الْوَجْهِ فِي كِفَايَةِ الْمُنْتَهَى
قَالَ (وَإِذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي وَصِيَّةٍ) اسْتِحْسَانًا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْعَتَاقِ (وَإِنْ شُهِدَ أَنَّهُ طَلَّقَ إحْدَى نِسَائِهِ جَازَتْ الشَّهَادَةُ وَيُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ إحْدَاهُنَّ) وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: الشَّهَادَةُ فِي الْعِتْقِ مِثْلُ ذَلِكَ) وَأَصْلُ هَذَا أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى عِتْقِ الْعَبْدِ لَا تُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى الْعَبْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀، وَعِنْدَهُمَا تُقْبَلُ، وَالشَّهَادَةُ عَلَى عِتْقِ الْأَمَةِ وَطَلَاقِ الْمَنْكُوحَةِ مَقْبُولَةٌ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى بِالِاتِّفَاقِ وَالْمَسْأَلَةُ مَعْرُوفَةٌ.
قَوْلَ أَبِي عِصْمَةَ وَقَالَ: هُوَ الَّذِي يُوَافِقُ مَا تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا أَنْ تَكُونَ فِي وَصِيَّةٍ اسْتِحْسَانًا ذَكَرَهُ فِي الْعَتَاقِ) أَيْ عَتَاقِ الْأَصْلِ بِأَنْ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَوْ شَهِدَا بِتَدْبِيرِهِ أَحَدَهُمَا مُطْلَقًا فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ، لِأَنَّ التَّدْبِيرَ حَيْثُ وَقَعَ كَانَ وَصِيَّةً، وَعِنْدَهُمَا تُقْبَلُ وَيُؤْمَرُ بِتَنْجِيزِ عِتْقِ أَحَدِهِمَا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ (قَوْلُهُ وَأَصْلُ هَذَا) أَيْ أَصْلُ هَذَا الْخِلَافِ (أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى عِتْقِ الْعَبْدِ لَا تُقْبَلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى الْعَبْدِ) مُطْلَقًا لَا فِي حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ وَلَا فِي الْحُرِّيَّةِ الْعَارِضَةِ عَلَى مَا هُوَ الصَّحِيحُ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ رَشِيدُ الدِّينِ أَنَّ الدَّعْوَى عِنْدَهُ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ بَلْ فِي الْعَارِضَةِ فَقَطْ (وَعِنْدَهُمَا تُقْبَلُ) بِلَا دَعْوَى (وَالشَّهَادَةُ عَلَى عِتْقِ الْأَمَةِ وَطَلَاقِ الْمَنْكُوحَةِ مَقْبُولَةٌ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى بِالِاتِّفَاقِ) وَإِنْ أَنْكَرَتْ الْأَمَةُ الْعِتْقَ لَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِهَا وَتَعْتِقُ لِأَنَّهَا مُتَّهَمَةٌ، وَكَذَا عَلَى طَلَاقِ إحْدَى النِّسَاءِ مَقْبُولَةٌ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ أَنْكَرَتْ، وَيُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُوقِعَ عَلَى إحْدَاهُنَّ.
(قَوْلُهُ وَالْمَسْأَلَةُ مَعْرُوفَةٌ) وَجْهُ قَوْلِهِمْ: إنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ وَهُوَ الْعِتْقُ حَقُّ الشَّرْعِ إذْ يَتَعَلَّقُ بِهِ تَكْمِيلُ الْحُدُودِ وَوُجُوبُ الْجُمُعَةِ وَالْجِهَادُ وَالزَّكَاةُ، وَيَصِحُّ نَذْرُهُ بِهِ وَحَلِفُهُ بِهِ وَلِهَذَا لَا يُحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ، وَلَا يَرْتَدُّ إقْرَارُ السَّيِّدِ بِحُرِّيَّةِ الْعَبْدِ وَلَا يَبْطُلُ بِالتَّنَاقُضِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ ثُمَّ ادَّعَى حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ، وَلَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى شَرْطًا لِمَنْعٍ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ يُبْطِلُ صِحَّةَ الدَّعْوَى، وَإِنَّمَا لَا تَكْفِي شَهَادَةُ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ أَمْرًا دِينِيًّا يَتَضَمَّنُ إزَالَةَ مِلْكِ الْعَبْدِ وَإِبْطَالَ مَالِيَّةِ مَالِهِ، فَلِذَا شُرِطَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ اثْنَانِ.
وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْعِتْقَ إمَّا زَوَالُ الْمِلْكِ الْمُسْتَلْزِمِ لِثُبُوتِ الْقُوَّةِ مِنْ مَالِكِيَّتِهِ، أَوْ هُوَ نَفْسُهَا، وَكِلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute