للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالْمُسَمَّى وَهُوَ مَعْدُومٌ فَلَا يُعْتَبَرُ وَقَدْ حَقَقْنَاهُ فِي النِّكَاحِ.

(وَإِنْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ بَائِنٌ أَوْ تَخَمَّرِي وَنَوَى بِهِ الْعِتْقَ لَمْ تُعْتَقْ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تُعْتَقُ إذَا نَوَى، وَكَذَا عَلَى هَذَا الْخِلَافِ سَائِرُ أَلْفَاظِ الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ عَلَى مَا قَالَ مَشَايِخُهُمْ لَهُ أَنَّهُ نَوَى مَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ لِأَنَّ بَيْنَ الْمِلْكَيْنِ مُوَافَقَةً إذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِلْكُ الْعَيْنِ، أَمَّا مِلْكُ الْيَمِينِ فَظَاهِرٌ، وَكَذَلِكَ مِلْكُ النِّكَاحِ فِي حُكْمِ مِلْكِ الْعَيْنِ حَتَّى كَانَ التَّأْبِيدُ مِنْ شَرْطِهِ وَالتَّأْقِيتُ مُبْطِلًا لَهُ وَعَمَلُ اللَّفْظَيْنِ فِي إسْقَاطِ مَا هُوَ حَقُّهُ وَهُوَ الْمِلْكُ وَلِهَذَا يَصِحُّ التَّعْلِيقُ فِيهِ بِالشَّرْطِ، أَمَّا الْأَحْكَامُ فَتَثْبُتُ سَبَبٌ سَابِقٌ وَهُوَ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا، وَلِهَذَا يَصْلُحُ لَفْظَةُ الْعِتْقِ وَالتَّحْرِيرُ كِنَايَةً عَنْ الطَّلَاقِ فَكَذَا عَكْسُهُ.

إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ هَذَا ابْنِي لَا يُعْتَقُ وَإِنْ كَانَ يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ، لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَجَازٌ عَنْ عِتْقٍ فِي الْمُذَكَّرِ لِأَنَّهُ لِجِهَةِ الْبِنْتِيَّةِ حَقِيقَةٌ. وَالثَّانِي عَنْهُ فِي الْأُنْثَى فَانْتَفَى حَقِيقَتُهُ لِانْتِفَاءِ مَحَلٍّ يَنْزِلُ فِيهِ، وَلَا يَتَجَوَّزُ بِلَفْظِ الِابْنِ فِي الْبِنْتِ وَقَلَبَهُ اتِّفَاقًا لِعَدَمِ لَازِمٍ مَشْهُورٍ وَغَيْرِهِ، وَلِئَلَّا يَلْزَمَ تَعْمِيمُ اللَّفْظِ فِي مَعْنَيَيْنِ مَجَازِيَّيْنِ أَحَدُهُمَا مِنْ حَيْثُ هُوَ وَالْآخَرُ مِنْ حَيْثُ هُوَ مُضَافٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا كَتَبْنَاهُ عَلَى الْبَدِيعِ أَنَّ الِاتِّفَاقَ عَلَى مَنْعِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُعْتَبَرَ الْمَجَازُ عَقْلِيًّا فِي نَفْسِ إضَافَةِ الْبِنْتِ، وَكُلٌّ مِنْ لَفْظِ الْإِشَارَةِ وَالْبِنْتِ وَالْيَاءِ حَقِيقَةٌ، فَالتَّجَوُّزُ فِي نِسْبَةِ الْمُرَادِ بِالْإِشَارَةِ بِالْبِنْتِيَّةِ إلَى مُسَمَّى الْيَاءِ عَنْ نِسْبَتِهِ إلَيْهِ بِالْعِتْقِ فَيَتَعَيَّنُ الْأَوَّلُ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَيَانُ تَعَذُّرِ عِتْقِهِ بِطَرِيقٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَتْ الْإِشَارَةُ وَالتَّسْمِيَةُ وَالْمُسَمَّى مِنْ جِنْسِ الْمُشَارِ، تَعَلَّقَ بِالْمُشَارِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ يَتَعَلَّقُ بِالْمُسَمَّى وَبَيَّنَ هَذَا الْأَصْلَ فِي بَابِ الْمَهْرِ وَهُوَ الَّذِي أَرَادَهُ بِقَوْلِهِ حَقَقْنَاهُ فِي النِّكَاحِ، وَالْمُشَارُ إلَيْهِ هُنَا مَعَ الْمُسَمَّى جِنْسَانِ لِأَنَّ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى فِي الْإِنْسَانِ جِنْسَانِ لِاخْتِلَافِ الْمَقَاصِدِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِالْمُسَمَّى: أَعْنِي مُسَمَّى بِنْتٍ وَهُوَ مَعْدُومٌ هُنَا لِأَنَّ الثَّابِتَ ذَكَرٌ.

(قَوْلُهُ وَكَذَا عَلَى هَذَا الْخِلَافِ جَمِيعُ أَلْفَاظِ الصَّرِيحِ) كَأَنْتِ مُطَلَّقَةٌ، وَالطَّلَاقُ وَالْكِنَايَةُ؛ كَمَا لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ بَائِنٌ أَوْ بَتْلَةٌ أَوْ بَتَّةٌ أَوْ بِنْتِ مِنِّي أَوْ خَلِيَّةٌ أَوْ بَرِيَّةٌ وَحَبْلُك عَلَى غَارِبِك وَاخْرُجِي وَقُومِي وَاذْهَبِي وَاغْرُبِي وَاخْتَارِي فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَتَقَنَّعِي، أَوْ قَالَ ذَلِكَ لِعَبْدِهِ، أَوْ قَالَ لَهُ طَلَّقْتُك لَا يُعْتَقُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَإِنْ نَوَى، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ أَطْلَقْتُك وَنَوَى حَيْثُ يُعْتَقُ بِالِاتِّفَاقِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُعْتَقُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إذَا نَوَى. وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا كَقَوْلِنَا، وَالْأُخْرَى كَقَوْلِهِ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ بَيْنَ الْمِلْكَيْنِ) أَيْ مِلْكِ الرَّقَبَةِ وَمِلْكِ النِّكَاحِ (مُوَافَقَةً).

(قَوْلُهُ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إثْبَاتٌ لِلْمُشَابَهَةِ بَيْنَ الْمِلْكَيْنِ: أَعْنِي مِلْكَ الرَّقَبَةِ وَمِلْكَ النِّكَاحِ وَبَيْنَ التَّصَرُّفَيْنِ الْوَارِدَيْنِ عَلَيْهِمَا، أَمَّا الْأَوَّلُ فَإِنَّ النِّكَاحَ فِي حُكْمِ مِلْكِ الْعَيْنِ شَرْعًا لَا مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ لِتَرَتُّبِ لَازِمِ مِلْكِ الْعَيْنِ شَرْعًا عَلَيْهِ وَهُوَ اشْتِرَاطُ التَّأْبِيدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>