الْإِيلَاءِ مَنْ تَكُونُ مِنْ نِسَائِنَا بِالنَّصِّ، فَلَوْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ سَقَطَ الْإِيلَاءُ لِفَوَاتِ الْمَحَلِّيَّةِ
(وَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَكُنْ مُولِيًا وَلَا مُظَاهِرًا) لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي مَخْرَجِهِ وَقَعَ بَاطِلًا لِانْعِدَامِ الْمَحَلِّيَّةِ فَلَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا بَعْدَ ذَلِكَ (وَإِنْ قَرِبَهَا كَفَّرَ) لِتَحَقُّقِ الْحِنْثِ إذْ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةٌ فِي حَقِّهِ
(وَمُدَّةُ إيلَاءِ الْأَمَةِ شَهْرَانِ) لِأَنَّ هَذِهِ مُدَّةٌ ضُرِبَتْ أَجَلًا لِلْبَيْنُونَةِ فَتَتَنَصَّفُ بِالرِّقِّ كَمُدَّةِ الْعِدَّةِ.
(وَإِنْ كَانَ الْمُولِي مَرِيضًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ أَوْ كَانَتْ مَرِيضَةً أَوْ رَتْقَاءَ أَوْ صَغِيرَةً لَا تُجَامَعُ أَوْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا مَسَافَةٌ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَصِلَ
يَلْزَمُ وُجُودُهُ دَائِمًا
(قَوْلُهُ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ فِي مَخْرَجِهِ وَقَعَ بَاطِلًا لِعَدَمِ الْمَحَلِّيَّةِ) وَهِيَ كَوْنُهَا مِنْ نِسَائِنَا فِي الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ، قَالَ تَعَالَى ﴿لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ﴾ وَقَالَ تَعَالَى ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ﴾ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهَا مَحِلًّا وَقْتَ التَّكَلُّمِ بِالْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ أَوْ وَقْتَ وُجُودِ شَرْطِهِمَا لَمَا عُرِفَ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ أَنَّ الْإِضَافَةَ إلَى سَبَبِ الْمِلْكِ صَحِيحَةٌ، وَكَذَا فِي الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ، فَإِذَا قَالَ إنْ تَزَوَّجْتُك فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك وَقَعَ صَحِيحًا، وَكَذَا إنَّ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، إلَّا أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ الْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ إلَّا عَقِيبَ التَّزَوُّجِ بِهَا لِأَنَّهَا إذْ ذَاكَ تَصِيرُ مِحْلَالًا قَبْلَهُ، وَلِأَنَّ الظِّهَارَ لَمَّا كَانَ تَشْبِيهُ الْمُحَلَّلَةِ بِالْمُحَرَّمَةِ اسْتَدْعَى انْعِقَادُهُ قِيَامَ حِلِّ وَطْئِهَا (قَوْلُهُ إذَا الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةٌ فِي حَقِّهِ) أَيْ فِي حَقِّ الْوَطْءِ لِأَنَّ انْعِقَادَ الْيَمِينِ يَعْتَمِدُ التَّصَوُّرَ حِسًّا لَا شَرْعًا؛ أَلَا تَرَى أَنَّهَا تَنْعَقِدُ عَلَى مَا هُوَ مَعْصِيَةٌ
(قَوْلُهُ كَمُدَّةِ الْعِدَّةِ) أَيْ فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فَيَتَنَصَّفُ بِالرِّقِّ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ. وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَسْتَوِي مُدَّةُ إيلَاءِ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ.
وَالْقِيَاسُ عَلَى مُدَّةِ الْعِدَّةِ بِجَامِعِ كَوْنِهَا تَرَبَّصُ هُوَ أَجَلٌ لِلْبَيْنُونَةِ كَالْعِدَّةِ مَدْفُوعٌ، فَإِنَّ الْبَيْنُونَةَ لَا تَحْصُلُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَأَيْضًا تَرَبَّصُ الْعِدَّةِ لِلْخَطَرِ وَتَعَرُّفُ الْفَرَاغِ وَهُوَ الْمُؤَثِّرُ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي تَرَبُّصِ الْإِيلَاءِ. وَالْأَوْجَهُ الِاسْتِوَاءُ لِعُمُومِ نَصِّ الْإِيلَاءِ، لِأَنَّ الْأَمَةَ مِنْ نِسَائِنَا، وَلِأَنَّ ضَرْبَهَا إيلَاءٌ لِعُذْرِ الزَّوْجِ وَرِفْقًا جَرْيًا عَلَى عَادَتِهِ تَعَالَى مِنْ عَدَمِ الْمُعَاجَلَةِ بِالْعُقُوبَةِ، فَأُخِّرَتْ عُقُوبَتُهُ الدُّنْيَوِيَّةُ بِظُلْمِهِ إلَى انْقِضَاءِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَخْتَلِفُ فِي الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْمُولِي مَرِيضًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ) لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ عَدَمِ الْعُذْرِ لِلْمَرَضِ أَوْ لِلْجُبِّ، كَمَا أَنَّهُ فِي حَقِّهَا لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَانِعِ مَرْضَهَا أَوْ الرَّتْقَ أَوْ الْقَرْنَ، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ مَنَعَ إيلَاءَ الْمَجْبُوبِ، وَمِنْ الرَّتْقَاءِ وَالْقَرْنَاءِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْجِمَاعُ فَلَا ظُلْمَ. وَجَوَابُهُ مَا قُلْنَا فِي الْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ، وَلِأَنَّ هَذَا تَعْلِيلٌ فِيهِ إبْطَالُ حُكْمِ النَّصِّ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ، وَفِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ: لَوْ عَجَزَ عَنْ جِمَاعِهَا لِرَتْقِهَا أَوْ قَرَنِهَا أَوْ صِغَرِهَا أَوْ بِالْجُبِّ أَوْ الْعُنَّةِ أَوْ كَانَ أَسِيرًا فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ لِكَوْنِهَا مُمْتَنِعَةً أَوْ كَانَتْ فِي مَكَان لَا يَعْرِفُهُ وَهِيَ نَاشِزَةٌ أَوْ بَيْنَهُمَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ أَوْ حَالَ الْقَاضِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute