للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْأُولَى تَتَحَقَّقُ فِي حَقِّ مَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنْ يُظَنَّ غَيْرُ الدَّلِيلِ دَلِيلًا وَلَا بُدَّ مِنْ الظَّنِّ لِيَتَحَقَّقَ الِاشْتِبَاهُ.

وَالثَّانِيَةُ تَتَحَقَّقُ بِقِيَامِ الدَّلِيلِ النَّافِي لِلْحُرْمَةِ فِي ذَاتِهِ وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى ظَنِّ الْجَانِي وَاعْتِقَادِهِ. وَالْحَدُّ يَسْقُطُ بِالنَّوْعَيْنِ لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ. وَالنَّسَبُ يَثْبُتُ فِي الثَّانِيَةِ إذَا ادَّعَى الْوَلَدَ، وَلَا يَثْبُتُ فِي الْأُولَى وَإِنْ ادَّعَاهُ لِأَنَّ الْفِعْلَ تَمَحَّضَ زِنًا فِي الْأُولَى؛ وَإِنْ سَقَطَ الْحَدُّ لِأَمْرٍ رَاجِعٍ إلَيْهِ وَهُوَ اشْتِبَاهُ الْأَمْرِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَمَحَّضْ فِي الثَّانِيَةِ فَشُبْهَةُ الْفِعْلِ فِي ثَمَانِيَةِ

زَوْجَتِهِ الْحَائِضِ وَالصَّائِمَةِ وَالْمُحْرِمَةِ وَأَمَتِهِ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ وَجَارِيَةِ وَلَدِهِ وَلَا حَدَّ فِيهِ، وَلَوْ وَطِئَ أَمَتَهُ الْمُحَرَّمَةَ عَلَيْهِ بِرَضَاعٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ صِهْرِيَّةٍ كَأُخْتِهِ أَوْ بِنْتِهِ مِنْهُمَا أَوْ أُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ مَوْطُوءَةِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى الْأَظْهَرِ.

وَأَمَّا الشُّبْهَةُ فِي الْفَاعِلِ فَمِثْلُ أَنْ يَجِدَ امْرَأَةً عَلَى فِرَاشِهِ فَيَطَأَهَا ظَانًّا أَنَّهَا امْرَأَتُهُ فَلَا حَدَّ، وَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ ظَنَّ ذَلِكَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ. وَأَمَّا الشُّبْهَةُ فِي الْجِهَةِ قَالَ الْأَصْحَابُ كُلُّ جِهَةٍ صَحَّحَهَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَأَبَاحَ الْوَطْءَ بِهَا لَا حَدَّ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ الْوَاطِئُ يَعْتَقِدُ التَّحْرِيمَ كَالْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ وَبِلَا شُهُودٍ. وَأَصْحَابُنَا قَسَّمُوا الشُّبْهَةَ قِسْمَيْنِ: شُبْهَةٌ فِي الْفِعْلِ وَتُسَمَّى شُبْهَةَ اشْتِبَاهٍ، وَشُبْهَةُ مُشَابَهَةٍ: أَيْ شُبْهَةٌ فِي حَقِّ مَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ دُونَ مَنْ لَمْ يَشْتَبِهْ عَلَيْهِ. وَشُبْهَةٌ فِي الْمَحَلِّ وَتُسَمَّى شُبْهَةً حُكْمِيَّةً وَشُبْهَةَ مِلْكٍ: أَيْ الثَّابِتُ شُبْهَةُ حُكْمِ الشَّرْعِ بِحِلِّ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ فَالْأُولَى تَتَحَقَّقُ فِي حَقِّ مَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ مَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْحِلُّ وَالْحُرْمَةُ، وَلَا دَلِيلَ فِي السَّمْعِ يُفِيدُ الْحِلَّ، بَلْ ظُنَّ غَيْرُ الدَّلِيلِ دَلِيلًا كَمَا يُظَنُّ أَنَّ جَارِيَةَ زَوْجَتِهِ تَحِلُّ لَهُ لِظَنِّهِ أَنَّهُ اسْتِخْدَامٌ وَاسْتِخْدَامُهَا حَلَالٌ لَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ الظَّنِّ، وَإِلَّا فَلَا شُبْهَةَ أَصْلًا لِفَرْضِ أَنْ لَا دَلِيلَ أَصْلًا لِتَثْبُتَ الشُّبْهَةُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ظَنُّهُ الْحِلَّ ثَابِتًا لَمْ تَكُنْ شُبْهَةٌ أَصْلًا

(وَالثَّانِيَةُ) وَهِيَ الشُّبْهَةُ الْحُكْمِيَّةُ (تَتَحَقَّقُ بِقِيَامِ الدَّلِيلِ النَّافِي لِلْحُرْمَةِ فِي ذَاتِهِ) كَقَوْلِهِ : «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» سَوَاءٌ ظَنَّ الْحِلَّ أَوْ عَلِمَ الْحُرْمَةَ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ بِثُبُوتِ الدَّلِيلِ قَائِمَةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ عَلِمَهَا أَحَدٌ أَوْ لَمْ يَعْلَمْهَا (قَوْلُهُ وَالْحَدُّ يَسْقُطُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ) يَعْنِي قَوْلَهُ «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ»، (وَقَوْلُهُ وَالنَّسَبُ يَثْبُتُ فِي الثَّانِي) أَيْ فِي شُبْهَةِ الْمَحَلِّ (إذَا ادَّعَى الْوَلَدَ وَلَا يَثْبُتُ فِي الْأَوَّلِ، وَإِنْ ادَّعَاهُ لِأَنَّ الْفِعْلَ تَمَحَّضَ زِنًا) لِفَرْضِ أَنْ لَا شُبْهَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>