للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاقْضُوا» (وَإِنْ كَانَ أَدْرَكَهُ فِي التَّشَهُّدِ أَوْ فِي سُجُودِ السَّهْوِ بَنَى عَلَيْهَا الْجُمُعَةَ عِنْدَهُمَا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ : إنْ أَدْرَكَ مَعَهُ أَكْثَرَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بَنَى عَلَيْهَا الْجُمُعَةَ، وَإِنْ أَدْرَكَ أَقَلَّهَا بَنَى عَلَيْهَا الظُّهْرَ)؛ لِأَنَّهُ جُمُعَةٌ مِنْ وَجْهٍ ظُهْرٌ مِنْ وَجْهٍ لِفَوَاتِ بَعْضِ الشَّرَائِطِ فِي حَقِّهِ، فَيُصَلِّي أَرْبَعًا اعْتِبَارًا لِلظُّهْرِ وَيَقْعُدُ لَا مَحَالَةَ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ اعْتِبَارًا لِلْجُمُعَةِ،

الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا وَقَالَ «وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا» قَالَ مُسْلِمٌ: أَخْطَأَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ، وَلَا أَعْلَمُ رَوَاهَا عَنْ الزُّهْرِيِّ غَيْرُهُ.

وَقَالَ أَبُو دَاوُد: قَالَ فِيهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَحْدَهُ «فَاقْضُوا» وَنَظَرَ فِيهِ بِأَنَّ أَحْمَدَ رَوَاهُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهِ وَقَالَ «فَاقْضُوا» وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُفْرَدِ فِي الْأَدَبِ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهِ وَقَالَ «فَاقْضُوا» وَمِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهِ نَحْوُهُ، وَمِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ: حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَذَلِكَ، وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ عَنْ أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهِ نَحْوُهُ، فَقَدْ تَابَعَ ابْنَ عُيَيْنَةَ جَمَاعَةٌ، وَبَيْنَ اللَّفْظَيْنِ فَرْقٌ فِي الْحُكْمِ.

فَمَنْ أَخَذَ بِلَفْظِ «أَتِمُّوا» قَالَ مَا يُدْرِكُهُ الْمَسْبُوقُ أَوَّلَ صَلَاتِهِ، وَمَنْ أَخَذَ بِلَفْظِ «فَاقْضُوا» قَالَ: مَا يُدْرِكُهُ آخِرَهَا. قَالَ صَاحِبُ تَنْقِيحِ التَّحْقِيقِ: الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ، فَإِنَّ الْقَضَاءَ هُوَ الْإِتْمَامُ فِي عُرْفِ الشَّارِعِ، قَالَ تَعَالَى ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ﴾ ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ﴾ اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ وُرُودَهُ بِمَعْنَاهُ فِي بَعْضِ الْإِطْلَاقَاتِ الشَّرْعِيَّةِ لَا يَنْفِي حَقِيقَتَهُ اللُّغَوِيَّةَ وَلَا يُصَيِّرُهُ الْحَقِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا صِحَّةُ الْإِطْلَاقِ، وَكَمَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ قَضَى صَلَاتَهُ عَلَى تَقْدِيرِ إدْرَاكِ أَوَّلِهَا ثُمَّ فَعَلَ بَاقِيهَا، وَكَذَلِكَ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ عَلَى تَقْدِيرِ إدْرَاكِ آخِرِهَا ثُمَّ فَعَلَ تَكْمِيلَهَا أَتَمَّ صَلَاتَهُ، وَإِذَا تَكَافَأَ الْإِطْلَاقَانِ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ الْمُدْرَكَ لَيْسَ إلَّا آخِرُ صَلَاةِ الْإِمَامِ حِسًّا وَالْمُتَابَعَةُ وَعَدَمُ الِاخْتِلَافِ عَلَى الْإِمَامِ وَاجِبٌ عَلَى الْمَأْمُومِ، وَمِنْ مُتَابَعَتِهِ كَوْنُ رَكْعَتِهِ رَكْعَتَهُ، فَإِذَا كَانَتْ ثَالِثَةَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَجَبَ حُكْمًا لِوُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ كَوْنُهَا ثَالِثَةَ الْمَأْمُومِ، وَيَلْزَمُهُ كَوْنُ مَا لَمْ يَفْعَلْهُ بَعْدَهُ أَوَّلُهَا.

(قَوْلُهُ: إنْ أَدْرَكَ مَعَهُ أَكْثَرَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ) بِأَنْ يُشَارِكَهُ فِي رُكُوعِهَا لَا بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ. وَلَهُمَا إطْلَاقُ «إذَا أَتَيْتُمْ الصَّلَاةَ» إلَى قَوْلِهِ «وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا» وَمَا رَوَاهُ «مَنْ أَدْرَكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>