(وَلَوْ أَقْطَرَ فِي إحْلِيلِهِ لَمْ يُفْطِرْ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُفْطِرُ، وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ: مُضْطَرِبٌ فِيهِ فَكَأَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَوْفِ مَنْفَذًا، وَلِهَذَا يَخْرُجُ مِنْهُ الْبَوْلُ، وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ أَنَّ الْمَثَانَةَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ وَالْبَوْلُ يَتَرَشَّحُ مِنْهُ، وَهَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ الْفِقْهِ
(وَمَنْ ذَاقَ شَيْئًا بِفَمِهِ لَمْ يُفْطِرْ) لِعَدَمِ الْفِطْرِ صُورَةً وَمَعْنًى (وَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْرِيضِ الصَّوْمِ عَلَى الْفَسَادِ.
(وَيُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَمْضُغَ لِصَبِيِّهَا الطَّعَامَ
دَلِيلِهِ وَنَفَيَاهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَطَرَ فِي إحْلِيلِهِ لَمْ يُفْطِرْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُفْطِرُ، وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ مُضْطَرَبٌ فِيهِ) وَالْإِفْطَارُ فِي أَقْبَالِ النِّسَاءِ، قَالُوا أَيْضًا هُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَفْسُدُ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالْحُقْنَةِ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: فَكَأَنَّهُ وَقَعَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ لَوْ اتَّفَقُوا عَلَى تَشْرِيحِ هَذَا الْعُضْوِ فَإِنَّ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ بِالْإِفْسَادِ إنَّمَا هُوَ بِنَاءً عَلَى قِيَامِ الْمَنْفَذِ بَيْنَ الْمَثَانَةِ وَالْجَوْفِ، فَيَصِلُ إلَى الْجَوْفِ مَا يَقْطُرُ فِيهَا، وَقَوْلُهُ بِعَدَمِهِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِهِ، وَالْبَوْلُ يَتَرَشَّحُ مِنْ الْجَوْفِ إلَى الْمَثَانَةِ فَيَجْتَمِعُ فِيهَا، أَوْ الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ هُنَاكَ مَنْفَذًا مُسْتَقِيمًا أَوْ شِبْهَ الْحَاءِ فَيُتَصَوَّرُ الْخُرُوجُ وَلَا يُتَصَوَّرُ الدُّخُولُ لِعَدَمِ الدَّافِعِ الْمُوجِبِ لَهُ، بِخِلَافِ الْخُرُوجِ، وَهَذَا اتِّفَاقٌ مِنْهُمْ عَلَى إنَاطَةِ الْفَسَادِ بِالْوُصُولِ إلَى الْجَوْفِ. وَيُفِيدُ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ بَعْدُ بَلْ هُوَ فِي قَصَبَةِ الذَّكَرِ لَا يَفْسُدُ، وَبِهِ صَرَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ. قَالَ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ: وَبَعْضُهُمْ جَعَلَ الْمَثَانَةَ نَفْسَهَا جَوْفًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. وَحَكَى بَعْضُهُمْ الْخِلَافَ مَا دَامَ فِي قَصَبَةِ الذَّكَرِ وَلَيْسَا بِشَيْءٍ اهـ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ بَيْنَ ثُبُوتِ الْفِطْرِ بِاعْتِبَارِ وُصُولِهِ إلَى الْجَوْفِ أَوْ إلَى جَوْفِ الْمَثَانَةِ، بَلْ يَصِحُّ إنَاطَتُهُ بِالثَّانِي بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يَصِلُ إذْ ذَاكَ إلَى الْجَوْفِ لَا بِاعْتِبَارِ نَفْسِهِ.
وَمَا نُقِلَ عَنْ خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ فِيمَا إذَا حَشَا ذَكَرَهُ بِقُطْنَةٍ فَغَيَّبَهَا أَنَّهُ يَفْسُدُ كَاحْتِشَائِهَا مِمَّا يَقْضِي بِبُطْلَانِ حِكَايَةِ الِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ الْفَسَادِ فِي الْإِفْطَارِ مَا دَامَ فِي قَصَبَةِ الذَّكَرِ. وَلَا شَكَّ فِي ذَلِكَ، أَلَا تَرَى إلَى التَّعْلِيلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَيْفَ هُوَ بِالْوُصُولِ إلَى الْجَوْفِ وَعَدَمِهِ بِنَاءً عَلَى وُجُودِ الْمَنْفَذِ أَوْ اسْتِقَامَتِهِ وَعَدَمِهِ، لَكِنْ هَذَا يَقْتَضِي فِي حَشْوِ الدُّبُرِ وَفَرْجِهَا الدَّاخِلِ عَدَمَ الْفَسَادِ وَلَا مُخَلِّصَ إلَّا بِإِثْبَاتِ أَنَّ الدَّاخِلَ فِيهِمَا تَجْتَذِبُهُ الطَّبِيعَةُ فَلَا يَعُودُ إلَّا مَعَ الْخَارِجِ الْمُعْتَادِ. وَهُوَ فِي الدُّبُرِ مَعْلُومٌ لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِفَتِيلَةِ دَوَاءٍ أَوْ صَابُونَةٍ، غَيْرَ أَنَّا لَا نَعْلَمُ فِي غَيْرِهِ أَنَّ شَأْنَ الطَّبِيعَةِ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَدْخَلٍ كَالْخَشَبَةِ. أَوْ فِيمَا يَتَدَاوَى بِهِ لِقَبُولِ الطَّبِيعَةِ إيَّاهُ فَتَجْتَذِبُهُ لِحَاجَتِهَا إلَيْهِ. وَفِي الْقُبُلِ ذَكَرْت لَنَا مَنْ تَضَعُ مِثْلَ الْحِمَّصَةِ لِتَسُدَّ بِهَا فِي الدَّاخِلِيِّ تَحَرُّزًا مِنْ الْحَبَلِ أَنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى إخْرَاجِهَا حَتَّى تَخْرُجَ هِيَ بَعْدَ أَيَّامٍ مَعَ الْخَارِجِ. وَاَللَّهُ ﷾ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ) قَيَّدَهُ الْحَلْوَانِيُّ بِمَا إذَا كَانَ فِي الْفَرْضِ، أَمَّا فِي النَّفْلِ فَلَا لِأَنَّهُ يُبَاحُ الْفِطْرُ فِيهِ بِعُذْرٍ وَبِلَا عُذْرٍ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ وَأَبِي يُوسُفَ أَيْضًا، فَالذَّوْقُ أَوْلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute