للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، وَلَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ مَوْتِهِمَا فِي الْمِقْدَارِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الزَّوْجِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَا يُسْتَثْنَى الْقَلِيلُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ، وَإِنْ كَانَ فِي أَصْلِ الْمُسَمَّى فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ أَنْكَرَهُ، فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا حُكْمَ لِمَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَهُ بَعْدَ مَوْتِهِمَا عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ مِنْ بَعْدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ. .

قَالَ (وَإِذَا مَاتَ الزَّوْجَانِ وَقَدْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا فَلِوَرَثَتِهَا أَنْ يَأْخُذُوا ذَلِكَ مِنْ مِيرَاثِ الزَّوْجِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَّى لَهُ مَهْرًا فَلَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَا: لِوَرَثَتِهَا الْمَهْرُ فِي الْوَجْهَيْنِ) مَعْنَاهُ الْمُسَمَّى فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي، أَمَّا الْأَوَّلُ؛ فَلِأَنَّ الْمُسَمَّى دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ وَقَدْ تَأَكَّدَ بِالْمَوْتِ فَيُقْضَى مِنْ تَرِكَتِهِ، إلَّا إذَا عُلِمَ أَنَّهَا مَاتَتْ أَوَّلًا فَيَسْقُطُ

أَحَدِهِمَا، وَلِهَذَا يَجِبُ فِي الْمُفَوِّضَةِ مَهْرُ الْمِثْلِ بَعْدَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا بِالِاتِّفَاقِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ مَوْتِهِمَا فِي الْمِقْدَارِ فَالْقَوْلُ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) كَأَبِي يُوسُفَ حَالَ الْحَيَاةِ، إلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَمْ يَسْتَثْنِ الْقَلِيلَ، وَهَذَا لِسُقُوطِ مَهْرِ الْمِثْلِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الْجَوَابُ بَعْدَ مَوْتِهِمَا كَالْجَوَابِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ، وَإِنْ كَانَ فِي أَصْلِ الْمُسَمَّى، فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَوْلُ لِمَنْ أَنْكَرَهُ) وَلَا يَقْضِي بِشَيْءٍ وَعِنْدَهُمَا يَقْضِي بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، لَكِنَّ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ بَعْدَ التَّحَالُفِ: وَعِنْدَنَا وَعِنْدَ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ لَا يَجِبُ التَّحَالُفُ (قَوْلُهُ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ) يَعْنِي فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي تَلِيهَا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ، وَهِيَ مَا إذَا مَاتَ الزَّوْجَانِ وَقَدْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا ثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِتَصَادُقِ الْوَرَثَةِ فَلِوَرَثَتِهَا أَنْ يَأْخُذُوا ذَلِكَ مِنْ مِيرَاثِ الزَّوْجِ، هَذَا إذَا عُلِمَ أَنَّ الزَّوْجَ مَاتَ أَوَّلًا أَوْ عُلِمَ أَنَّهُمَا مَاتَا مَعًا أَوْ لَمْ تُعْلَمْ الْأَوَّلِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ كَانَ مَعْلُومَ الثُّبُوتِ، فَلَمَّا لَمْ يُتَيَقَّنْ بِسُقُوطِ شَيْءٍ مِنْهُ بِمَوْتِ الْمَرْأَةِ أَوَّلًا لَا يَسْقُطُ، وَأَمَّا إذَا عُلِمَ أَنَّهَا مَاتَتْ أَوَّلًا فَيَسْقُطُ مِنْهُ نَصِيبُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ وَرِثَ دَيْنًا عَلَى نَفْسِهِ، فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمَحْذُوفُ فِي قَوْلِهِ إلَّا إذَا عُلِمَ إلَخْ هُوَ هَذِهِ الصُّوَرُ الثَّلَاثُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، كَذَا فِي النِّهَايَةِ.

وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ جَمِيعُ الصُّوَرِ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ فَلِوَرَثَتِهَا أَنْ يَأْخُذُوا ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ إلَّا فِي صُورَةِ الْعِلْمِ بِمَوْتِهَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ هُوَ الْعَامُّ، وَلَوْ كَانَ الصُّوَرُ الثَّلَاثُ مُسْتَثْنًى مِنْهَا كَانَ أَخْذُ الْوَرَثَةِ إنَّمَا هُوَ فِي بَعْضِ الثَّلَاثِ لَا كُلِّهَا

. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا فَلَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَهُمْ مَهْرُ الْمِثْلِ) وَاسْتَدَلَّ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْكِتَابِ فَقَالَ: أَرَأَيْت لَوْ ادَّعَى وَرَثَةُ عَلِيٍّ عَلَى وَرَثَةِ عُمَرَ مَهْرَ أُمِّ كُلْثُومِ بِنْتِ عَلِيٍّ أَكُنْت أَقْضِي فِيهِ بِشَيْءٍ؟ وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إنَّمَا لَا يَقْضِي بِهِ عِنْدَ تَقَادُمِ الْعَهْدِ؛ لِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ، فَإِذَا تَقَادَمَ الْعَهْدُ يَتَعَذَّرُ عَلَى الْقَاضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>