للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا فَسَادُ الشَّرِكَةِ فَلِانْعِقَادِهَا عَلَى إحْرَازِ الْمُبَاحِ وَهُوَ الْمَاءُ، وَأَمَّا وُجُوبُ الْأَجْرِ فَلِأَنَّ الْمُبَاحَ إذَا صَارَ مِلْكًا لِلْمُحْرِزِ وَهُوَ الْمُسْتَقِي، وَقَدْ اسْتَوْفَى مَنَافِعَ مِلْكِ الْغَيْرِ وَهُوَ الْبَغْلُ أَوْ الرَّاوِيَةُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ فَيَلْزَمُهُ أَجْرُهُ

(وَكُلُّ شَرِكَةٍ فَاسِدَةٍ فَالرِّبْحُ فِيهِمَا عَلَى قَدْرِ الْمَالِ، وَيَبْطُلُ شَرْطُ التَّفَاضُلِ) لِأَنَّ الرِّبْحَ فِيهِ تَابِعٌ لِلْمَالِ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهِ، كَمَا أَنَّ الرِّيعَ تَابِعٌ لِلْبَذْرِ فِي الزِّرَاعَةِ، وَالزِّيَادَةُ إنَّمَا تُسْتَحَقُّ بِالتَّسْمِيَةِ، وَقَدْ فَسَدَتْ فَبَقِيَ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ

(وَإِذَا مَاتَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَطَلَتْ الشَّرِكَةُ) لِأَنَّهَا تَتَضَمَّنُ الْوَكَالَةَ، وَلَا بُدَّ مِنْهَا لِتَتَحَقَّقَ الشَّرِكَةُ عَلَى

وَبَالِغًا مَا بَلَغَ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ، وَكَذَا لَوْ دَفَعَ دَابَّتَهُ إلَى رَجُلٍ لِيُؤَاجِرَهَا وَمَا أَطْعَمَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ كَانَ الْأَجْرُ كُلُّهُ لِمَالِكِ الدَّابَّةِ، وَكَذَا فِي السَّفِينَةِ وَالْبَيْتِ لِمَا بَيَّنَّا، إذْ تَقْدِيرُهُ أَنَّهُ قَالَ بِعْ مَنَافِعَ دَابَّتِي لِيَكُونَ الْأَجْرُ بَيْنَنَا، ثُمَّ الْأَجْرُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّ الْعَاقِدَ عَقَدَ الْعَقْدَ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِ الدَّابَّةِ بِأَمْرِهِ، وَلِلْعَاقِدِ أَجْرُ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ أَنْ يَعْمَلَ مَجَّانًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ دَابَّةً لِيَبِيعَ عَلَيْهَا طَعَامًا لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَإِنَّ الشَّرِكَةَ فَاسِدَةٌ وَالرِّبْحَ لِصَاحِبِ الطَّعَامِ وَلِصَاحِبِ الدَّابَّةِ أَجْرُ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ اسْتَوْفَى مَنَافِعَ الدَّابَّةِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ فَكَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِهَا، وَالرِّبْحُ لِلْعَامِلِ وَهُوَ صَاحِبُ الطَّعَامِ؛ لِأَنَّهُ كَسْبُ مَالِهِ.

وَعَلَى الثَّانِي أَنْ يَكُونَ لِهَذَا بَغْلٌ وَلِلْآخَرِ مَزَادَةٌ فَاشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يَسْتَقِيَا الْمَاءَ فِيهَا عَلَى الْبَغْلِ فَالشَّرِكَةُ فَاسِدَةٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَالْأَجْرُ كُلُّهُ لِلَّذِي اسْتَقَى، وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْمَزَادَةِ إنْ كَانَ صَاحِبَ الْبَغْلِ، وَأَجْرُ مِثْلِ الْبَغْلِ إنْ كَانَ صَاحِبَ الْمَزَادَةِ. وَجَمْعُ الْمَزَادَةِ مَزَادٌ وَمَزَايِدٌ.

(أَمَّا فَسَادُ الشَّرِكَةِ فَلِانْعِقَادِهَا عَلَى إحْرَازِ الْمُبَاحِ وَهُوَ) نَقْلُ (الْمَاءِ)، وَأَمَّا وُجُوبُ الْأَجْرِ فَلِأَنَّ الْمُبَاحَ قَدْ صَارَ مِلْكًا لِلْمُحْرِزِ، وَهُوَ الْمُسْتَقِي وَقَدْ اسْتَوْفَى مَنَافِعَ مِلْكِ الْغَيْرِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ فَيَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ

(قَوْلُهُ وَكُلُّ شَرِكَةٍ فَاسِدَةٍ فَالرِّبْحُ فِيهَا عَلَى قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ إلَخْ) كَأَلْفٍ لِأَحَدِهِمَا مَعَ أَلْفَيْنِ لِلْآخَرِ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، وَإِنْ كَانَا شَرَطَا الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بَطَلَ ذَلِكَ الشَّرْطُ، وَلَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِثْلُ مَا لِلْآخَرِ وَشَرَطَا الرِّبْحَ أَثْلَاثًا بَطَلَ شَرْطُ التَّفَاضُلِ وَانْقَسَمَ نِصْفَيْنِ بَيْنَهُمَا (لِأَنَّ الرِّبْحَ فِي) وُجُودِهِ (تَابِعٌ لِلْمَالِ)، وَإِنَّمَا طَابَ عَلَى التَّفَاضُلِ بِالتَّسْمِيَةِ فِي الْعَقْدِ، وَقَدْ بَطَلَتْ بِبُطْلَانِ الْعَقْدِ فَيَبْقَى الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ الْمُوَلَّدِ لَهُ، وَنَظِيرُهُ الْبِزْرُ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالرِّيعُ الزِّيَادَةُ

(قَوْلُهُ وَإِذَا مَاتَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَطَلَتْ الشَّرِكَةُ) مُفَاوَضَةً كَانَتْ أَوْ عِنَانًا إذَا قَضَى بِلَحَاقِهِ عَلَى الْبَتَاتِ حَتَّى لَوْ عَادَ مُسْلِمًا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا شَرِكَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ انْقَطَعَتْ عَلَى سَبِيلِ التَّوَقُّفِ بِالْإِجْمَاعِ، فَإِنْ عَادَ مُسْلِمًا قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ بِلَحَاقِهِ فَهُمَا عَلَى الشَّرِكَةِ، وَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَطَعَتْ، وَلَوْ لَمْ يَلْحَقْ بِدَارِ الْحَرْبِ انْقَطَعَتْ الْمُفَاوَضَةُ عَلَى سَبِيلِ التَّوَقُّفِ، فَإِنْ لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِالْبُطْلَانِ حَتَّى أَسْلَمَ عَادَتْ الْمُفَاوَضَةُ، وَإِنْ مَاتَ بَطَلَتْ مِنْ وَقْتِ الرِّدَّةِ، وَإِذَا انْقَطَعَتْ الْمُفَاوَضَةُ عَلَى سَبِيلِ التَّوَقُّفِ هَلْ تَصِيرُ عِنَانًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ؟ لَا. وَعِنْدَهُمَا تَبْقَى عِنَانًا ذَكَرَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ.

وَإِنَّمَا بَطَلَتْ الشَّرِكَةُ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّهَا تَتَضَمَّنُ الْوَكَالَةَ: أَيْ مَشْرُوطٌ ابْتِدَاؤُهَا وَبَقَاؤُهَا بِهَا ضَرُورَةً فَإِنَّهَا لَا يَتَحَقَّقُ ابْتِدَاؤُهَا إلَّا بِوِلَايَةِ التَّصَرُّفِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي مَالِ الْآخَرِ، وَلَا تَبْقَى الْوِلَايَةُ إلَّا بِبَقَاءِ الْوَكَالَةِ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ السُّؤَالُ الْقَائِلُ الْوَكَالَةُ تَثْبُتُ تَبَعًا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ التَّبَعِ بُطْلَانُ الْأَصْلِ وَبُطْلَانُهَا بِالِالْتِحَاقِ؛ لِأَنَّهُ مَوْتٌ حُكْمِيٌّ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ فِي بَابِ أَحْكَامِ الْمُرْتَدِّينَ، وَلَا فَرْقَ فِي ثُبُوتِ الْبُطْلَانِ بَيْنَ مَا إذَا عَلِمَ الشَّرِيكُ

<<  <  ج: ص:  >  >>