للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الْمَأْذُونِ الْإِذْنُ: الْإِعْلَامُ لُغَةً

ــ

[فتح القدير]

قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ فِي تَقْرِيرِ هَذَا الْمَحَلِّ: لِأَنَّهُ عَجَزَ الْمُشْتَرِي عَنْ إيفَاءِ الثَّمَنِ، وَالْعَجْزُ عَنْ إيفَاءِ الثَّمَنِ يُوجِبُ حَقَّ الْفَسْخِ قِيَاسًا عَلَى الْعَجْزِ عَنْ إيفَاءِ الْمَبِيعِ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، وَمِنْ قَضِيَّتِهِ الْمُسَاوَاةُ اهـ.

وَرَدَّ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ قَوْلَهُ: وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، حَيْثُ قَالَ: فِيهِ بَحْثٌ، بَلْ الْعِلَّةُ الْجَامِعَةُ هِيَ الْعَجْزُ عَنْ التَّسْلِيمِ، وَقَوْلُهُ: وَهَذَا لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ. . . إلَخْ

لِبَيَانِ صِحَّةِ الْقِيَاسِ، فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. أَقُولُ: لَيْسَ ذَاكَ بِسَدِيدٍ، لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ لَا يَكَادُ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً جَامِعَةً فِي صِحَّةِ جَامِعَةً فِي صِحَّةِ الْقِيَاسِ هَا هُنَا بِدُونِ مُلَاحَظَةِ كَوْنِ الْعَقْدِ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ يُوجِبَ الْعَجْزُ عَنْ التَّسْلِيمِ حَقَّ الْفَسْخِ فِي غَيْرِ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ أَيْضَا، وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ، فَالْمَدَارُ فِي تَحَقُّقِ الْعِلَّةِ الْجَامِعَةِ هَا هُنَا كَوْنُ الْبَيْعِ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ، وَهُوَ الْوَجْهُ لِبَيَانِ الْمُصَنِّفِ صِحَّةَ الْقِيَاسِ هَا هُنَا بِقَوْلِهِ: وَهَذَا لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ.

وَمِنْ قَضِيَّتِهِ الْمُسَاوَاةُ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْجَامِعَ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَمِنْ قَضِيَّتِهِ الْمُسَاوَاة لَيْسَ مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ، بَلْ أَطْبَقَتْ عَلَى التَّصْرِيحِ بِهِ كَلِمَةُ الثِّقَاتِ هَا هُنَا كَصَاحِبِ الْكَافِي وَصَاحِبِ مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَالْإِمَامِ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرِهِمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[كِتَابُ الْمَأْذُونِ]

إيرَادُ كِتَابِ الْمَأْذُونِ بَعْدَ كِتَابِ الْحَجْرِ ظَاهِرُ الْمُنَاسَبَةِ، إذْ الْإِذْنُ يَقْتَضِي سَبْقَ الْحَجْرِ، فَلَمَّا تَرَتَّبَا وُجُودًا تَرَتَّبَا أَيْضًا ذِكْرًا وَمَا لِلتَّنَاسُبِ (قَوْلُهُ الْإِذْنُ الْإِعْلَامُ لُغَةً) أَقُولُ: لَمْ أَرَ قَطُّ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ الْمُتَدَاوَلَةِ بَيْنَ الثِّقَاتِ مَجِيءَ الْإِذْنِ بِمَعْنَى الْإِعْلَامِ، وَإِنَّمَا الْمَذْكُورُ فِيهَا كَوْنُ الْأَذَانِ بِمَعْنَى الْإِعْلَامِ، فَقَوْلُهُ الْإِذْنُ الْإِعْلَامُ لُغَةً مَحَلُّ نَظَرٍ يَظْهَرُ ذَلِكَ لِمَنْ يُرَاجِعُ كُتُبَ اللُّغَةِ.

نَعَمْ قَدْ وَقَعَ فِي كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْمَشَايِخِ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ تَفْسِيرُ مَعْنَى الْإِذْنِ لُغَةً بِالْإِعْلَامِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَلَعَلَّهُمْ تَسَامَحُوا فِي التَّفْسِيرِ فَعَبَّرُوا عَنْ مَعْنَى الْإِذْنِ مِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الشَّيْءِ إذْنًا: أَيْ أَبَاحَهُ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْقَامُوسُ بِمَا يُلَازِمُهُ عَادَةً مِنْ الْإِعْلَامِ، وَلَا يَخْلُو عَنْ نَوْعِ الْإِيمَاءِ إلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ حَيْثُ قَالَ هَاهُنَا: يُحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْإِذْنِ لُغَةً وَشَرْعًا، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا لُغَةً فَالْإِذْنُ فِي الشَّيْءِ رَفْعُ الْمَانِعِ لِمَنْ هُوَ مَحْجُورٌ عَنْهُ وَإِعْلَامٌ بِإِطْلَاقِهِ فِيمَا حُجِرَ عَنْهُ مِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الشَّيْءِ إذْنًا اهـ. ثُمَّ إنَّ مِنْ الْمُسْتَبْعَدِ هَاهُنَا مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الزَّيْلَعِيُّ حَيْثُ قَالَ فِي التَّبْيِينِ: وَالْإِذْنُ فِي اللُّغَةِ الْإِعْلَامُ، وَمِنْهُ الْأَذَانُ وَهُوَ الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ اهـ.

وَكَذَا مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْبَدَائِعِ حَيْثُ قَالَ فِي فَصْلِ شَرَائِطِ الرُّكْنِ مِنْ كِتَابِ الْمَأْذُونِ: لِأَنَّ الْإِذْنَ هُوَ الْإِعْلَامُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: ٣] أَيْ إعْلَامٌ اهـ. فَإِنَّ مَدَارَ مَا ذَكَرَهُ اتِّحَادُ الْإِذْنِ وَالْأَذَانِ حَيْثُ اسْتَشْهَدَا بِمَعْنَى أَحَدِهِمَا عَلَى مَعْنًى آخَرَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَطْعًا، وَالْأَظْهَرُ فِي تَفْسِيرِ مَعْنَى الْإِذْنِ لُغَةً مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهُ فِي مَبْسُوطِهِ حَيْثُ قَالَ: أَمَّا الْإِذْنُ فَهُوَ الْإِطْلَاقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>