للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَشْرُوعٌ حَتَّى يُسْتَفَادَ بِهِ الْحُكْمُ وَالْمَشْرُوعِيَّةُ لَا تُجَامِعُ الْحَظْرَ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ تَطْوِيلُ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا لَا الطَّلَاقِ. وَلَنَا أَنَّ الْأَصْلَ فِي الطَّلَاقِ هُوَ الْحَظْرُ لِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ النِّكَاحِ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ

الْمَصَالِحُ

الدِّينِيَّةُ وَالدُّنْيَوِيَّةُ وَالْإِبَاحَةُ لِلْحَاجَةِ إلَى الْخَلَاصِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الثَّلَاثِ

عَنْهُمْ وَاحِدًا وَاحِدًا، وَعَدَمِ مُخَالِفٍ لِعُمَرَ فِي إمْضَائِهِ وَظَاهِرِ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، فَتَأْوِيلُهُ أَنَّ قَوْلَ الرَّجُلِ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ كَانَ وَاحِدَةً فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ لِقَصْدِهِمْ التَّأْكِيدَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، ثُمَّ صَارُوا يَقْصِدُونَ التَّجْدِيدَ فَأَلْزَمَهُمْ عُمَرُ ذَلِكَ لِعِلْمِهِ بِقَصْدِهِمْ.

وَمَا قِيلَ فِي تَأْوِيلِهِ أَنَّ الثَّلَاثَ الَّتِي يُوقِعُونَهَا الْآنَ إنَّمَا كَانَتْ فِي الزَّمَانِ الْأَوَّلِ وَاحِدَةً تَنْبِيهٌ عَلَى تَغَيُّرِ الزَّمَانِ وَمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ فَيُشْكِلُ إذْ لَا يُتَّجَهُ حِينَئِذٍ قَوْلُهُ فَأَمْضَاهُ عُمَرُ .

وَأَمَّا حَدِيثُ رُكَانَةَ فَمُنْكَرٌ، وَالْأَصَحُّ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ «أَنَّ رُكَانَةَ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أَلْبَتَّةَ، فَحَلَّفَهُ رَسُولُ اللَّهِ أَنَّهُ مَا أَرَادَ إلَّا وَاحِدَةً، فَرَدَّهَا إلَيْهِ فَطَلَّقَهَا الثَّانِيَةَ فِي زَمَنِ عُمَرَ ، وَالثَّالِثَةَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ » قَالَ أَبُو دَاوُد: وَهَذَا أَصَحُّ. وَأَمَّا الْمَقَامُ الثَّالِثُ وَهُوَ كَوْنُ الثَّلَاثَةِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ مَعْصِيَةً أَوْ لَا فَحُكِيَ فِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ اسْتَدَلَّ بِالْإِطْلَاقَاتِ مِنْ نَحْوِ قَوْله تَعَالَى ﴿لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ وَمَا رُوِيَ «أَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلَانِيَّ لَمَّا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ وَقَالَ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ أَمْسَكْتُهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا، لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ ».

وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ «حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ: طَلَّقَنِي زَوْجِي ثَلَاثًا، فَلَمْ يَجْعَلْ لِي النَّبِيُّ نَفَقَةً وَلَا سُكْنَى» وَطَلَّقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ تُمَاضِرَ ثَلَاثًا فِي مَرَضِهِ، وَطَلَّقَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ امْرَأَتَهُ شَهْبَاءَ ثَلَاثًا لَمَّا هَنَّأَتْهُ بِالْخِلَافَةِ بَعْدَ مَوْتِ عَلِيٍّ ؛ وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ مَشْرُوعٌ وَالْمَشْرُوعِيَّةُ لَا تُجَامِعُ الْحَظْرَ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ نِسَاءَهُ الْأَرْبَعَ دَفْعَةً جَازَ، فَكَذَا الْوَاحِدَةُ ثَلَاثًا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ لِلْمُضَارَّةِ بِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا لَا الطَّلَاقِ، وَبِخِلَافِهِ فِي الطُّهْرِ الَّذِي جَامَعَهَا فِيهِ يَحْرُمُ لِتَلْبِيسِ وَجْهِ الْعِدَّةِ أَهُوَ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ الْوَضْعِ لِاحْتِمَالِ الْحَبَلِ وَلَنَا قَوْله تَعَالَى ﴿الطَّلاقُ مَرَّتَانِ﴾ إلَى أَنْ قَالَ ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا﴾ فَلَزِمَ أَنْ لَا طَلَاقَ شَرْعًا إلَّا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ وَرَاءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>