للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ الْعُضْوِ وَكَوْنُهُ عُضْوًا أَصْلِيًّا، وَلِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ فِي أُصُولِ الشَّرْعِ فَيَتَرَجَّحُ بِالْكَثْرَةِ. وَلَهُ أَنَّ كَثْرَةَ الْخُرُوجِ لَيْسَ يَدُلُّ عَلَى الْقُوَّةِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِاتِّسَاعٍ فِي أَحَدِهِمَا وَضِيقٍ فِي الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْهُمَا عَلَى السَّوَاءِ فَهُوَ مُشْكِلٌ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ.

قَالَ (وَإِذَا بَلَغَ الْخُنْثَى وَخَرَجَتْ لَهُ اللِّحْيَةُ أَوْ وَصَلَ إلَى النِّسَاءِ فَهُوَ رَجُلٌ) وَكَذَا إذَا احْتَلَمَ كَمَا يَحْتَلِمُ الرَّجُلُ أَوْ كَانَ لَهُ ثَدْيٌ مُسْتَوٍ، لِأَنَّ هَذِهِ مِنْ عَلَامَاتِ الذُّكْرَانِ (وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ ثَدْيٌ كَثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ نَزَلَ لَهُ لَبَنٌ فِي ثَدْيِهِ أَوْ حَاضَ أَوْ حَبِلَ أَوْ أَمْكَنَ الْوُصُولُ إلَيْهِ مِنْ الْفَرْجِ فَهُوَ امْرَأَةٌ) لِأَنَّ هَذِهِ مِنْ عَلَامَاتِ النِّسَاءِ (وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ إحْدَى هَذِهِ الْعَلَامَاتِ فَهُوَ خُنْثَى مُشْكِلٌ) وَكَذَا إذَا تَعَارَضَتْ هَذِهِ الْمَعَالِمُ.

(فَصْلٌ فِي أَحْكَامِهِ) قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الْأَصْلُ فِي الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ أَنْ يُؤْخَذَ فِيهِ بِالْأَحْوَطِ وَالْأَوْثَقِ فِي أُمُورِ الدِّينِ، وَأَنْ لَا يَحْكُمَ بِثُبُوتِ حُكْمٍ وَقَعَ الشَّكُّ فِي ثُبُوتِهِ. قَالَ (وَإِذَا وَقَفَ خَلْفَ الْإِمَامِ قَامَ بَيْنَ صَفِّ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ فَلَا يَتَخَلَّلُ الرِّجَالَ كَيْ لَا يُفْسِدَ صَلَاتَهُمْ وَلَا النِّسَاءَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَجُلٌ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ.

(فَإِنْ قَامَ فِي صَفِّ النِّسَاءِ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدَ صَلَاتَهُ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَجُلٌ (وَإِنْ قَامَ فِي صَفِّ الرِّجَالِ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَيُعِيدُ الَّذِي عَنْ

ــ

[فتح القدير]

[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِهِ]

أَيْ فِي أَحْكَامِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ تَظْهَرْ فِيهِ إحْدَى الْعَلَامَاتِ، وَتَعَارَضَتْ اللَّامَّاتُ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُشْكِلِ إمَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً، وَحُكْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعْلُومٌ فِيمَا مَضَى مِنْ الْكُتُبِ عَلَى وَجْهِ التَّفْصِيلِ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا وَقَفَ خَلْفَ الْإِمَامِ قَامَ بَيْنَ صَفِّ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ) هَذَا لَفْظُ الْقُدُورِيِّ فِي مُخْتَصَرِهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَعْلِيلِهِ (لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ فَلَا يَتَخَلَّلُ الرِّجَالَ كَيْ لَا يُفْسِدَ صَلَاتَهُمْ، وَلَا النِّسَاءَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَجُلٌ فَتَفْسُدَ صَلَاتُهُ) أَقُولُ: فِي تَحْرِيرِ هَذَا التَّعْلِيلِ نَوْعُ خَلَلٍ، لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلَا النِّسَاءَ عَطْفٌ عَلَى الرِّجَالِ فِي قَوْلِهِ فَلَا يَتَخَلَّلُ الرِّجَالَ. وَقَوْلُهُ فَلَا يَتَخَلَّلُ الرِّجَالَ مُتَفَرِّعٌ عَلَى قَوْلِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ وَلَا النِّسَاءَ مُتَفَرِّعًا أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ، لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ فِي حُكْمِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ بِالنَّظَرِ إلَى مَا قَبْلَهُ، فَيَصِيرُ الْحَاصِلُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ فَلَا يَتَخَلَّلُ الرِّجَالَ وَلَا النِّسَاءَ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَفَرُّعِ عَدَمِ تَخَلُّلِهِ النِّسَاءَ عَلَى قَوْلِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ، إذْ لَا تَأْثِيرَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ فِي عَدَمِ تَخَلُّلِهِ النِّسَاءَ، بَلْ مُجَرَّدُ احْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ مِمَّا يُجَوِّزُ تَخَلُّلَهُ النِّسَاءَ، وَإِنَّمَا التَّأْثِيرُ فِي عَدَمِ تَخَلُّلِهِ النِّسَاءَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَجُلٌ، وَكَأَنَّ صَاحِبَ الْكَافِي ذَاقَ هَذِهِ الْبَشَاعَةَ فَغَيَّرَ تَحْرِيرَ الْمُصَنِّفِ فِي التَّعْلِيلِ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ وَقَفَ خَلْفَ الْإِمَامِ قَامَ بَيْنَ صَفِّ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَلَا يَتَخَلَّلُ الرِّجَالَ حَتَّى لَا يُفْسِدَ صَلَاتَهُمْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ، وَلَا يَتَخَلَّلُ النِّسَاءَ حَتَّى تَفْسُدَ صَلَاتُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَجُلٌ انْتَهَى

(قَوْلُهُ فَإِنْ قَامَ فِي صَفِّ النِّسَاءِ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدَ صَلَاتهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَجُلٌ) هَذَا لَفْظُ مُحَمَّدٍ فِي الْأَصْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>