إذَا كَانَ الْمَفْرُوضُ نَحْوَ الْخَمْرِ وَمَا إذَا سَمَّى بَعْدَ الْعَقْدِ الْخَالِي عَنْ التَّسْمِيَةِ فَإِنَّهُ لَا يَتَنَصَّفُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَجَازَ أَنْ يُعَارِضَهُ الْقِيَاسُ إنْ وُجِدَ وَقَدْ وُجِدَ، وَهُوَ أَنَّ فِي طَلَاقِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ تَفْوِيتَ الْمِلْكِ عَلَى نَفْسِهِ بِاخْتِيَارِهِ فَكَانَ كَإِعْتَاقِ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ الْمَبِيعَ أَوْ إتْلَافِ الْمَبِيعِ وَمُقْتَضَاهُ وُجُوبُ تَمَامِ الْمُسَمَّى.

أَوْ يُقَالُ هُوَ رُجُوعُ الْمُبْدَلِ إلَيْهَا سَالِمًا فَكَانَ كَمَا إذَا تَقَايَلَا قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْبَيْعِ يَسْقُطُ كُلُّ الثَّمَنِ؛ فَقَالَ: الْأَقْيِسَةُ مُتَعَارِضَةٌ فَإِنَّ مُقْتَضَى الْأَوَّلِ وُجُوبُ الْمُسَمَّى بِتَمَامِهِ كَمَا ذَكَرْنَا؛ وَمُقْتَضَى الثَّانِي لَا يَجِبُ لَهَا شَيْءٌ أَصْلًا فَتَسَاقَطَا فَبَقِيَ النِّصْفُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فَكَانَ الْمَرْجِعُ إلَيْهِ، وَعَلَى هَذَا يَسْقُطُ مَا أَوْرَدَ مِنْ أَنَّ مُقْتَضَى الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمَصِيرَ إلَى النَّصِّ بَعْدَ تَعَارُضِ الْقِيَاسَيْنِ لَكِنَّ الْحُكْمَ عَلَى عَكْسِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي نَصٍّ لَا يُعَارِضُهُ الْقِيَاسُ، وَمِنْ أَنَّ الْقِيَاسَيْنِ إذَا تَعَارَضَا لَا يُتْرَكَانِ بَلْ يَعْمَلُ الْمُجْتَهِدُ بِشَهَادَةِ قَلْبِهِ فِي أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عُمُومُ نَصٍّ

<<  <  ج: ص:  >  >>