. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْجُدْ وَلَمْ يَرْكَعْ حَتَّى طَالَتْ الْقِرَاءَةُ ثُمَّ رَكَعَ وَنَوَى السَّجْدَةَ لَمْ يَجُزْ، وَكَذَا إذَا نَوَاهَا فِي السَّجْدَةِ الصُّلْبِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ، وَالدَّيْنُ يُقْضَى بِمَا لَهُ لَا بِمَا عَلَيْهِ، وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ فِي فَصْلِ كَيْفِيَّةِ وُجُوبِهَا، وَسَيَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَ الْحَلْوَانِيِّ هُوَ الرِّوَايَةُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. هَذَا وَمَا ذَكَرَ مِنْ الْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَى النِّيَّةِ فِي سَجْدَةِ الصَّلَاةِ حَالَةَ الْفَوْرِ فِي الْبَدَائِعِ مَا يُفِيدُ خِلَافَهُ مِنْ ثُبُوتِ الْخِلَافِ. قَالَ: ثُمَّ إذَا رَكَعَ قَبْلَ أَنْ تَطُولَ الْقِرَاءَةُ هَلْ تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ لِقِيَامِ الرُّكُوعِ مَقَامَ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ؟.
فَقِيَاسُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ النُّكْتَةِ أَنْ لَا يَحْتَاجَ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى تَحْصِيلِ التَّعْظِيمِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَقَدْ وُجِدَ نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ كَالْمُعْتَكِفِ فِي رَمَضَانَ إذَا لَمْ يَنْوِ بِصِيَامِهِ عَنْ الِاعْتِكَافِ، وَاَلَّذِي دَخَلَ الْمَسْجِدَ إذَا اشْتَغَلَ بِالْفَرْضِ غَيْرَ نَاوٍ أَنْ يَقُومَ مَقَامَ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ: يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ وَيَدَّعِي أَنَّ مُحَمَّدًا أَشَارَ إلَيْهِ، فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا تَذَكَّرَ سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ فِي الرُّكُوعِ يَخِرُّ سَاجِدًا فَيَسْجُدُ كَمَا تَذَكَّرَ ثُمَّ يَقُومُ فَيَعُودُ إلَى الرُّكُوعِ، وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الرُّكُوعُ الَّذِي تَذَكَّرَ فِيهِ عَقِيبَ التِّلَاوَةِ بِلَا فَصْلٍ أَوْ بِهِ، فَلَوْ كَانَ الرُّكُوعُ مِمَّا يَنُوبُ عَنْ السَّجْدَةِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ لَكَانَ لَا يَأْمُرُهُ بِأَنْ يَسْجُدَ لِلتِّلَاوَةِ بَلْ قَامَ نَفْسُ الرُّكُوعِ مَقَامَ التِّلَاوَةِ، ثُمَّ اشْتَغَلَ ﵀ بِدَفْعِ دَلَالَةِ الْمَرْوِيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ بِمَا لَا يَقْوَى، ثُمَّ طَالَبَهُ بِالْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَصَوْمِ الْمُعْتَكِفِ فِي رَمَضَانَ وَالصَّلَاةِ، وَذَكَرَ جَوَابَ الْقَائِلِ عَنْهُ بِأَنَّ الْوَاجِبَ الْأَصْلِيَّ هُنَا هُوَ السُّجُودُ، إلَّا أَنَّ الرُّكُوعَ أُقِيمَ مَقَامَهُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَبَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ الصُّورَةُ فَرْقٌ، فَلِمُوَافَقَةِ الْمَعْنَى تَتَأَدَّى السَّجْدَةُ بِالرُّكُوعِ إذَا نَوَى، وَلِمُخَالَفَةِ الصُّورَةِ لَا تَتَأَدَّى إذَا لَمْ يَنْوِ، بِخِلَافِ صَوْمِ الشَّهْرِ فَإِنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَوْمِ الِاعْتِكَافِ مُوَافَقَةً مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ، وَكَذَا فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ قَالَ: لَكِنْ هَذَا غَيْرُ سَدِيدٍ؛ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ مِنْ حَيْثُ الصُّورَةُ إنْ كَانَ بِهَا عِبْرَةٌ فَلَا يَتَأَدَّى الْوَاجِبُ بِهِ، وَإِنْ نَوَى، فَإِنَّ مَنْ نَوَى إقَامَةَ غَيْرِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مَقَامَ مَا وَجَبَ لَا يَقُومُ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا عِبْرَةٌ فَلَا حَاجَةَ لَهُ إلَى النِّيَّةِ كَمَا فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، وَعُذْرُ الصَّوْمِ لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّ بَيْنَ الصَّوْمَيْنِ مُخَالَفَةً مِنْ حَيْثُ سَبَبُ الْوُجُوبِ فَكَانَا جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَلِهَذَا قَالَ هَذَا الْقَائِلُ إنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْوِ بِالرُّكُوعِ أَنْ يَكُونَ قَائِمًا مَقَامَ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ، وَلَمْ يَقُمْ يَحْتَاجُ فِي السَّجْدَةِ الصُّلْبِيَّةِ إلَى أَنْ يَنْوِيَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ بَيْنَهُمَا مُخَالَفَةً لِاخْتِلَافِ سَبَبَيْ وُجُوبِهِمَا. انْتَهَى. فَهَذَا يُصَرِّحُ بِوُجُوبِ النِّيَّةِ فِي إيقَاعِ السَّجْدَةِ الصُّلْبِيَّةِ عَنْ التِّلَاوَةِ فِيمَا إذَا لَمْ تَطُلْ الْقِرَاءَةُ عَلَى مَا هُوَ أَصْلُ الصُّورَةِ كَمَا نَقَلْنَاهُ فِي صَدْرِ هَذَا الْمَنْقُولِ فَلَمْ يَصِحَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ نَقْلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِهَا، وَإِنَّمَا أَوْرَدْنَا تَمَامَ عِبَارَتِهِ لِإِفَادَةِ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ الْفَوَائِدِ؛ ثُمَّ قَالَ: هَذَا كُلُّهُ إذَا رَكَعَ وَسَجَدَ عَلَى الْفَوْرِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى طَالَتْ الْقِرَاءَةُ ثُمَّ رَكَعَ يَنْوِيهَا أَوْ لَمْ يَنْوِهَا فِي الرُّكُوعِ وَنَوَاهَا فِي السُّجُودِ لَمْ تُجْزِهِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ لِفَوَاتِهَا عَنْ مَحِلِّهَا؛ لِأَنَّهَا لِوُجُوبِهَا بِمَا هُوَ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ الْتَحَقَتْ بِأَفْعَالِ الصَّلَاةِ شَرْعًا بِدَلِيلِ وُجُوبِ أَدَائِهَا فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ فِيهَا. وَتَحْصِيلُ مَا لَيْسَ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهَا إنْ لَمْ يُوجِبْ فَسَادَهَا يُوجِبُ نُقْصَانَهَا، وَكَذَا لَا تُؤَدَّى بَعْدَ الْفَرَاغِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ جُزْءًا مِنْ الصَّلَاةِ فَلَا تُؤَدَّى إلَّا بِتَحْرِيمَةِ الصَّلَاةِ كَسَائِرِ أَفْعَالِهَا، وَمَبْنَى الْأَفْعَالِ أَنْ يُؤَدَّى كُلُّ فِعْلٍ فِي مَحِلِّهِ الْمَخْصُوصِ، فَكَذَا هَذِهِ فَإِذَا لَمْ تُؤَدَّ فِي مَحِلِّهَا حَتَّى فَاتَ صَارَتْ دَيْنًا، وَالدَّيْنُ يُقْضَى بِمَا لَهُ لَا بِمَا عَلَيْهِ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ عَلَيْهِ فَلَا يَتَأَدَّى بِهِ الدَّيْنُ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَصِرْ دَيْنًا؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ هُنَاكَ إلَى التَّعْظِيمِ عِنْدَ تِلْكَ التِّلَاوَةِ وَقَدْ وُجِدَ فِي ضِمْنِهِمَا فَكَفَى، كَدَاخِلِ الْمَسْجِدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute