للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُوَ الطُّهْرُ وَهُوَ مَرْجُوٌّ فِيهَا فِي كُلِّ زَمَانٍ وَلَا يُرْجَى مَعَ الْحَبَلِ.

(وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ وَقَعَ الطَّلَاقُ)؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْهُ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ فَلَا يَنْعَدِمُ مَشْرُوعِيَّتُهُ (وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا) «لِقَوْلِهِ

جَوَازِ الْإِيقَاعِ بِالطُّهْرِ الْحَاصِلِ عَقِيبَ الْحَيْضِ وَهُوَ مَرْجُوٌّ فِي حَقِّهَا كُلُّ لَحْظَةٍ وَلَا يُرْجَى فِي الْحَامِلِ ذَلِكَ.

وَعَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ سَقَطَ مَا رَجَّحَ بِهِ شَارِحُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ مِنْ أَنَّهُ تَعَالَى أَوْجَبَ التَّفْرِيقَ عَلَى فُصُولِ الْعِدَّةِ بِقَوْلِهِ ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ لِمَا بَيَّنَّاهُ مِنْ إلْغَاءِ كَوْنِهِ فَصْلًا مِنْ فُصُولِ الْعِدَّةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحُكْمِ، عَلَى أَنَّا نَمْنَعُ دَلَالَةَ الْآيَةِ عَلَى التَّفْرِيقِ أَصْلًا بَلْ عَلَى اسْتِقْبَالِ الْعِدَّةِ بِالطَّلَاقِ، وَالْعِدَّةُ مَجْمُوعُ الْأَقْرَاءِ، وَإِنَّمَا يُفِيدُ تَفْرِيقَهُ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمِ «إنَّ مِنْ السُّنَّةِ أَنْ تَسْتَقْبِلَ الطُّهْرَ فَتُطَلِّقُهَا لِكُلِّ قُرْءٍ» وَأُرِيدَ بِالْقُرْءِ الطُّهْرُ، وَقَدْ جَاءَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَاهِرَةً مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ لُزُومَ التَّفْرِيقِ طَرِيقُهُ أَنَّ مَفْهُومَ طَلِّقُوهُنَّ: أَوْجِدُوا طَلَاقَهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ، فَيَسْتَلْزِمُ عُمُومَيْنِ: عُمُومُ طَلَاقِهِنَّ؛ لِأَنَّهُ جِنْسُ مُضَافٍ، وَكَذَا عِدَّتُهُنَّ، فَقَدْ أَحَلَّ جَمِيعَ طَلَاقِهِنَّ وَهُوَ ثَلَاثٌ بِجَمِيعِ عِدَّتِهِنَّ، وَجَمِيعُهُ بِفَمٍ وَاحِدٍ حَرَامٌ، فَكَانَ الْمُرَادُ تَفْرِيقُهُ عَلَى الْأَطْهَارِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ مَا يَسْتَلْزِمُهَا، وَهَذَا غَيْرُ لَازِمٍ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْمَصْدَرِ النَّكِرَةِ، فَالْمَعْنَى: أَوْجِدُوا طَلَاقًا عَلَيْهِنَّ لِعِدَّتِهِنَّ: أَيْ لِاسْتِقْبَالِهَا. وَأَيْضًا فَلَفْظُ فُصُولِ الْعِدَّةِ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِي النُّصُوصِ إنَّمَا سَمَّاهَا بِذَلِكَ الْفُقَهَاءُ، وَلَا يُعْقَلُ مِنْ مَعْنَاهُ سِوَى أَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهَا لَهُ نِسْبَةٌ خَاصَّةٌ إلَيْهَا اتَّفَقَ أَنَّهُ ثُلُثُهَا اتِّفَاقًا، وَكُلُّ شَهْرٍ مِنْ شُهُورِ الْحَامِلِ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ عِدَّتِهَا كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُتَّفَقْ أَنَّ نِسْبَتَهُ بِالثُّلُثِ، وَعَلَى هَذَا يَقْوَى بَحْثُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الشَّهْرَ مِنْ فُصُولِ عِدَّةِ الْحَامِلِ غَيْرَ أَنَّا لَا نُعَلِّقُ بِهِ إبَاحَةَ الْإِيقَاعِ مِنْ حَيْثُ هُوَ فَصْلٌ وَجُزْءٌ بَلْ مِنْ حَيْثُ هُوَ زَمَانٌ يَتَجَدَّدُ فِيهِ الرَّغْبَةُ عِنْدَ مَسْبُوقِيَّتِهِ بِذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ الزَّمَانِ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ وَقَعَ الطَّلَاقُ) خِلَافًا لِمَنْ قَدَّمْنَا النَّقْلَ عَنْهُمْ مِنْ الْإِمَامِيَّةِ، وَنَقَلَ أَيْضًا عَنْ إسْمَاعِيلِ بْنِ عُلَيَّةَ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ، وَهَذَا (لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْهُ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ) يَعْنِي أَنَّ النَّهْيَ الثَّابِتَ ضِمْنُ الْأَمْرِ: أَيْ قَوْله تَعَالَى ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْأَمْرِ فِي «قَوْلِهِ مَا هَكَذَا أَمَرَكَ اللَّهُ» وَقَوْلِهِ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَا: أَيْ مِنْ تَحْرِيمِ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ ثُمَّ هُوَ بِهَذَا الْإِيقَاعِ عَاصٍ بِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ (وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا لِقَوْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>