للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ فِي الْوَجْهَيْنِ تُقْبَلُ. وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الزِّيَادَةَ. وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الْحَطَّ، وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ تَحَالَفَا، وَإِذَا حَلَفَا يَجِبُ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ.

تَسْمِيَةً: أَيْ لَا يَتَخَيَّرُ فِيهَا بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَهَا دَرَاهِمَ أَوْ قِيمَتَهَا ذَهَبًا، وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ أَلْفَانِ مُسَمًّى؛ لِأَنَّ النُّكُولَ إقْرَارٌ أَوْ بَذْلٌ عَلَى الْخِلَافِ وَكِلَاهُمَا يَقْتَضِيهِ تَسْمِيَةً، وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَالْقَوْلُ لَهَا مَعَ يَمِينِهَا بِاَللَّهِ مَا تَزَوَّجَتْهُ عَلَى أَلْفٍ، إنْ نَكَلْت فَلَهَا مَا أَقَرَّ بِهِ تَسْمِيَةً لِإِقْرَارِهَا بِهِ، وَإِنْ حَلَفَتْ فَلَهَا مَا ادَّعَتْ قَدْرَ مَا أَقَرَّ بِهِ تَسْمِيَةً لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ، وَالزَّائِدُ بِحُكْمِ مَهْرِ الْمِثْلِ يَتَخَيَّرُ فِيهِ الزَّوْجُ بَيْنَ الدَّرَاهِمِ وَالذَّهَبِ؛ لِأَنَّ يَمِينَهَا لِدَفْعِ الْحَطِّ الَّذِي يَدَّعِيهِ هُوَ، ثُمَّ وُجُوبُ الزَّائِدِ بِحُكْمِ أَنَّهُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ فِي الْوَجْهَيْنِ فِيمَا يَدَّعِيهِ هُوَ تَسْمِيَةٌ، فَإِنْ أَقَامَاهَا فَبَيِّنَتُهَا أَوْلَى فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لِإِثْبَاتِهَا الزِّيَادَةَ، وَبَيِّنَتُهُ فِي الثَّانِي لِإِثْبَاتِهَا الْحَطَّ.

وَنَصَّ مُحَمَّدٌ فِي هَذَا أَنَّ بَيِّنَتَهَا أَوْلَى لِإِثْبَاتِهَا الزِّيَادَةَ كَالْفَصْلِ الْأَوَّلِ، كَذَا فِي جَامِعِ قَاضِي خَانْ.

وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الزِّيَادَةَ ثَابِتَةٌ بِحُكْمِ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَإِنَّمَا أَثْبَتَتْ بَيِّنَتُهَا تَعَيُّنَهَا دَرَاهِمَ وَذَلِكَ وَصْفٌ فِي الثَّابِتِ وَبَيِّنَتُهُ مُثْبِتَةٌ، بِخِلَافِ الظَّاهِرِ وَهُوَ الْحَطُّ فَهِيَ الْمُثْبِتَةُ لِلزِّيَادَةِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ فَكَانَتْ أَكْثَرَ إثْبَاتًا مِنْ الْمُثْبِتَةِ لِلْوَصْفِ، وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا بَيْنَ الدَّعْوَيَيْنِ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ تَحَالَفَا وَأَيُّهُمَا نَكَلَا لَزِمَهُ دَعْوَى الْآخَرِ. وَمَا وَقَعَ فِي النِّهَايَةِ مِنْ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا نَكَلَ يَلْزَمُهُ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ كَأَنَّهُ غَلَطٌ مِنْ النَّاسِخِ. وَإِنْ حَلَفَا يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ قَدْرَ مَا أَقَرَّ بِهِ تَسْمِيَةً وَالزَّائِدُ يُخَيَّرُ فِيهِ، فَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ يَثْبُتُ مَا يَدَّعِيهِ مُسَمًّى، وَإِنْ أَقَامَاهَا تَهَاتَرَتَا فِي الصَّحِيحِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْإِثْبَاتِ وَالدَّعْوَى، ثُمَّ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَيُخَيَّرُ فِيهِ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا تَنْفِي تَسْمِيَةَ الْآخَرِ فَخَلَا الْعَقْدُ عَنْ التَّسْمِيَةِ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، بِخِلَافِ التَّحَالُفِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ قَدْرِ مَا يُقِرُّ بِهِ الزَّوْجُ بِحُكْمِ الِاتِّفَاقِ.

وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ أَنَّهُ كَفَصْلِ التَّحَالُفِ، هَذَا كُلُّهُ تَخْرِيجُ الرَّازِيّ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ عَلَى تَخْرِيجِ الْكَرْخِيِّ يَتَحَالَفَانِ فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا ثُمَّ يَحْكُمُ مَهْرُ الْمِثْلِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: يَتَحَالَفَانِ ثُمَّ يُعْطِي مَهْرَ الْمِثْلِ. وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمَبْسُوطِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ لِأَنَّ ظُهُورَ مَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ، وَبِالتَّحَالُفِ يَنْتَفِي يَمِينُ كُلِّ دَعْوَى صَاحِبِهِ فَيَبْقَى الْعَقْدُ بِلَا تَسْمِيَةٍ فَيَجِبُ حِينَئِذٍ مَهْرُ الْمِثْلِ.

وَقَالَ قَاضِي خَانْ: مَا قَالَهُ الرَّازِيّ أَوْلَى؛ لِأَنَّا لَا نَحْتَاجُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ لِلْإِيجَابِ، بَلْ لِيَتَبَيَّنَ مَنْ يُشْهِدُ الظَّاهِرَ فَيَكُونُ الْقَوْلُ مَعَ يَمِينِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>