. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمَعْدُودَاتِ، فَفِي غَيْرِ الْأَزْمِنَةِ ظَاهِرٌ، وَفِي الْأَزْمِنَةِ يَلْزَمُهُ خَمْسُ سِنِينَ لِأَنَّ كُلَّ زَمَانٍ سِتَّةُ أَشْهُرٍ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ.
وَقَالَا: فِي الْأَيَّامِ يَنْصَرِفُ إلَى أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ، وَفِي الشُّهُورِ إلَى اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا، وَفِي الْجُمَعِ وَالسِّنِينَ وَالدُّهُورِ وَالْأَزْمِنَةِ يَنْصَرِفُ إلَى جَمِيعِ الْعُمُرِ وَهُوَ الْأَبَدُ. وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ اللَّامَ لِلْعَهْدِ إذَا أَمْكَنَ، وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ صُرِفَتْ إلَى الِاسْتِغْرَاقِ وَالْعَهْدُ ثَابِتٌ فِي الْأَيَّامِ السَّبْعَةِ فَانْصَرَفَتْ الْأَيَّامُ إلَيْهَا، وَفِي الشُّهُورِ شُهُورُ السَّنَةِ فَيَنْصَرِفُ التَّعْرِيفُ إلَيْهَا، وَلَا عَهْدَ فِي خُصُوصٍ فِيمَا سِوَاهُمَا فَيَنْصَرِفُ إلَى اسْتِغْرَاقِ الْجُمَعِ وَالسِّنِينَ وَالدُّهُورِ وَالْأَزْمِنَةِ وَذَلِكَ هُوَ جَمِيعُ الْعُمُرِ أَوْ هِيَ لِلْعَهْدِ فِيهَا أَيْضًا، فَإِنَّ الْمَعْهُودَ بَعْدَمَا ذَكَرْنَا لَيْسَ إلَّا الْعُمُرُ وَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ لَا مَعْهُودَ دُونَهُ: أَيْ دُونَ الْعُمُرِ، وَحَاصِلُهُ اسْتِغْرَاقُ سِنِي الْعُمُرِ وَجُمَعِهِ. وَلَهُ أَنَّهُ جَمْعٌ مُعَرَّفٌ بِاللَّامِ فَيَنْصَرِفُ إلَى أَقْصَى مَا عُهِدَ مُسْتَعْمَلًا فِيهِ لَفْظُ الْجُمَعِ عَلَى الْيَقِينِ وَذَلِكَ عَشْرَةٌ، وَعَهْدِيَّتُهُ كَذَلِكَ فِيمَا إذَا وَقَعَ مُمَيِّزُ الْعَدَدِ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ يُقَالُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَيَكُونُ لَفْظُ أَيَّامٍ مُرَادًا بِهَا الثَّلَاثَةُ بِيَقِينٍ، وَكَذَا أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ إلَى عَشَرَةٍ، فَكَانَتْ الْعَشَرَةُ مُنْتَهَى مَا قُطِعَ بِإِرَادَتِهِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ فِيمَا لَا يُحْصَى مِنْ الِاسْتِعْمَالَاتِ فَكَانَ مَعْهُودًا مِنْ لَفْظِ الْجَمْعِ، بِخِلَافِ قَوْله تَعَالَى ﴿وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا﴾ وَ ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا﴾ فَإِنَّ الْجَمْعَ هُنَا وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ يَقِينًا مَا يَزِيدُ عَلَى الْعَشَرَةِ لَكِنَّهُ بِوُجُودِ ذَلِكَ مُرَادًا مَرَّةً لَا يَصِيرُ مَعْهُودًا مِنْ اللَّفْظِ بِحَيْثُ يُصْرَفُ إلَيْهِ مَتَى ذُكِرَ بِلَا مُعَيِّنٍ وَكَانَ الْمَعْهُودُ مِمَّا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ لَفْظُ الْجَمْعِ يَقِينًا مُسْتَمِرًّا لَيْسَ إلَّا الْعَشَرَةُ فِيمَا دُونَهَا، وَالْعَشَرَةُ مُنْتَهَى مَا عُهِدَ شَائِعًا إرَادَتُهُ بِهِ قَطْعًا فَيَجِبُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقَعْ مُمَيِّزًا لِعَدَدٍ نَحْوُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ حَيْثُ أُرِيدَ بِهِ جَمِيعُ الْأَيَّامِ فَإِنَّ اللَّامَ فِيهِ لِلْجِنْسِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِغْرَاقِ، وَلَا يُنْكَرُ أَنْ يُرَادَ بِاللَّامِ ذَلِكَ، لَكِنَّ الْمُقَرَّرَ أَنَّهُ حَيْثُ أَمْكَنَ الْعَهْدُ حُمِلَ عَلَيْهِ دُونَ الْجِنْسِ وَالِاسْتِغْرَاقِ، وَالْعَهْدُ ثَابِتٌ فِيمَا يُرَادُ بِالْجَمْعِ عِنْدَ عَدَمِ قَرِينَةٍ.
وَالْفَرْضُ أَنَّ الْحَالِفَ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا بِعَيْنِهِ فَالْوَاجِبُ أَنْ يُصْرَفَ إلَى الْمَعْهُودِ الْمُسْتَمِرِّ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ أَقْصَى الْمَعْهُودِ وَإِنْ كَانَ مَا دُونَهُ مَعْهُودًا أَيْضًا لِأَنَّهُ كَمَا عُهِدَ اسْتِعْمَالُهُ مُمَيَّزًا فِي الْعَشَرَةِ عُهِدَ فِيمَا دُونَهَا لِاسْتِغْرَاقِ اللَّامِ، وَلَمَّا كَانَ الِاسْتِغْرَاقُ الَّذِي حُكِمَ بِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْعَهْدِ إنَّمَا يَثْبُتُ لِأَنَّ مَدْخُولَ اللَّامِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ عَهْدٌ وَلَا قَرِينَةٌ تَعَيَّنَ غَيْرُ الِاسْتِغْرَاقِ مِنْ الْمَرَاتِبِ حَتَّى صُرِفَ إلَى الْجِنْسِ الصَّالِحِ لِلْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ كَانَ لِلِاسْتِغْرَاقِ وَهُنَا أَيْضًا كَذَلِكَ لَمَّا انْصَرَفَ إلَى الْمَعْهُودِ، وَالْمَعْهُودُ كُلُّ مَرْتَبَةٍ مِنْ الْمَرَاتِبِ الَّتِي أَوَّلُهَا ثَلَاثَةٌ وَأَقْصَاهَا عَشَرَةٌ وَلَا مُعَيِّنَ كَانَتْ لِاسْتِغْرَاقِ الْمَعْهُودِ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَنْدَفِعُ مَا أَوْرَدَهُ ابْنُ الْعِزِّ مِنْ قَوْلِهِ: وَهَذَا أَيْ كَوْنُ أَقْصَى مَا يُرَادُ بِهِ الْعَشَرَةُ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ ذِكْرِ الْعَدَدِ، وَإِذَا لَمْ يُذْكَرْ يُسَمَّى الزَّائِدُ عَلَيْهِ بِالْجَمْعِ بِلَا رَيْبٍ، وَذَكَرَ شَاهِدُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى ﴿وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا﴾.
وَ ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ﴾ قَالَ: وَلَيْسَ فِي قَوْلِ الْحَالِفِ لَا أُكَلِّمُهُ الشُّهُورَ اسْمُ الْعَدَدِ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ أَقْصَى مَا يُذْكَرُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَكَذَلِكَ الْأَيَّامُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّهُ انْدَفَعَ لِأَنَّك عَلِمَتْ أَنَّ الْقَصْدَ تَعْيِينُ مَا عُهِدَ مُرَادًا بِلَفْظِ الْجَمْعِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِمْرَارِ لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ لَفْظَ الْجَمْعِ الْخَاصِّ عِنْدَ عَدَمِ إرَادَةِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ، فَكَوْنُ لَفْظٍ أُرِيدَ بِهِ غَيْرُ مَا عُهِدَ مُسْتَمِرًّا كَثِيرًا لَا يُوجِبُ نَفْيَ عَهْدِيَّتِهِ فِي غَيْرِهِ، وَأَمَّا مُشَاحَّتُهُ الْخَبَّازِيَّ حَيْثُ قَالَ الْخَبَّازِيُّ اسْمُ الْجَمْعِ لِلْعَشَرَةِ وَمَا دُونَهَا إلَى الثَّلَاثَةِ حَقِيقَةُ حَالَتَيْ الْإِطْلَاقِ وَاقْتِرَانِهِ بِالْعَدَدِ، وَلَمَّا زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَنْ الْعَدَدِ وَالِاسْمِ مَتَى كَانَ لِلشَّيْءِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ كَانَ أَثْبَتَ مِمَّا هُوَ اسْمٌ لَهُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ فَلَيْسَتْ بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ دَفَعَ كَلَامَهُ هَذَا بِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ الْفَرْقَ بَيْنَ الْجَمْعِ وَاسْمِ الْجَمْعِ فَلِهَذَا قَالَ إنَّهُ لِلْعَشَرَةِ وَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute