للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْمُرَادُ مِنْهُ مَا يَكُونُ مُهَيَّأً لِلْأَكْلِ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَارَفُ هَدِيَّةً، فَأَمَّا فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِمَا بَيَّنَّا، وَقِيلَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْخِمَارِ وَالدِّرْعِ وَغَيْرِهِمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْتَسِبَهُ مِنْ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يُكَذِّبُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

فِي الْمُتَعَارَفِ مِثْلُهُ أَنْ يَبْعَثَهُ هَدِيَّةً، وَالْمُرَادُ مِنْهُ نَحْوُ الطَّعَامِ الْمَطْبُوخِ وَالْمَشْوِيِّ وَالْفَوَاكِهِ الَّتِي لَا تَبْقَى وَالْحَلْوَاءِ وَالْخُبْزِ وَالدَّجَاجِ الْمَطْبُوخِ، فَأَمَّا الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ وَالْعَسَلُ وَالسَّمْنُ وَالْجَوْزُ وَاللَّوْزُ وَالدَّقِيقُ وَالسُّكَّرُ وَالشَّاةُ الْحَيَّةُ فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُهُ. وَإِذَا حَلَفَ وَالْمُرْسَلُ قَائِمٌ، إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ حَقِّهَا وَلَمْ يَرْضَيَا بِبَيْعِهِ بِالصَّدَاقِ يَأْخُذُهُ، وَإِنْ كَانَ هَالِكًا لَا تَرْجِعُ بِالْمَهْرِ بَلْ بِمَا بَقِيَ إنْ كَانَ يَبْقَى بَعْدَ قِيمَتِهِ شَيْءٌ، وَلَوْ بَعَثَ هُوَ وَبَعَثَ أَبُوهَا لَهُ أَيْضًا ثُمَّ قَامَ هُوَ مِنْ الْمَهْرِ فَلِلْأَبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ إنْ كَانَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَكَانَ قَائِمًا، وَإِنْ كَانَ هَالِكًا لَا يَرْجِعُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مَالِ الْبِنْتِ بِإِذْنِهَا فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّهُ هِبَةٌ مِنْهَا وَهِيَ لَا تَرْجِعُ فِيمَا وَهَبَتْ لِزَوْجِهَا. وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ: بَعَثَ إلَيْهَا هَدَايَا وَعَوَّضَتْهُ الْمَرْأَةُ ثُمَّ زُفَّتْ إلَيْهِ ثُمَّ فَارَقَهَا وَقَالَ بَعَثْتُهَا إلَيْكِ عَارِيَّةً وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ وَأَرَادَتْ هِيَ أَنْ تَسْتَرِدَّ الْعِوَضَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ التَّمْلِيكَ.

وَإِذَا اسْتَرَدَّهُ تَسْتَرِدُّ هِيَ مَا عَوَّضَتْهُ. هَذَا وَاَلَّذِي يَجِبُ اعْتِبَارُهُ فِي دِيَارِنَا أَنَّ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحِنْطَةِ وَاللَّوْزِ وَالدَّقِيقِ وَالسُّكَّرِ وَالشَّاةِ الْحَيَّةِ وَبَاقِيهَا يَكُونُ الْقَوْلُ فِيهَا قَوْلَ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَارَفَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَنْ يُرْسِلَهُ هَدِيَّةً وَالظَّاهِرُ مَعَ الْمَرْأَةِ لَا مَعَهُ وَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ لَهُ إلَّا فِي نَحْوِ الثِّيَابِ وَالْجَارِيَةِ، وَفِيمَا إذَا بَعَثَ الْأَبُ بَعْدَ بَعْثِ الزَّوْجِ تَعْوِيضًا يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذُكِرَ فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ، وَكَذَا الْبِنْتُ فِيمَا إذَا أَذِنَتْ فِي بَعْثِهِ تَعْوِيضًا، هَذَا إذَا كَانَ بَعْثُهَا عَقِيبَ بَعْثِ الزَّوْجِ، فَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ هَدِيَّةٌ لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ فِيهِ لِلزَّوْجِ إلَّا إنْ كَانَ قَائِمًا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) أَيْ مَعَ يَمِينِهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ مَا يَجِبُ إلَخْ) بِخِلَافِ الْخُفِّ وَالْمُلَاءَةِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَمْكِينُهَا مِنْ الْخُرُوجِ بَلْ يَجِبُ مَنْعُهَا إلَّا فِيمَا سَنَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْخُفُّ وَالْمُلَاءَةُ لِأَمَتِهَا، ثُمَّ كَوْنُ الظَّاهِرِ بِكَذِبِهِ فِي نَحْوِ الدِّرْعِ وَالْخِمَارِ إنَّمَا يَنْفِي احْتِسَابَهُ مِنْ الْمَهْرِ لَا مِنْ حَقٍّ آخَرَ كَالْكِسْوَةِ.

[فُرُوعٌ]

زَوَّجَ بِنْتَهُ وَجَهَّزَهَا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ مَا دَفَعَهُ لَهَا عَارِيَّةً وَقَالَتْ تَمْلِيكًا أَوْ قَالَ الزَّوْجُ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهَا لِيَرِثَ مِنْهُ وَقَالَ الْأَبُ عَارِيَّةٌ، قِيلَ الْقَوْلُ لِلزَّوْجِ وَلَهَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ بِهِ إذْ الْعَادَةُ دَفْعُ ذَلِكَ إلَيْهَا هِبَةً وَاخْتَارَهُ السُّغْدِيُّ، وَاخْتَارَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ كَوْنَ الْقَوْلِ لِلْأَبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُسْتَفَادُ مِنْ جِهَتِهِ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى الْقَوْلُ الْأَوَّلُ إنْ كَانَ الْعُرْفُ ظَاهِرًا بِذَلِكَ كَمَا فِي دِيَارِهِمْ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْوَاقِعَاتِ وَفَتَاوَى الْخَاصِّيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ مُشْتَرَكًا فَالْقَوْلُ لِلْأَبِ، وَقِيلَ إنْ كَانَ الرَّجُلُ مِمَّنْ مِثْلُهُ يُجَهِّزُ الْبَنَاتِ تَمْلِيكًا فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ وَإِلَّا فَلَهُ. وَلَوْ أَبْرَأَتْ الزَّوْجَ مِنْ الْمَهْرِ أَوْ وَهَبَتْهُ ثُمَّ مَاتَتْ فَقَالَتْ الْوَرَثَةُ هُوَ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ فَالْقَوْلُ لَهُ. وَقِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>