قَالَ ﵀: مَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُسَمِّيَ جِنْسَ الْحَيَوَانِ دُونَ الْوَصْفِ، بِأَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى فَرَسٍ أَوْ حِمَارٍ. أَمَّا إذَا لَمْ يُسَمِّ الْجِنْسَ بِأَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى دَابَّةٍ لَا تَجُوزُ التَّسْمِيَةُ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ.
كَانَ عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا فَإِمَّا مُعَيَّنٌ كَهَذَا الْعَبْدِ أَوْ الْفَرَسِ أَوْ الدَّارِ فَيَثْبُتُ الْمَلِكُ بِمُجَرَّدِ الْقَبُولِ فِيهِ لَهَا إنْ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مُشَارًا إلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ كَعَبْدِي وَإِلَّا فَلَهَا أَنْ تَأْخُذَهُ بِشِرَائِهِ لَهَا، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ شِرَائِهِ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ. وَلَوْ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الدَّارِ خُيِّرَتْ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي فِي يَدِهَا، إنْ شَاءَتْ رَدَّتْهُ بِالْعَيْبِ الْفَاحِشِ وَهُوَ التَّشْقِيصُ فِي الْأَمْلَاكِ الْمُجْتَمِعَةِ وَرَجَعَتْ بِقِيمَةِ الدَّارِ، وَإِنْ شَاءَتْ أَمْسَكَتْهُ وَرَجَعَتْ بِقِيمَةِ نِصْفِهَا، وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ كَانَ لَهَا النِّصْفُ الَّذِي فِي يَدِهَا خَاصَّةً، وَلَوْ وَلَدَتْ الْأَمَةُ عِنْدَهُ ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ فَلَيْسَ عَلَى الزَّوْجِ ضَمَانُهُ وَلَا يَكُونُ حَالُهُ أَعْلَى مِنْ حَالِ وَلَدِ الْمَغْصُوبَةِ وَلَكِنْ لَهَا الْأَمَةُ إنْ دَخَلَ بِهَا، وَلَا خِيَارَ لَهَا إنْ كَانَ نُقْصَانُ الْوِلَادَةِ يَسِيرًا، وَإِنْ كَانَ فَاحِشًا فَلَهَا إنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ الْجَارِيَةَ وَلَا يَضْمَنُ الزَّوْجُ شَيْئًا، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ قِيمَتَهَا يَوْمَ تَزَوَّجَهَا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ نُقْصَانَ الْوِلَادَةِ كَالْعَيْبِ السَّمَاوِيِّ وَقَدْ كَانَ الْوَلَدُ جَابِرًا لِذَلِكَ النُّقْصَانِ، فَإِذَا مَاتَ الْوَلَدُ ظَهَرَ النُّقْصَانُ لِانْعِدَامِ مَا يَجْبُرُهُ، وَقَدْ بَيَّنَّا ثُبُوتَ الْخِيَارِ لَهَا فِي الْعَيْبِ السَّمَاوِيِّ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ قَتَلَهُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ أَمَانَةً فِي يَدِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي قِيمَتِهِ وَفَاءٌ بِنُقْصَانِ الْوِلَادَةِ لَمْ يَضْمَنْ نُقْصَانَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَجَابَ فِي كَافِي الْحَاكِمِ بِأَنَّ عَلَيْهِ تَمَامَ ذَلِكَ.
قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: وَهُوَ غَلَطٌ، فَقَدْ بَيَّنَ فِي الِابْتِدَاءِ أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَضْمَنُ نُقْصَانَ الْوِلَادَةِ عِنْدَ مَوْتِ الْوَلَدِ فَكَذَا لَا يَضْمَنُ مَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ مِنْ قَدْرِ النُّقْصَانِ، وَلَكِنْ إنْ كَانَ يَسِيرًا فَلَا خِيَارَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ فَاحِشًا فَلَهَا الْخِيَارُ كَمَا قُلْنَا، وَلَا إشْكَالَ فِي الثَّوْبِ الْمُعَيَّنِ فِي ثُبُوتِ الصِّحَّةِ، غَيْرَ أَنَّهُ إذَا زَادَ فَقَالَ هَذَا الثَّوْبُ الْهَرَوِيُّ وَلَمْ يَكُنْ هَرَوِيًّا فَلَيْسَ لَهَا غَيْرُهُ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَهَا قِيمَةُ ثَوْبٍ هَرَوِيٍّ وَسَطٍ، وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ لَهَا الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ تَأْخُذَهُ أَوْ تَطْلُبَ قِيمَةَ الْهَرَوِيِّ الْوَسَطِ؛ لِأَنَّهَا وَجَدَتْهُ عَلَى خِلَافِ شَرْطِهِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ الْمُشَارُ إلَيْهِ مِنْ جِنْسِ الْمُسَمَّى فَيَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ، وَسَنُقَرِّرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَإِمَّا غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ غَيْرَهُمَا، فَفِي غَيْرِهِمَا إنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْجِنْسَ بِأَنْ قَالَ حَيَوَانٌ ثَوْبٌ دَارٌ لَمْ يَصِحَّ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ؛ لِأَنَّ بِجَهَالَةِ الْجِنْسِ لَا يُعْرَفُ الْوَسَطُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِي الْأَفْرَادِ الْمُمَاثِلَةِ وَذَلِكَ بِاتِّحَادِ النَّوْعِ، بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ الَّذِي تَحْتَهُ الْفَرَسُ وَالْحِمَارُ وَغَيْرُهُمَا وَالثَّوْبِ الَّذِي تَحْتَهُ الْقُطْنُ وَالْكَتَّانُ وَالْحَرِيرُ، وَاخْتِلَافِ الصَّنْعَةِ أَيْضًا وَالدَّارِ الَّتِي تَحْتَهَا مَا يَخْتَلِفُ اخْتِلَاقًا فَاحِشًا بِالْبُلْدَانِ وَالْمَحَالِّ وَالضِّيقِ وَالسَّعَةِ وَكَثْرَةِ الْمَرَافِقِ وَقِلَّتِهَا فَتَكُونُ هَذِهِ الْجَهَالَةُ أَفْحَشَ مِنْ جَهَالَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَمَهْرُ الْمِثْلِ أَوْلَى. وَإِنْ عَيَّنَهُ بِأَنْ قَالَ عَبْدٌ أَمَةٌ فَرَسٌ حِمَارٌ بَيْتٌ صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ وَإِنْ لَمْ يَصِفْهُ، وَيَنْصَرِفُ إلَى بَيْتٍ وَسَطٍ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَا بَاقِيهَا وَهَذَا فِي عُرْفِهِمْ، أَمَّا الْبَيْتُ فِي عُرْفِنَا فَلَيْسَ خَاصًّا بِمَا يُبَاتُ فِيهِ بَلْ يُقَالُ لِمَجْمُوعِ الْمَنْزِلِ وَالدَّارِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ بِتَسْمِيَتِهِ مَهْرَ الْمِثْلِ كَالدَّارِ، وَتُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ قِيمَتِهِ لَوْ أَتَاهَا بِهَا، وَبِقَوْلِنَا قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ. لَهُ أَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ مُعَاوَضَةٌ فَلَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ مَعَ جَهَالَةِ الْعِوَضِ كَالْبَيْعِ.
وَلَنَا أَنَّهُ مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَالْحَيَوَانُ يَثْبُتُ فِي ذَلِكَ بِالذِّمَّةِ أَصْلُهُ إيجَابُ الشَّرْعِ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ فِي الدِّيَةِ وَفِي الْجَنِينِ غُرَّةُ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute