﵊ لِعُمَرَ مُرْ ابْنَكَ فَلْيُرَاجِعْهَا» وَقَدْ طَلَّقَهَا فِي حَالَةِ الْحَيْضِ. وَهَذَا يُفِيدُ الْوُقُوعَ وَالْحَثَّ عَلَى الرَّجْعَةِ ثُمَّ الِاسْتِحْبَابُ قَوْلُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ وَاجِبٌ عَمَلًا بِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ وَرَفْعًا لِلْمَعْصِيَةِ بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ بِرَفْعِ أَثَرِهِ وَهُوَ الْعِدَّةُ وَدَفْعًا لِضَرَرِ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ. قَالَ (فَإِذَا طَهُرَتْ وَحَاضَتْ ثُمَّ طَهُرَتْ)، فَإِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا. قَالَ: وَهَكَذَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ. وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي
- ﷺ لِعُمَرَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي الصَّحِيحَيْنِ «مُرْ ابْنَكَ فَلْيُرَاجِعْهَا» حِينَ طَلَّقَهَا فِي حَالَةِ الْحَيْضِ، وَهَذَا يُفِيدُ الْوُقُوعَ) فَيَنْدَفِعُ بِهِ قَوْلُ نَافِي الْوُقُوعِ (وَالْحَثُّ عَلَى الرَّجْعَةِ وَالِاسْتِحْبَابُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا هُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ) وَكَأَنَّهُ عَنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ ﵀ فِي الْأَصْلِ، وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا فَإِنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْوُجُوبِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ وَاجِبٌ) كَمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ (عَمَلًا بِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ) فَإِنَّ حَقِيقَتَهُ أَوْجَدَ الصِّيغَةَ الطَّالِبَةَ عَلَى وَجْهِ الْحَتْمِ. وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الشَّافِعِيَّةِ إنَّ لَفْظَ الْأَمْرِ الَّذِي مَادَّتُهُ أَمْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الصِّيغَةِ النَّادِبَةِ وَالْمُوجِبَةِ حَتَّى يَصْدُقَ النَّدْبُ مَأْمُورٌ بِهِ حَقِيقَةً، فَعَلَى هَذَا لَا يَلْزَمُ الْوُجُوبُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ مُرْ أَوْجِدْ الصِّيغَةَ الطَّالِبَةَ مُجَرَّدَةً مِنْ الْقَرَائِنِ بَلْ يَتَحَصَّلُ ذَلِكَ وَغَيْرُهُ، فَإِذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ يَثْبُتُ كَوْنًا مَطْلُوبًا فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْوُجُوبَ، وَلِذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀ وَكَذَا أَحْمَدُ ﵀ بِالِاسْتِحْبَابِ، وَأَمَّا عِنْدَنَا فَمُسَمَّى الْأَمْرِ الصِّيغَةُ الْمُوجِبَةُ، كَمَا أَنَّ الصِّيغَةَ حَقِيقَةٌ فِي الْوُجُوبِ فَيَلْزَمُ الْوُجُوبُ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ صَادِرَةً عَنْ عُمَرَ ﵁ لَا النَّبِيِّ ﷺ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ فِيهَا فَهُوَ كَالْمُبَلِّغِ لِلصِّيغَةِ، فَاشْتَمَلَ قَوْلُهُ مُرْ ابْنَك عَلَى وُجُوبَيْنِ: صَرِيحٌ وَهُوَ الْوُجُوبُ عَلَى عُمَرَ ﵁ أَنْ يَأْمُرَ. وَضِمْنِيٌّ وَهُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بِابْنِهِ عِنْدَ تَوْجِيهِ الصِّيغَةِ إلَيْهِ.
وَالْقَائِلُونَ بِالِاسْتِحْبَابِ هَاهُنَا إنَّمَا بَنَوْهُ عَلَى أَنَّ الْمَعْصِيَةَ وَقَعَتْ فَتَعَذَّرَ ارْتِفَاعُهَا فَبَقِيَ مُجَرَّدُ التَّشْبِيهِ بِعَدَمِ مُبَاشَرَتِهَا. وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ صَارِفًا لِلصِّيغَةِ عَنْ الْوُجُوبِ لِجَوَازِ إيجَابِ رَفْعِ أَثَرِهَا وَهُوَ الْعِدَّةُ وَتَطْوِيلُهَا، إذْ بَقَاءُ الْأَمْرِ بَقَاءُ مَا هُوَ أَثَرُهُ مِنْ وَجْهٍ فَلَا تُتْرَكُ الْحَقِيقَةُ. قِيلَ عَلَيْهِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا يَصْلُحُ بَحْثًا يُوجِبُ الْوُجُوبَ، لَكِنْ لَا يُفِيدُ أَنَّ مَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ مِنْ الِاسْتِحْبَابِ قَوْلُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ مَعَ أَنَّ مُحَمَّدًا فِي الْأَصْلِ إنَّمَا قَالَ لَفْظًا يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَمَرْجِعُ هَذَا الْكَلَامِ إلَى إنْكَارِ نَقْلِ الْوُجُوبِ عَنْ الْمَشَايِخِ صَرِيحًا بَلْ ذَلِكَ بَحْثٌ، فَإِذَا تَحَقَّقَ النَّقْلُ انْدَفَعَ. وَقَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ كَذَا فِي عَادَةِ الْمُصَنِّفِينَ نَقْلُ الْمُرَجَّحُ فِي الْمَذْهَبِ لَا تَرْجِيحُ مَذْهَبٍ آخَرَ خَارِجٍ عَنْ الْمَذْهَبِ. وَتَذْكِيرُ ضَمِيرِ أَثَرِهِ مَعَ أَنَّهُ لِلْمَعْصِيَةِ إمَّا لِتَأْوِيلِهَا بِالْعِصْيَانِ أَوْ هُوَ لِلطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ (قَوْلُهُ وَإِذَا طَهُرَتْ وَحَاضَتْ ثُمَّ طَهُرَتْ فَإِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا) هَذَا لَفْظُ الْقُدُورِيِّ، وَهَكَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute