فِيهِ النَّصَّ، وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْخَلْوَةِ؛ لِأَنَّهَا كَالدُّخُولِ عِنْدَنَا عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. .
قَالَ (وَإِنْ تَزَوَّجَهَا وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا
يُرْجَعُ إلَيْهِ، لَكِنْ تَقْرِيرُ السُّؤَالِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لَا يُتَوَجَّهُ؛ لِأَنَّ تَمَامَ الْآيَةِ هُوَ انْتِصَافُ الْمُسَمَّى بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ فَتَوْجِيهُ السُّؤَالِ بِأَنَّ النَّصَّ قَدْ خُصَّ، وَقِيَاسُ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى إتْلَافِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ يُوجِبُ أَنْ لَا يَجِبَ شَيْءٌ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ نَسْخٌ لِتَمَامِ مُوجِبِ النَّصِّ لَا تَخْصِيصٌ إذَا لَمْ يَبْقَ تَحْتَ النَّصِّ عَلَى ذَلِكَ التَّقْرِيرِ شَيْءٌ، وَلَيْسَ يُنْسَخُ الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ بِالْقِيَاسِ بَلْ يُخَصُّ بِهِ فَلَا يُتَوَجَّهُ لِيُعَارَضَ بِآخَرَ يَمْنَعُهُ مِنْ الْإِخْرَاجِ، وَتَقْرِيرُهُ لَا عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ سُؤَالٍ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَسْقُطُ عَلَى ذَلِكَ التَّقْرِيرِ فَلَمْ يَكُنْ حَاجَةٌ فِي الِاسْتِدْلَالِ سِوَى التَّعَرُّضِ لِلنَّصِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَصَدَ ذِكْرَ الْوَاقِعِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ وَشَرَطَ) يَعْنِي الْقُدُورِيَّ فِي لُزُومِ نِصْفِ الْمُسَمَّى بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ (أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْخَلْوَةِ؛ لِأَنَّهَا كَالدُّخُولِ عِنْدَنَا) فِي تَأَكُّدِ تَمَامِ الْمَهْرِ بِهَا
(قَوْلُهُ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ وُجُوبَ مَهْرِ الْمِثْلِ حُكْمُ كُلِّ نِكَاحٍ لَا مَهْرَ فِيهِ عِنْدَنَا سَوَاءٌ سَكَتَ عَنْ الْمَهْرِ أَوْ شَرَطَ نَفْيَهُ أَوْ سَمَّى فِي الْعَقْدِ وَشَرَطَ رَدَّهَا مِثْلَهُ مِنْ جِنْسِهِ، وَصُورَةُ هَذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنْ تَرُدَّ إلَيْهِ أَلْفًا صَحَّ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا بِمَنْزِلَةِ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ؛ لِأَنَّ الْأَلْفَ بِمُقَابَلَةِ مِثْلِهَا فَبَقِيَ النِّكَاحُ بِلَا تَسْمِيَةٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنْ تَرُدَّ عَلَيْهِ مِائَةَ دِينَارٍ جَازَ، وَتَنْقَسِمُ الْأَلْفُ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ وَمَهْرِ مِثْلِهَا، فَمَا أَصَابَ الدَّنَانِيرَ يَكُونُ صَرْفًا مَشْرُوطًا فِيهِ التَّقَابُضُ، وَمَا يَخُصُّ مَهْرَ الْمِثْلِ يَكُونُ مَهْرًا، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ رَدَّتْ نِصْفَ ذَلِكَ عَلَى الزَّوْجِ إنْ كَانَتْ قَبَضَتْ الْأَلْفَ؛ لِأَنَّ الْمُقَابَلَةَ هُنَا بِخِلَافِ الْجِنْسِ وَعِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ تَكُونُ الْمُقَابَلَةُ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، وَلَوْ تَفَرَّقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ بَطَلَ حِصَّةُ الدَّنَانِيرِ مِنْ الدَّرَاهِمِ.
وَفِي هَذِهِ الْوُجُوهِ إنْ كَانَتْ حِصَّةُ مَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ الْأَلْفِ أَقَلَّ مِنْ عَشْرَةٍ يُكْمِلُ لَهَا عَشْرَةً. وَمِنْ صُوَرِ وُجُوبِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى حُكْمِهَا أَوْ حُكْمِهِ أَوْ حُكْمِ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ فِي الْجَهَالَةِ فَوْقَ جَهَالَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ، إلَّا أَنَّ فِي الْإِضَافَةِ إلَى نَفْسِهِ إنْ حَكَمَ لَهَا بِقَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ صَحَّ، أَوْ دُونَهُ فَلَا إلَّا إنْ تَرْضَى، وَإِلَيْهَا إنْ حَكَمَتْ بِمَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ أَقَلَّ جَازَ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا إلَّا أَنْ يَرْضَى، وَإِلَى الْأَجْنَبِيِّ إنْ حَكَمَ لَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ جَازَ لَا بِالْأَقَلِّ إلَّا أَنْ تَرْضَى، وَلَا بِالْأَكْثَرِ إلَّا أَنْ يَرْضَى، وَكَذَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى مَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهِ أَوْ أَغْنَامِهِ لَا يَصِحُّ، بِخِلَافِ خُلْعِهَا عَلَى مَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهَا وَنَحْوِهِ يَصِحُّ؛ لِأَنَّ مَا فِي الْبَطْنِ بِعُرْضِيَّةِ أَنْ يَصِيرَ مَالًا بِالِانْفِصَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا فِي الْحَالِ، وَالْعِوَضُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute