للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بُسْرًا فَأَكَلَ رُطَبًا لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِبُسْرٍ.

(وَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رُطَبًا أَوْ بُسْرًا أَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رُطَبًا وَلَا بُسْرًا فَأَكَلَ مُذَنِّبًا حَنِثَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا لَا يَحْنَثُ فِي الرُّطَبِ) يَعْنِي بِالْبُسْرِ الْمُذَنِّبِ وَلَا فِي الْبُسْرِ بِالرُّطَبِ الْمُذَنِّبِ لِأَنَّ الرُّطَبَ الْمُذَنِّبَ يُسَمَّى رُطَبًا وَالْبُسْرَ الْمُذَنِّبَ يُسَمَّى بُسْرًا فَصَارَ كَمَا إذَا كَانَ الْيَمِينُ عَلَى الشِّرَاءِ. وَلَهُ أَنَّ الرُّطَبَ الْمُذَنِّبَ مَا يَكُونُ فِي ذَنَبِهِ قَلِيلُ بُسْرٍ، وَالْبُسْرَ الْمُذَنِّبَ عَلَى عَكْسِهِ فَيَكُونُ آكِلُهُ آكِلَ الْبُسْرِ وَالرُّطَبِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مَقْصُودٌ فِي الْأَكْلِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ لِأَنَّهُ يُصَادِفُ الْجُمْلَةَ فَيَتْبَعُ الْقَلِيلُ فِيهِ الْكَثِيرَ. (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي رُطَبًا فَاشْتَرَى كِبَاسَةَ بُسْرٍ فِيهَا رُطَبٌ لَا يَحْنَثُ) لِأَنَّ الشِّرَاءَ يُصَادِفُ الْجُمْلَةَ وَالْمَغْلُوبَ تَابِعٌ (وَلَوْ كَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْأَكْلِ يَحْنَثُ) لِأَنَّ الْأَكْلَ يُصَادِفُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَقْصُودًا وَصَارَ كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يَشْتَرِي شَعِيرًا أَوْ لَا يَأْكُلُهُ فَاشْتَرَى حِنْطَةً فِيهَا حَبَّاتُ شَعِيرٍ وَأَكَلَهَا يَحْنَثُ فِي الْأَكْلِ دُونَ الشِّرَاءِ لِمَا قُلْنَا.

صَبِيٍّ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَرْدَعُهُ إلَّا تَرْكُ الْكَلَامِ مَعَهُ، أَوْ عَلِمَ أَنَّ الْكَلَامَ مَعَهُ يَضُرُّهُ فِي عِرْضِهِ أَوْ دِينِهِ فَعَقَدَ يَمِينَهُ فِي الْأَوَّلِ عَلَى مُدَّةِ كَوْنِهِ حَمَلًا، وَفِي الثَّانِي عَلَى مُدَّةِ صِبَاهُ.

فَإِنَّا نَقُولُ: لَوْ أَرَادَ حَالِفٌ تَقْيِيدَهُ بِالْحَمَلِيَّةِ وَالصِّبَا لَمْ نَمْنَعْهُ وَصَرَفْنَا يَمِينَهُ حَيْثُ صَرَفَهَا، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَإِنَّمَا يُسْلَكُ بِهِ مَا عَلَيْهِ الْعُمُومُ أَخْطَئُوا فِيهِ أَوْ أَصَابُوا فَلْيَكُنْ هَذَا مِنْك بِبَالٍ فَإِنَّك تَدْفَعُ بِهِ كَثِيرًا مِنْ أَمْثَالِ هَذَا الْغَلَطِ الْمُورَدِ عَلَى الْأَئِمَّةِ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بُسْرًا فَأَكَلَ رُطَبًا لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِبُسْرٍ) وَالْيَمِينُ انْعَقَدَتْ عَلَى خُصُوصِ صِفَةِ الْبُسْرِيَّةِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهَا دَاعِيَةٌ لِلْيَمِينِ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا أَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بُسْرًا وَلَا رُطَبًا فَأَكَلَ بُسْرًا مُذَنِّبًا) بِكَسْرِ النُّونِ: وَهُوَ مَا بَدَا الْإِرْطَابُ مِنْ ذَنَبِهِ (حَنِثَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا لَا يَحْنَثُ) هَكَذَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ، وَأَكْثَرُ كُتُبِ الْفِقْهِ الْمُعْتَبَرَةِ مِثْلِ الْمَبْسُوطِ وَشُرُوحِهِ وَكَافِي الْحَاكِمِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ للإسبيجابي وَشُرُوحِ الْجَامِعَيْنِ وَالْإِيضَاحِ وَالْأَسْرَارِ وَالْمَنْظُومَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَغْلِبُ ظَنُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>