للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الْأَمْرَيْنِ حَقُّ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ الْمُنْتَفَعُ بِهِ عَلَى الْخُصُوصِ فِي الْحَقِيقَةِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُثْبِتُ مَا ذُكِرَ مِنْ حُقُوقِهِ تَعَالَى ثَمَرَاتٍ لِهَذَا الثُّبُوتِ فَصَحَّ كَوْنُهُ حَقَّهُ عَلَى الْخُصُوصِ فِي الْحَقِيقَةِ، وَلَا يَكُونُ ثُبُوتُ اللَّازِمِ إلَّا بَعْدَ الْمَلْزُومِ، وَإِذَا كَانَ الْمُسْتَلْزِمُ حَقَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِدَعْوَاهُ. وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَى هَذَا عِتْقُ الْأَمَةِ لِأَنَّهُ يُقَالُ حُرْمَةُ فَرْجِهَا الَّتِي هِيَ حَقُّهُ تَعَالَى تَثْبُتُ بَعْدَ ثُبُوتِ حَقِّهَا مِنْ الْعِتْقِ فَوَجَبَ أَنْ يَشْتَرِطَ دَعْوَاهَا.

فَإِنْ قِيلَ: الْفَرْقُ أَنَّهَا مُتَّهَمَةٌ لِرَغْبَتِهَا فِي صُحْبَةِ مَوْلَاهَا حَتَّى نَقُولَ: لَوْ كَانَ الْعَبْدُ أَيْضًا مُتَّهَمًا قُبِلَتْ بِلَا دَعْوَاهُ، وَذَلِكَ بِأَنْ لَزِمَهُ حَدُّ قَذْفٍ أَوْ قِصَاصٍ فِي طَرَفٍ حَتَّى لَوْ أَنْكَرَ الْعِتْقَ لَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِهِ.

قُلْنَا: نَفْرِضُ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا لَمْ تُنْكِرْ وَلَكِنَّهَا سَاكِتَةٌ لِعَدَمِ عِلْمِهَا بِحُرِّيَّتِهَا، ثُمَّ قَدْ يُمْنَعُ تَأْثِيرُ كَوْنِ الثَّابِتِ بِالْعِتْقِ أَوَّلًا مَا هُوَ حَقُّ الْعَبْدِ مُسْتَلْزِمًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي اشْتِرَاطِ الدَّعْوَى، لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ اسْتِلْزَامُهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى ثَبَتَ حُكْمُهُ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الدَّعْوَى سَوَاءٌ ثَبَتَ أَوَّلًا أَوْ ثَانِيًا؛ فَإِنْ حُوِّلَ التَّقْرِيرُ هَكَذَا الْعِتْقُ يَتَضَمَّنُ حَقَّ الْعَبْدِ وَحَقَّ اللَّهِ ، أَمَّا حَقُّهُ سُبْحَانَهُ فَمَا ذَكَرْتُمْ، وَأَمَّا حَقُّ الْعَبْدِ فَلِأَنَّهُ يَصِيرُ بِهِ مَالِكًا لِأَكْسَابِ نَفْسِهِ فَيَتَمَكَّنُ مِنْ إقَامَةِ مَصَالِحِهِ وَتَثْبُتُ وِلَايَاتُهُ مِنْ نَفَاذِ قَوْلِهِ فِي الشَّهَادَةِ وَإِنْكَاحِ بِنْتِهِ وَحُصُولِ الْمِيرَاثِ لَهُ إذَا مَاتَ قَرِيبُهُ، فَهُوَ بِمَا فِيهِ مِنْ حَقِّ الْعَبْدِ يَحْتَاجُ إلَى الدَّعْوَى وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى دَعْوَى بِمَا فِيهِ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، عَلَى أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِعَدَمِ الِارْتِدَادِ بِالرَّدِّ وَعَدَمِ التَّوَقُّفِ عَلَى قَبُولِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهُ حَقَّ اللَّهِ خَالِصًا؛ أَلَا يُرَى أَنَّ الْعَفْوَ عَنْ الْقِصَاصِ وَإِبْرَاءَ الْكَفِيلِ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ، وَكَذَا التَّنَاقُضُ فَإِنَّ عَدَمَ مَنْعِهِ لِخَفَاءِ رِقِّ الْأَصْلِ وَحُرِّيَّتِهِ كَمَا فِي دَعْوَى النَّسَبِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَلِمَا أَنَّهُ لَمَّا اجْتَمَعَ فِي الْعِتْقِ الْحَقَّانِ فَلِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، قُلْنَا: لَا يُمْنَعُ التَّنَاقُضُ فِي حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ وَلَا فِي الْحُرِّيَّةِ الْعَارِضَةِ، وَلِحَقِّ الْعَبْدِ شَرَطْنَا الدَّعْوَى وَالشَّاهِدَيْنِ أَيْضًا.

وَرَدَّ عَلَيْهِ أَيْضًا عِتْقُ الْأَمَةِ فَإِنَّ فِيهَا الْحَقَّيْنِ فَتَجِبُ الدَّعْوَى وَالشَّاهِدَانِ لِحَقِّ الْعَبْدِ، وَلَا يُمْنَعُ التَّنَاقُضُ لِحَقِّ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَأَيْضًا إذَا كَانَ بِمَا تَضَمَّنَهُ مِنْ حَقِّ الْعَبْدِ يَحْتَاجُ إلَى الدَّعْوَى لَا يَلْزَمُ ثُبُوتُهَا لِأَنَّهُ بِمَا فِيهِ مِنْ حَقِّ اللَّهِ يُعَارِضُهُ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ مَعَهُ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ إلَى الدَّعْوَى وَإِنَّهُمَا يَتَعَارَضَانِ، لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَتْ الشَّهَادَةُ بِلَا دَعْوَى فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى اقْتَضَى وُجُوبَ تَرْتِيبِ مُقْتَضَاهَا وَالْآخَرُ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَثْبُتَ. وَالْحَقُّ أَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ اجْتِمَاعُ الْحَقَّيْنِ وَتَعَارُضُ مُقْتَضَاهُمَا، فَتَرَجَّحَ مَا ثَبَتَ شَرْعًا لِاحْتِيَاطٍ فِي أَمْرِهِ وَتَوْكِيدِهِ، وَأَمْرُ الْفُرُوجِ مُحْتَاطٌ فِيهِ، فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ لَا يَتَوَقَّفَ إثْبَاتُهُ بَعْدَ الشَّهَادَةِ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ، بِخِلَافِ مَا لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ مِثْلُهُ، فَلِذَا وَقَعَ الْفَرْقُ عِنْدَهُ بَيْنَ عِتْقِ الْأَمَةِ وَالطَّلَاقِ وَبَيْنَ عِتْقِ الْعَبْدِ، لِأَنَّ حَقَّهُ سُبْحَانَهُ الثَّابِتَ وَهُوَ حُرْمَةُ الِاسْتِرْقَاقِ الْمُقْتَضِي لِنَفْيِ الدَّعْوَى لَيْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>