للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِذْ قَالَ زَوْجُ الْأَمَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا: قَدْ كُنْت رَاجَعْتهَا وَصَدَّقَهُ الْمَوْلَى وَكَذَّبَتْهُ الْأَمَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَا: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى) لِأَنَّ بُضْعَهَا مَمْلُوكٌ لَهُ، فَقَدْ أَقَرَّ بِمَا هُوَ خَالِصُ حَقِّهِ لِلزَّوْجِ فَشَابَهُ الْإِقْرَارَ عَلَيْهَا بِالنِّكَاحِ، وَهُوَ يَقُولُ حُكْمُ الرَّجْعَةِ يُبْتَنَى عَلَى الْعِدَّةِ وَالْقَوْلُ فِي الْعِدَّةِ قَوْلُهَا، فَكَذَا فِيمَا يُبْتَنَى عَلَيْهَا، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْقَلْبِ فَعِنْدَهُمَا الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى،

مُقْتَضَى الْفِقْهِ كَوْنُ إيقَاعِهِ وُجِدَ فِي حَالِ الِانْقِضَاءِ فَلَجَّ وَقَالَ لَا أَعْتَبِرُ هَذَا بَلْ وَقَعَ لَزِمَهُ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ عَلَى نَفْسِهِ وَالْأَوْجَهُ فِيمَا إذَا ادَّعَى صِحِّيَّتَهُ إنْ طَلَّقْتُك وَنَحْوَهُ مِنْ أَنْتِ طَالِقٌ ظَاهِرٌ فِي الْإِخْبَارِ وَالْإِنْشَاءِ يَحْتَمِلُهُ لِتَقَدُّمِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ وَرَاجَعْتُك بِالْعَكْسِ.

فَإِنْ لَمْ يَسْلَمْ هَذَا فَالتَّعْوِيلُ عَلَى الْمَنْعِ، وَتُسْتَحْلَفُ الْمَرْأَةُ هُنَا بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ عِدَّتَهَا كَانَتْ مُنْقَضِيَةً حَالَ إخْبَارِهَا.

وَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ الرَّجْعَةِ حَيْثُ لَمْ تُسْتَحْلَفْ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَمْ يُرَاجِعْهَا فِي الْعِدَّةِ أَنَّ إلْزَامَ الْيَمِينِ لِفَائِدَةِ النُّكُولِ وَهُوَ بَذْلٌ عِنْدَهُ وَبَذْلُ الِامْتِنَاعِ عَنْ التَّزَوُّجِ وَالِاحْتِبَاسِ فِي مَنْزِلِ الزَّوْجِ جَائِزٌ، بِخِلَافِ الرَّجْعَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ فَإِنْ بَذْلَهَا لَا يَجُوزُ، ثُمَّ إذَا نَكَلَتْ هُنَا تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِ الْعِدَّةِ لِنُكُولِهَا ضَرُورَةً كَثُبُوتِ النَّسَبِ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ بِنَاءً عَلَى شَهَادَتِهَا بِالْوِلَادَةِ.

(قَوْلُهُ إذَا قَالَ زَوْجُ الْأَمَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ قَدْ كُنْت رَاجَعْتهَا وَصَدَّقَهُ الْمَوْلَى وَكَذَّبَتْهُ الْأَمَةُ فَالْقَوْلُ لَهَا عِنْدَهُ، وَقَالَا: لِلْمَوْلَى لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا هُوَ خَالِصُ حَقِّهِ) وَهُوَ مَنَافِعُ بُضْعِهَا لِلزَّوْجِ فَيُقْبَلُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ عَلَيْهَا بِالنِّكَاحِ.

وَلَا يَخْفَى قِيَامُ الْفَرْقِ بَيْنَ إقْرَارِهِ عَلَيْهَا بِالنِّكَاحِ وَإِقْرَارِهِ بِأَنَّ الزَّوْجَ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّهُ يَنْفَرِدُ بِإِنْكَاحِهَا حَالَ غَيْبَتِهَا وَعَدَمِ إذْنِهَا فَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ إقْرَارِهِ بِتَصْدِيقِ الزَّوْجِ فِي دَعْوَى الْمُرَاجَعَةِ وَهُوَ يَقُولُ إنَّ حُكْمَ الرَّجْعَةِ مِنْ الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا يَنْبَنِي عَلَى الْعِدَّةِ مِنْ قِيَامِهَا وَانْقِضَائِهَا وَهِيَ أَمِينَةٌ فِيهَا مُصَدَّقَةٌ فِي الْإِخْبَارِ بِالِانْقِضَاءِ وَالْبَقَاءِ لَا قَوْلَ لِلْمَوْلَى فِيهَا أَصْلًا، فَكَذَا فِيمَا يَنْبَنِي عَلَيْهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا مُلَازَمَةَ يَحْكُمُ بِهَا الْعَقْلُ بَيْنَ كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَهَا فِي الْعِدَّةِ وَبَيْنَ كَوْنِهَا لَهَا فِيمَا يَنْبَنِي عَلَيْهَا إلَّا إذَا وَقَعَ لَازِمًا لِوُجُودِ قَوْلِهَا فِي الْعِدَّةِ قَوْلًا: أَيْ بِأَنْ تَدَّعِي فِيهَا الثُّبُوتَ أَوْ الِانْقِضَاءَ فَتَثْبُتُ الرَّجْعَةُ وَعَدَمُهَا لَازِمًا لِذَلِكَ، لِأَنَّ كَوْنَ الْقَوْلِ قَوْلَهَا فِيهَا مَا ثَبَتَ إلَّا لِأَجْلِ أَنَّ الْقَوْلَ لَهَا فِي الْمُسْتَلْزَمِ لَا لِمَعْنَى تَقْتَضِيهِ فِيهَا، وَهَذَا لَا يَقْتَضِي سَمَاعَ قَوْلِهَا فِي الرَّجْعَةِ ابْتِدَاءً كَمَا هُوَ هُنَا فَإِنَّهَا لَمْ تَدَّعِ فِي الْعِدَّةِ دَعْوَى يُخَالِفُهَا فِيهَا الزَّوْجُ بَلْ اتَّفَقَا عَلَى انْقِضَائِهَا وَوَقْتِ انْقِضَائِهَا، وَإِنَّمَا ادَّعَى فِي حَالِ كَوْنِهِ لَا مِلْكَ لَهُ عَلَيْهَا أَنَّهُ رَاجَعَهَا قَبْلَ الِانْقِضَاءِ، وَهِيَ مُنْكِرَةٌ أَنْ يَكُونَ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَا يُقْبَلُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْقَلْبِ) بِأَنْ كَذَّبَهُ الْمَوْلَى وَصَدَّقَتْهُ فَالْقَوْلُ لِلْمَوْلَى بِالِاتِّفَاقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>