للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا لَمْ يَكُنْ التَّدْبِيرُ مُتَجَزِّئًا عِنْدَهُمَا صَارَ كُلُّهُ مُدَبَّرًا لِلْمُدَبِّرِ وَقَدْ أَفْسَدَ نَصِيبَ شَرِيكَيْهِ لِمَا بَيَّنَّا فَيَضْمَنُهُ، وَلَا يَخْتَلِفُ بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ لِأَنَّهُ ضَمَانُ تَمَلُّكٍ فَأَشْبَهَ الِاسْتِيلَادَ، بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ لِأَنَّهُ ضَمَانُ جِنَايَةٍ، وَالْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلْمُدَبِّرِ وَهَذَا ظَاهِرٌ.

قَالَ (وَإِذَا كَانَتْ جَارِيَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ زَعَمَ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لِصَاحِبِهِ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْآخَرُ فَهِيَ مَوْقُوفَةٌ يَوْمًا وَيَوْمًا تَخْدُمُ الْمُنْكِرَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَا: إنْ شَاءَ الْمُنْكِرُ اسْتَسْعَى الْجَارِيَةَ فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا ثُمَّ تَكُونُ حُرَّةً لَا سَبِيلَ عَلَيْهَا)

وَاسْتِسْعَاءِ الْعَبْدِ مُخْتَارًا أَوْ جَبْرًا بِإِجَارَتِهِ فَهُوَ يُحَقِّقُ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّهُ لَا يَبْقَى

فِيهِ الرِّقُّ إلَى أَنْ يُؤَدِّيَ السِّعَايَةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ التَّدْبِيرُ مُتَجَزِّئًا عِنْدَهُمَا إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ إلَى هُنَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، فَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَلَمَّا لَمْ يَتَجَزَّأْ التَّدْبِيرُ عِنْدَهُمَا يَصِيرُ كُلُّهُ مُدَبِّرًا لِشَرِيكِهِ الْمُدَبِّرِ (وَقَدْ أَفْسَدَ نَصِيبَ شَرِيكَيْهِ لِمَا بَيَّنَّا) فَيَضْمَنُ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لِشَرِيكَيْهِ (وَلَا يَخْتَلِفُ بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ لِأَنَّهُ ضَمَانُ تَمَلُّكٍ) لِأَنَّهُ أَمْكَنَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا (فَأَشْبَهَ الِاسْتِيلَادَ) أَيْ مَا إذَا اسْتَوْلَدَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَكَةَ حَيْثُ يَضْمَنُ نَصِيبَ شَرِيكِهِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا (بِخِلَافِ ضَمَانِ الْإِعْتَاقِ لِأَنَّهُ ضَمَانُ إفْسَادٍ) لَا ضَمَانُ تَمَلُّكٍ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ بِالنَّصِّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، وَضَمَانُ التَّمَلُّكِ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِيَكُونَ نَصُّ الِاخْتِلَافِ بِالْإِعْسَارِ وَالْيَسَارِ وَارِدًا فِيهِ (وَالْوَلَاءُ كُلُّهُ) عَلَى قَوْلِهِمَا (لِلْمُدَبِّرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ) لِأَنَّ الْعِتْقَ كُلَّهُ مِنْ جِهَتِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى قَوْلِهِمَا أَنَّ ضَمَانَ الْإِفْسَادِ فِي الْإِعْتَاقِ لَا يُنَافِي ضَمَانَ التَّمَلُّكِ لِأَنَّهُمَا حَيْثُ قَالَا: إنَّ الْعِتْقَ يَثْبُتُ مِنْ جِهَةِ الْمُعْتِقِ فِي كُلِّ الْعَبْدِ حَتَّى كَانَ الْوَلَاءُ كُلُّهُ لَهُ يَلْزَمُهُ الْقَوْلُ بِانْتِقَالِ مِلْكِ نَصِيبِ السَّاكِتِ إلَيْهِ وَإِلَّا فَكَيْفَ يَنْزِلُ عِتْقُهُ فِي جُزْءٍ لَا يَمْلِكُهُ، وَحِينَئِذٍ يَجِبُ أَنْ يُقَالَ ضَمَانُ الْإِعْتَاقِ وَإِنْ كَانَ ضَمَانَ تَمَلُّكٍ فَقَدْ اخْتَلَفَ بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ بِالنَّصِّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَيَبْقَى ضَمَانُ التَّدْبِيرِ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا كَانَتْ جَارِيَةً بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَزَعَمَ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لِصَاحِبِهِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ هِيَ مَوْقُوفَةٌ يَوْمًا) أَيْ لَا تَخْدُمُ فِيهِ أَحَدًا (وَيَوْمًا تَخْدُمُ الْمُنْكِرَ) وَلَوْ مَاتَ الْمُنْكِرُ قَبْلَ تَصْدِيقِهِ عَتَقَتْ بِشَهَادَةِ الْآخَرِ وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهَا لَهُ، وَتَسْعَى لِوَرَثَةِ الْمُنْكِرِ فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، كَذَا ذَكَرَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ. وَوَجْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>